فضل العشر من ذي الحجة

بقلم فضيلة الشيخ : مخلف العلي القادري الحذيفي
خادم الطريقة القادرية البريفكانية العلية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

 

يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي الحكيم في النوادر والطبراني في الأوسط : عن مُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيِّ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( إِنَّ لِرَبِّكُمْ في أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ فَتَعَرَّضُوا له لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ منها فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا )) .

وإننا أقبلنا على نفحة عظيمة من نفحات ربنا عز وجل وهي أيام العشر من ذي الحجة ، هذه الأيام المباركة التي أقسم الله تعالى بها في كتابه العظيم والله لا يقسم إلا بالعظيم فقال الله عز وجل في سورة الفجر : (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) .

وقال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الشريف الذي رواه الإمام احمد في مسنده وأبو داوود وابن ماجه عَنِ بن عَبَّاسٍ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ الي اللَّهِ عز وجل من هذه الأَيَّامِ يعني أَيَّامَ الْعَشْرِ قال قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ قال وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ إلا رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لم يَرْجِعْ من ذلك بشيء )).

فأي فضل أعظم من هذا الفضل

وعلى هذا فحريٌ بكل مسلم أن يغتنم الخير والعمل الصالح في هذه الأيام المباركة وأن يستقبل هذا الموسم الطيب بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )

وينبغي أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ، ويجب عليه أن يحذر من الوقوع بالمعاصي في هذه الأيام المباركة والنفحات الربانية لن لها حرمة عند الله تعالى ولها مكانة وفضل علمه من علم وجهله من جهل وقد ورد في فضلها أخبار وآثار وهي :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « مَا مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامٌ، أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ وَإِنَّ صِيَامَ يَوْمٍ فِيهَا لَيَعْدِلُ صِيَامَ سَنَةٍ، وَلَيْلَةٍ فِيهَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ» ابن ماجه والترمذي، قال ابن عباس رضي الله عنهما والعمل فِيهِنَّ يُضاعَفُ بسبعمائة )) في سنده ضعف

وعن مجاهد رضي الله تعالى عنه قال : العمل في العشر يضاعف.

عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالت:كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدع صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر )) رواه أحمد في المسند 6/287 والنسائي

قال ابن عباس رضي الله عنهما لا تُطْفِئوا سُرُجَكُم – مصابيحكم – لياليَ العشر ))

وعن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : أفضل أيام الدنيا أيام العشر ‘ – يعني عشر ذي الحجة – قيل : ولا مِثْلُهُنَّ في سبيل الله ؟ قال : ولا مِثْلُهُنَّ في سبيلٍ الله إلا من عُفِّرَ وَجْهُهُ بالتراب )) سنده حسن أخرجه البزار 3/35

قال ابن عمر : (( ليس يومٌ أعظمُ عند الله من يومِ الجمعةِ لَيْسَ العَشْر )) لطائف لمعارف 867

قال كعب : (( اختارَ الله الزمان فأحبُّ الزمانِ إلى الله الأشهر الحُرُم وأحبُّ الأشهر الحُرُم إلى الله ذو الحجة ، وأحبُّ ذي الحجة إلى الله العَشْرُ الأوَّلُ )) لطائف المعارف 467

واعلم أن لهذه الأيام فضائل وخصائص ليست لغيرها من الأيام ومن هذه الخصائص:

أولاً: قسم الله بها: وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، لأن العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة،

ثانياً:أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره: قال تعالى:( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) وهذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة.

ثالثاً: هي أفضل أيام الدنيا: عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب. رواه البزار وابن حبان

رابعاً: فيها يوم عرفة : ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، وهو سيد الأيام وأفضلها ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً.

خامساً: أن فيها يوم النحر : وهو من أفضل أيام السنة أيضاً، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم :أعظم الأيام عند الله يوم النحر. رواه أبو داود والنسائي .

سادساً:اجتماع أمهات العبادة فيها :قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره. ويستحب للمسلم أن ينوع العبادة ويكثر منها في هذا الموسم العظيم ومن أهم هذه الأعمال هي:

• المحافظة على الفرائض: قال تعالى في الحديث القدسي : (( ما تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ ما افْتَرَضْتُ عَلَيْه )).

• المواظبة على الجماعة : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفَذِّ الواحد بسبعٍ وعشرين درجة ))

• قيام الليل : بعد العشاء ، إلى قبيل الفجر قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر )) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه : (( لا تٌطـفِـئـوا سُرَجَكُم- مصابيحكم – لياليَ العشر )).

• صيام النهار :قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة )) .

• عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالت : (( كانَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يَدَعُ صِيَامَ عاشوراء ، والعشر وثلاثة أيام من كل شهر ))

• أكثر من ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((فأكثروا فيهن – العشر من ذي الحجة – من التهليل والتكبير والتحميد )) قال سيدنا أبو بكر لسيدنا عمر رضي الله تعالى عنهما : (( ذهب الذاكرون بكُل خيرٍ ، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أجلْ ))
وكان أبو هريرة وابن عمررضى اله عنهما : يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما واستحب أحمد والشافعي وغيرهم : رَفع الصوت بالذِّكْرِ لِيَتَذَكَّرَ الناس، وليكثر الإنسان من شواهد الحق عليه لقوله تبارك و تعالى : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) ولقول الرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد

• الدعاء لنفسك وللمؤمنين بخيري الدنيا والآخرة: قال أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه عن الأيام العشر من ذي الحجة ))لا يُرَدُّ فِيـهِـنَّ الدعـاء ))

• الإكثار من صلاة النوافل لكونها من أفضل القُربات إلى الله تعالى.

• ذبح الأضاحي لأنها من العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق .

• الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية .

• أداء العمرة لما لها من الأجر العظيم ولاسيما في أشهر الحج.

 

• زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة وهي من الأعمال الصالحة .

 

وفقني الله تعالى وإياكم لاغتنام هذه الأيام المباركة امين

اترك تعليقاً