الحج وتهذيب القوى ـ عشر حقائق علمية عن الحج
28 مايو، 2025
منبر الدعاة

بقلم الشيخ : عوض مصطفى
نقدم فيما يلي أهم عشر حقائق علمية عن الحج وأسراره وفوائده ولابد لكل مسلم من معرفتها
1- يؤكد علماء البرمجة اللغوية العصبية أن الذي يُنهك قوى الإنسان هو كثرة الهموم والمشاكل التي يتعرض لها في حياته، وأن أفضل طريقة لإعادة التوازن له هو أن يفرّغ هذه “الشحنات السلبية” المتراكمة بفعل الأحداث التي يمر بها. وعملية التفريغ هذه ضرورية ليتمكَّن الإنسان من العيش حياة أفضل وليستطيع استثمار طاقاته بشكل أفضل، والحج هو أفضل وسيلة لتحقيق ذلك، يقول تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)[الحج: 28].
2- إن رحلة الحج من أفضل الرياضات على الإطلاق، ففيها رياضة المشي ورياضة التأمل ورياضة الخشوع، وجميع هذه الأنواع مفيدة للجسد، وتؤكد بعض الدراسات الإسلامية أن رحلة الحج تزيد من قوة النظام المناعي للجسم وتمنح المؤمن مزيداً من القوة والصحة، وسبحان الله القائل: (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 33].
3- في آية عظيمة هناك إشارة إلى كروية الأرض وأنها ليست مستوية، فقد أمر الله سيدنا إبراهيم أن ينادي الناس ليلبوا النداء ويأتوا للحج، فقال: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الحج: 27]. والإعجاز يتجلى في قوله تعالى: (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) لم يقل (من كل فج بعيد)، فكلمة (عَمِيقٍ) تدل على وجود أعماق مختلفة على الأرض، وهذا يعني أن الأرض كروية… فسبحان الله!
4- يقول العلماء إن المشي والمشي السريع من أهم الأعمال للوقاية من كثير من الأمراض على رأسها أمراض القلب والكوليسترول والسكري وارتفاع ضغط الدم والبدانية، وهذه أمراض العصر. ولو تأملنا رحلة الحج نجدها مليئة بالفوائد الطبية فهي علاج وشفاء ومتعة للجسد والروح، ولذلك قال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]، إن منافع الحج الطبية لا تُحصى، فكيف بمنافعه الروحية؟
5- صورة حقيقية لحجر من اللؤلؤ وفي داخله صورة للكعبة المشرفة، ويعود تاريخ تشكل هذا الحجر كما يقول العلماء إلى 30 مليون سنة (أي قبل وجود الإنسان على الأرض)، وكأن الله تعالى يريد أن يعطينا إشارة إلى أن البيت الحرام فعلاً هو أول بيت وضع للناس يقول تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) [البقرة: 96].
6- إن أداء مناسك الحج بشكل تام يمنح المؤمن طاقة غريبة ناتجة عن الاشتغال بأعمال الحج، فهنالك أعمال مستمرة تشمل الطواف والسعي بين الصفا والمرة والصلاة ورمي الجمرات والوقوف بعرفة والتنقل بين أماكن مختلفة أثناء أداء هذه الأعمال، ولذلك يشعر الحاج بطاقة كبيرة تتولد في داخله بسبب تعدد الأماكن وتعدد أنواع العبادات وكثرة الناس الذين يلتقي بهم. وكأن الحج هو “فرمتة” للنفس البشرية، ولذلك قال النبي الكريم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) [متفق عليه].
7- تعتبر بئر زمزم أقدم بئر في العالم، وقد ثبُت طبياً أن ماء زمزم خال تماماً من أي فيروسات أو بكتريا أو كائنات دقيقة، وثبُت أيضاً أن هذا الماء يشفي من الأمراض المستعصية، بل إن هنالك دلائل تشير إلى أن ماء زمزم يحوي طاقة أكبر من الماء العادي، وربما تعجز الصفحات عن سرد قصص كثيرة لأناس يئس الطب من شفائهم، وعندما جاؤوا للحج أو العمرة وأخلصوا النية وشربوا من هذا الماء بقصد الشفاء شفاهم الله تعالى! ولذلك يمكن القول بأن رحلة الحج كلها شفاء. قال صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شُرب له) [رواه ابن ماجة].
