الهجرة عامٌ جديدٌ بأمل جديد
26 يونيو، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الدكتور الشيخ: عبدالرحمن شريف رضوان
إمام وخطيب بديوان عام وزارة الأوقاف المصرية
هذا الأمل الذي عاش به رسول الله طوال حياته، فحينما ننظر إلى حال المُصطفى – صلى الله عليه وسلم – قبل الهجرة بقليل، وتقييم واقع المسلمين الأُول تكادُ ترى عجبًا، ترى واقعًا تُسكب من أجله العَبراتُ، واقعًا كالموت أو في طعمه.
لقد عاش هؤلاء الكرام مع نبيهم ثلاث عشرة سنة من الخوف والألم والتعذيب والتنكيل، رأى المسلمون فيها ألوانًا شتّى من الهوان وصنوفًا من الإذلال، حتى قالوا لرسول الله: يا رسول الله!
ألا تستنصر لنا؟
فيقول رسول الله مبشرًا إياهم، باعثًا الأمل في قلوبهم: “واللهِ! ليتمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا اللهَ أو الذئب علي غنمه، ولكنكم تستعجلون” [أخرجه البخاري].
ثلاثُ سنوات كاملة، والعدو يمعن في الحصار، والله يهيئ لرسول وصحابته أرحب دار وقرار، ويقول حتى في أحلك الظروف:” إنَّ الله جاعلٌ لِما ترى فرَجًا ومخرجًا، وإنَّ الله ناصرٌ دينَه ومُظهرٌ نبيَّه” [زاد المعاد].
بعد كل هذه الأحداث الجسام وغيرُهُا الكثير والكثير، التي تفتُّ في عضُد الجبال الراسيات، لا الرسول البشري الذي يحزن ويتألم، كيف لهم أن يصبروا على هذا الأذى الجسديّ والتفسيّ معًا إلا إذا كانوا أصحاب غاية وهدف نبيل يصبون إليه، كيف لهم أن يكونوا ذوي جَلدٍ لولا وجودُ الأمل، فلولا الأملُ ما كان أحدٌ يتخيل أن هذا الدين الذي بدأ برجل واحد يؤمن به اليوم نحوُ ملياري مسلم جميعهم يحملون نفس الفكرة إلا ما ندر، واسمُه تردده المآذن في كل وقت وفي كل حين “أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله ..”
ولله درُّ سيدنا حسٌّان بن ثابت؛ إذ يقولُ:
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ * مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ ·
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ*** إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ ·
وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ * فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ.
من كان يتخيل كل هذا لولا وجود الأمل، ولولا حسنُ الظن بالله!
إذا ضاقَتْ فبابُ الله رحْبٌ * ومـا خـابَ الذي لله آبا
متىٰ ما استحكَمَتْ قُل يا رحيمًا * يُفرِّجهــا ويمنحُكَ الثوابا
وأحسِن بالكريم الظَنَّ دومًا * تجِدْ من لُطْفِــهِ العجَبَ العُجابا
وقُل يا صاحب الألطافِ إني*** علـىٰ الضَّـرَّاءِ أحتَسِـبُ احتســابا