قومٌ لا يشقى جليسهم
3 يوليو، 2025
منبر الدعاة

بقلم د.إيمان إبراهيم عبد العظيم
مدرس بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر – واعظة بوزارة الأوقاف
و هؤلاء القوم الذين إذا جلستَ معهم لا يثقل قلبك، ولا تتشتت روحك، بل تشعر أن في الدنيا براحًا، و في القرب منهم طمأنينة لا تُشترى.
قوم لا يُشقى بهم جليسهم… لأنهم:
لا يحكمون على ضعفك، بل يلطفونه.
لا يضخمون أخطاءك، بل يذكّرونك برحمة الله.
لا يسحبونك للشكوى، بل يرفعونك بالذكر والدعاء.
و هم الذين ورد ذكرهم في الحديث النبوي الشريف
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ في فضل من يحضرون مجالس الذّكر:
يقول الله لملائكته: (أُشهدكم أَني قد غَفرت لهم، فيَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ). متفق عليه
* فمن حَبس نفسه لسماع ذكر الله تعالى نال مغفرة الله من غيرِ جهد ولا مشقة، والمحروم من حُرم فضل الله؛ حتى من حضر لا لقصد الذّكر؛ فإنه ينال ما ناله أهل الفضل لنزول الرّحمة على مجالس الذّكر.
فدل هذا على أن الجليس الصالح يَعم خيره إلى غيره فضل من الله تعالى لهؤلاء الأخيار “هُم القوم لا يشقى جليسهم. يشير إلى أن هناك أقوامًا أو جماعات يكون مجالستهم مريحة ومفيدة ولا تسبب الشقاء أو الضيق لمن يجالسهم. هذا يعني أنهم يتميزون بصفات حميدة وأخلاق عالية تجعل مجالستهم ممتعة ومثمرة.
شرح الحديث:
“هم القوم”:
تعني هذه الجماعة أو المجموعة من الناس التي يتميز أفرادها بصفات معينة.
و معنى عبارة “لا يشقى جليسهم”:
تعني أن من يجالس هذه الجماعة لا يشعر بالضيق أو التعاسة أو الملل أو أي مشاعر سلبية نتيجة مجالستهم. بل على العكس، يشعر بالراحة والسعادة والاطمئنان.
صفات هذه الجماعة:
قد تكون هذه الجماعة من أهل العلم، أو من أهل الذكر، أو من أهل الصلاح والتقوى، أو من أصحاب الأخلاق الحسنة. المهم أن مجالستهم لا تجلب إلا الخير والبركة.
الأثر الإيجابي:
مجالسة هذه الجماعة لها أثر إيجابي على الفرد والمجتمع، حيث تنشر الخير وتعزز الأخلاق الحميدة وتدعو إلى الفضيلة.
أهمية الحديث:
الحث على مجالسة الصالحين:
يحث هذا الحديث على البحث عن صحبة الأخيار و مجالستهم، لما في ذلك من خير وبركة.
و في هذا الحديث تحذير من مجالسة الأشرار و أهل السوء وأصحاب الأخلاق السيئة، لما في ذلك من ضرر وفساد.
و القوم الذين لا يشقى جليسهم هم:
* الذين لا يعكرون قلبك، بل يُنبتون فيه النور.
* هم الذين يحملون السلام لا الضجيج، الصدق لا المجاملات، السكينة لا العُقد.
* تكون مجالستهم عبادة، وكلامهم دواء، و صحبتهم زاد.
* هؤلاء القوم ليسوا مثاليين، لكنهم موصولون بالله، فأصلحهم الله، فأصلحوا من حولهم.
فاسعَ أن تكون منهم، ولا تحرم نفسك من صحبتهم…
فالعُمر أقصر من أن نقضيه في مجالس تسرق أرواحنا.
* هم قوم بأخلاقهم الحسنة يساهمون في بناء مجتمع سليم ومترابط.
اللهم زدنا من فضلك.