8- صورة لجزيئة ماء عرضها العالم الياباني “ماسارو إموتو” حيث يقول: إن ماء زمزم يتميز بوجود طاقة شفائية تعالج الأمراض، وقد أثبتت الدراسات أن ماء زمزم عندما تُتلى عليه آيات من القرآن تزداد الطاقة الشفائية لهذا الماء ويتغير انتظام جزيئاته. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شُرب له) [رواه ابن ماجة]، فهل نغتنم موسم الحج ونتزود شيئاً من هذا الماء المبارك؟
9- يؤكد العلماء أن التأمل يعالج اضطرابات القلق بشكل أساسي. إن التأمل هو إستراتيجية رائعة لتنظيم عمل الجسم والقضاء على مختلف الاضطرابات النفسية والعصبية. إن رياضة التأمل تحسن القدرات العقلية وتكسب الجسم قدرة أفضل على النوم براحة تامة، ويزيد القدرة على الإبداع والقدرة على حل المشاكل، وزيادة النشاط العصبي للدماغ، كذلك فإن التأمل يزيد إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ والتي تؤدي إلى إطالة العمر. والذي يعيش رحلة الحج يلاحظ أنها رحلة مليئة بالتأمل والتفكر ومحاسبة النفس والدعاء إلى الله تعالى، ولذلك قال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]، فهل ندعو الله أن يرزقنا الوقوف في عرفات ونتأمل هذا المشهد الرائع؟
10- الرقم سبعة له دلالات في مناسك الحج، فنحن نطوف حول البيت سبعاً، ونسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ونرمي إبليس بسبع حصيات… ونتوجه في صلاتنا إلى القبلة، والعجيب أن (القبلة) ذُكرت في القرآن سبع مرات أيضاً!!! وهذه هي الآيات السبع:
1- (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) [البقرة: 142].
2- (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) [البقرة: 143].
3- (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) [البقرة: 144].
4- (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة: 145].
5- (وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) [البقرة: 145].
6- (وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ) [البقرة: 145].
7- (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) [يونس: 87]. فسبحان الله!
للحج مجموعة من الحِكم والمقاصد؛ أهمها: التحقق بعبودية الله تعالى؛ بالامتثال لأمره، وإخلاص العبادة له، وتعظيم شعائره، وإقامة ذكره، والاستعداد للآخرة وتذكرها، والتحلي بمكارم الأخلاق، وتقرير مبدأ المساواة بين عامة المسلمين، وتدريب المسلم على علوِّ الهمة وقوة العزيمة.
والحمد لله على نعمة الإسلام…
لِنَحْيا الشريعة…باغتنام الصالحات في مواسم الخيرات
والتعرُض للنفحات في مواسم الخيرات يكون بأمرين : تكثير الحسنات ، ومجانبة السيئات، وهذا هو معنى تحصيل التقوى في قوله تعالى عقب الأمر بالصيام ( {لعلكم تتقون} )..وهو معنى التزود بالتقوى خلال أعمال الحج في قوله تعالى : {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب} [ البقرة /197] .. وهكذا من تدبر حديث القرآن عن مباني الشريعة كلها وجدها تربط بين ركيزتي التقوى : وهما عمل الصالحات واتقاء السيئات… وبتعبير آخر : تحصيل شُعَب الإيمان..ومجانبة شُعَب النفاق والعصيان. فعمل الصالحات جاء مقترنًا بالإيمان في عبارتي : ( {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} ) و ( { من آمن وعمل صالحا} ) قريبًا من مئة مرة في القرآن .و أعلى الصالحات (لا إله ألا الله) ..وادناها إماطة الأذى عن الطريق ، فهذه الصالحات ليست شيئًا آخر غير العمل بالمستطاع من مجموع شُعب الإيمان وتفريعات الشريعة التي أمر الله باتباعها في قوله تعالى : ( {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُون} )َ [الجاثية/18] . . وعلى هذا تكون مواسم الخيرات معيارًا لقياس قدر تلك الشريعة ومراتبها في قلوبنا (إيمانًا وإسلامًا وإحسانًا) ..ومضمارًا للسباق في اغتنام المستطاع من شُعَبها عقيدة وعبادة وسلوكا…وهي أيضا ميزان لحقيقة رضانا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً… واستعْرِض – لوشِئت – ” خريطة شُعَب الإيمان ” – في الحلقة الثالثة من هذه السلسلة – فقد أراد من أعدها ورصدها من العلماء السابقين ، أن نعرض عليها أعمالنا في كل حين ، لتعلم اين نحن من الشريعة.. وأين الشريعة منا .. (ملحوظة) هذه السلسلة لم تكتمل بعد..ولعلي أكملها وأنشرها في رسالة صغيرة بإذن الله.. بارك الله لنا ولكم في الشهر الفضيل…وأعاننا وإياكم فيه على عمل الصالحات..وضاعف لنا ولكم فيه الحسنات ومحا السيئات.. وكل عام وانتم ومن تحبون إلى الله أقرب..و على الطريق الأصوب..
المسلم لا يحج وحده وإنما يحج معه الملايين من حوله. فلابد من ضبط سلوكه وعدم سيره خلف شهوته وهواه. إن الإنسان تتوفر فيه قوتان، قوة شهوانية، وقوة غضبية، والمسلم في الحج يجاهد نفسه في معالجة القوتين – الشهوانية والغضبية- من خلال قوله سبحانه: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:197] {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} تهذيب للقوة الشهوانية. {وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} تهذيب للقوة الغضبية. وذلك أن المسلم لا يحج وحده وإنما يحج معه الملايين من حوله. فلابد من ضبط سلوكه وعدم سيره خلف شهوته وهواه. والحاج الذي أزال شعره لابد أن يزيل علائق الجاهلية من أفعاله، فيرجع مغفور الذنب كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (رواه البخاري ومسلم) اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام
وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (اتق المحارم تكن أعبد الناس)
الجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، فطريق الجنة ليس سهلًا، وإنما هو طريق صعب محفوف بالمكاره والمحرَّمات؛ لأن ثمراته عظيمة جدًّا؛ هي السعادة الأبدية في دار الخلود. عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يأخذ عني هؤلاء الكلماتِ، فيعمل بهن، أو يُعلِّم مَن يعمل بهن، -قلت: أنا يا رسول الله-، فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا، فقال: اتَّقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحْسِنْ إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تُكْثِرِ الضحك؛ فإن كثرة الضحك تُميت القلب»؛ (أخرجه الترمذي). قيل في تعريف الحرام: ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا، وهو ضد الحلال، ويُؤجَر العبد على اجتنابه إذا تركه امتثالًا لله سبحانه، وليس لخوفٍ أو حياء أو عجزٍ عن فعله، وجاء ذكر الحرام في القرآن على ثلاثة أوجه؛ أولها: المنع؛ ومنه قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} [القصص: 12]، وثانيها: التحريم؛ ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]، وثالثها: الشرف؛ ومنه قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97]. أيها الإخوة والأخوات، الله يبتلي عباده بهذه المحرَّمات حتى ينظر كيف يعملون؛ قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 – 3]، وقال صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتِ الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات»؛ (رواه ابن حبان)، فالجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، فطريق الجنة ليس سهلًا، وإنما هو طريق صعب محفوف بالمكاره والمحرَّمات؛ لأن ثمراته عظيمة جدًّا؛ هي السعادة الأبدية في دار الخلود. يا شبابًا، ويا فتياتٍ، أعْبَدُ الناس من اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهَدْيَه، وأخلص لله سبحانه، وأعبد الناس من استطاع أن يمنع نفسه عن المحرمات والمنكرات؛ فإن فِعْلَ الطاعات والنوافل قد يسهُل لكثير من الناس، ولكن فعل الطاعات وترك المنكرات لا يسهل إلا للصادقين العابدين، وحتى نتقيَ الله ونكون من أعبد الناس، علينا الآتي: • ألَّا نيأس من رحمة الله؛ فالخطأ وارد، ويقع فيه كثير من الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون»؛ (أخرجه الترمذي)، لكن علينا المبادرة إلى التوبة وترك المعاصي. • الإكثار من الدعاء، والذِّكر، والاستغفار، والتقرب إلى الله بكثرة الطاعات؛ لأنها تساعد على الثبات على طاعة الله؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. • الحرص على إقامة الصلاة وأدائها في أوقاتها وفي المسجد، مع الحرص على تطبيق أركانها وواجباتها وسُنَنِها؛ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]. • قراءة القرآن ومدارسته، وحفظه وفهم معانيه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]. • البعد عن أصحاب السوء، وأصحاب المنكرات؛ فإنهم والشيطان عون لك على فعلها. • حضور مجالس العلم والعلماء؛ فإنها من وسائل الثبات على طاعة الله. • البعد عن مواطن الشبهات، التي تُقام فيها المعاصي والمنكرات؛ فإن كثرة الورود إليها يجعل القلب يتعلق بها. • البعد عن المواقع والتطبيقات الإلكترونية التي تُنشر فيها الرذيلة والمعاصي، واستبدل بها مواقع طيبة وطاهرة. • التخلص من ذكريات الماضي، سواء كانت صورًا، أو مقاطعَ، أو هدايا، أو رسائلَ، أو كتبًا؛ حتى لا نُصابَ بالحنين إليها. • مساعدة الناس والضعفاء، وجبر الخواطر والعمل التطوعي، كلها من الأسباب التي تُرقِّق القلوب، وتقرِّبك إلى الله. • التوبة النصوح، والصدق مع الله، والإصرار على ترك المعصية، والتفكير الدائم في ثواب التائبين العائدين إلى الله؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم: 8]. أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكل خير، وأن يُعيننا على اغتنام أوقاتنا وأعمارنا، وصحتنا وشبابنا، فيما ينفعنا، وأن يجعلنا من المتَّبعين لهَدْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.
آيات ورد فيها “الحج”
• وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا … أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن … يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ … ﴿١٩٦ البقرة﴾
• الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٧ البقرة﴾
• وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣ التوبة﴾
• إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴿١٥٨ البقرة﴾
• يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٨٩ البقرة﴾
• فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٩٧ آل عمران﴾
• وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴿٢٧ الحج﴾
مع القرآن – {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}
والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبرورًا محرم حاج ولا يستغني عن سيجارته! محرمة حاجة وترتدي الضيق ويظهر من جسدها ما لا يحل! مشاكس معاند ضيق الصدر مع كل من حوله ويتحجج بالإرهاق أثناء أداء المناسك كأنه يحج وحده والمفترض أن كل من حوله خدم له! لا يتوقف عن الجدال والشقاق في كل كبيرة وصغيرة! للأسف البعض ينسى نفسه ويطيل النظر بل قد يصل الأمر إلى قصد الاحتكاك بالنساء في شدة الزحام. يا هذا: لا يحل لك مداعبة زوجتك وأنت محرم فما بالك بنساء الناس. وإن كنت أعزبًا فتعفف فهذا موضع الغفران وغسل الذنوب؛ فتفقد قلبك. حسد وحقد وغل يكتنف بعض الأنفس، والسبب: هذا يحج في درجة سياحية، وهذا يقيم في مخيم مكيف مجهز بأعلى التجهيزات، وهذا، وهذا، والخلاصة: يا هذا: ليس وقت هذا. قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:197]. قال العلامة السعدي رحمه الله: “يخبر تعالى أن {الْحَجَّ} واقع في {أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} عند المخاطبين، مشهورات، بحيث لا تحتاج إلى تخصيص، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره، وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس. وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم، التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم. والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبًا. {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} أي: أحرم به، لأن الشروع فيه يصيره فرضًا، ولو كان نفلًا. واستدل بهذه الآية الشافعي ومن تابعه، على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، قلت لو قيل: إن فيها دلالة لقول الجمهور، بصحة الإحرام (بالحج) قبل أشهره لكان قريبًا، فإن قوله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ دليل على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها، وإلا لم يقيده. وقوله: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج، وخصوصًا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه، من الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصًا عند النساء بحضرتهن. والفسوق وهو: جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام. والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة. والمقصود من الحج، الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنه بذلك يكون مبرورًا والمبرور، ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج. واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر، ولهذا قال تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} أتى بـ(من) لتنصيص على العموم، فكل خير وقربة وعبادة، داخل في ذلك، أي: فإن الله به عليم، وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير، وخصوصًا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة، فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها، من صلاة، وصيام، وصدقة، وطواف، وإحسان قولي وفعلي. ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك، فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين، والكف عن أموالهم، سؤالًا واستشرافًا، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين، وزيادة قربة لرب العالمين، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع. وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه، في دنياه، وأخراه، فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجلّ نعيم دائم أبدًا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى. ثم أمر بها أولي الألباب فقال: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ} أي: يا أهل العقول الرزينة، اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول، وتركها دليل على الجهل، وفساد الرأي.
أسباب النزول – سبب نزول قوله تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
أناساً من اليمن كانوا يحجون ولا يحملون معهم طعاماً، ويقولون: نحن متوكلون على الله، وهذا لا يصلح فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل» الآية السابعة والتسعون بعد المائة: قال الله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة:197]. روى البخاري عن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فأنزل الله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} يعني: أن أناساً من اليمن كانوا يحجون ولا يحملون معهم طعاماً، ويقولون: نحن متوكلون على الله، وهذا لا يصلح فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل»، ومن التوكل: الأخذ بالأسباب، كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كان يتزود لسفره عليه الصلاة والسلام، ولذلك جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمه الله وقال له: إني حاج، فقال له: تزود، قال: إني متوكل، قال له: إذاً اخرج وحدك، فقال: لا، بل أخرج مع القوم، قال له: إذاً أنت متوكل على أزواد القوم. يعني: أنت لست متوكلاً على الله تعالى، وإنما متوكل على طعام القوم وشرابهم.
التقوى – المقصود الأعظم من العبادات تحقيق التقوى في القلوب
ليس المقصود من الحج تلك الأعمال فقط، وليس المراد مجرد إتعاب البدن أو بذل المال، إنما المقصود الأعظم هو تحقيق التقوى، وما يحصل في القلب ويقوم به من معاني العبودية والخضوع والانقياد لأمر الله وتعظيم شعائره. يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد آل الشيخ بعد أن تحدث عن أعمال الحج: “ليس المقصود من الحج تلك الأعمال فقط، وليس المراد مجرد إتعاب البدن أو بذل المال، إنما المقصود الأعظم هو تحقيق التقوى، وما يحصل في القلب ويقوم به من معاني العبودية والخضوع والانقياد لأمر الله وتعظيم شعائره، يقول الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، ويقول جل وعلا: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 197]، ويقول كما في صحيح مسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم} [مجلة البحوث الإسلامية، الرياض، العدد، 59، ص 14]. وينبغي للعبد إن أمر بالتقوى أن يخفزه ذلك إلى الاندفاع إلى العمل بطاعة الله، وترك معصيته، وهذا منهج قرآني واضح المعالم، فالقرآن أمر بتقوى الله، ثم نهى عما بقي من الربا، وفي آية أخرى نهى عن أكل الربا أضعافاً مضاعفة ثم أمر بتقوى الله عز وجل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا} [البقرة: 278]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}