الجولة الوهابية الثانية (الحملة الوهابية الثانية)

اعداد الاستاذ / سيد حسن

المقال السادس من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )
كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب

بعد الصدمة المصرية أخذ الوهابيون يستعيدون أنفاسهم وبدأوا تحركاً في منطقة الإحساء، حيث انضم إليهم رحمة بن جابر ضد الخوالد. وبرز تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ابن أخي عبد العزيز وحفيد محمد بن سعود صاحب محمد بن عبد الوهاب، الذي فرّ من وجه إبراهيم باشا وراح يجوب البوادي داعياً العربان إلى الالتفاف حوله ، فاسترد الرياض سنة ١٢٣٥هـ / ١٨٢٠م.

وأخذ تركي يراسل أمراء الخليج لتجديد البيعة له وتأكيد الولاء . ولكن الخوالد قضوا على رحمة بن جابر ثم توجهوا إلى السعوديين للقضاء عليهم، فأخذ تركي يستجمع القبائل للتصدي واستطاع أن يلحق هزيمة بالخوالد في معركة السيبة في ٢٣ آذار ١٨٣٠م /١٢٤٥هـ.

وفي سنة ١٢٧٦ في عهد فيصل بن تركي استأنف الوهابيون نشاطهم الحربي فتوجه عبد الله بن فيصل لقتال مجموعة من عرب العجمان في الوفراء وجرت معركة بين الفريقين قتل فيها من العجمان أربعون فارساً ، فانسحب العجمان إلى قرية الجلاء بالقرب من كاظمة حيث التقوا بحشود أخرى من العجمان ، فارتحل عبد الله بن فيصل إلى «فلح» فهاجمه العجمان في العاشر من رمضان وكانت ملحمة كبيرة قتل فيها عدد من الفريقين، وقدر عدد من قتل من الوهابيين بثلاثة أرباع القتلى جميعاً.

وفي السنة الثالثة كانت معركة الطلعة بين الفريقين حيث قتل حسب ما يرويه ناصر السعيد ألف وخمسائة من العجمان وثلاثة آلاف من الوهابيين.

وفي عهد عبد الله بن فيصل ، كانت في عام ١٢٨٦هـ / حوالي ١٨٦٩م جولة عنف مارسها الوهابيون، لاسيما في وادي الدواسر في منطقة نجد حيث تقوم الدرعية نفسها فهدموا البيوت وأحرقوا الأشجار وردموا الآبار بعد أن قتلوا حوالي ثلاثة آلاف شخص ، هذا بالإضافة إلى ما حملته الذاكرة الشعبية من تقطيع أطراف الناس بمن فيهم الأطفال وتركهم يموتون موتاً بطيئاً .

وفي سنة ١٢٨٧هـ / ۱۸۷۹م قرر العجمان الانتفاضة فتحركوا في شهر رجب في منطقة الإحساء ضد حكم عبد الله الفيصل وانضم إليهم سعود الفيصل شقيق عبد الله ، فسيطروا على المنطقة المذكورة سيطرة تامة، عند ذلك أمر عبدالله الفيصل أخاه محمداً أن يزحف بحشوده من حاضرة نجد وباديتها لمهاجمة العجمان وزحف العجمان باتجاه الرياض والتقى الفريقان عند ماء يقال له وجودة غرب الإحساء وذلك يوم ۲۷ رمضان ۱۲۸۷ ، فقتل من جموع آل سعود تسعمائة بين فارس وراجل حسب ما يذكره ناصر السعيد ، وأسر القائد محمد بن فيصل آل سعود.

وعند سماع عبد الله بن فيصل بأخبار الهزيمة هرب إلى جبل شمر ، ولكن وفداً من قحطان النقاء في شوال وشد من عزيمته فعاد إلى الرياض . وفي شهر محرم خرج العجمان من الإحساء ومعهم سعود الفيصل وقصدوا الرياض ، فلما اقتربوا منها هرب عبد الله الفيصل مرة أخرى وأرسل أمتعته وأمواله بحماية سرية لينقذها ، فالتقى العجمان تلك السرية وقتلوا العدد الأكبر من أفرادها وانتزعوا ما معها.

وفي ربيع الأول سنة ۱۲۸۸ هـ دخل العجمان الرياض وولوا عليها سعود الفيصل آل سعود . وبعد سعود تولى الحكم أخوه عبد الرحمن والد عبد العزيز وجد الملوك الحاليين . ولكن أولاد أخيه سعود الفيصل انتفضوا عليه وطردوه من الرياض فالتجأ إلى أخيه عبد الله اللاجىء في ديار عتبة . واستغل عبد الله اضطراب الأحوال فتحرك مع عدد من العربان إلى الرياض فاحتلها . ولكن محمد بن سعود الفيصل هاجمه واحتل الرياض وسجنه . وكان عبد الله قد استنجد بابن رشيد أمير حائل فوصل هذا بعد انتهاء المعركة ففر محمد بن سعود وأخرج ابن رشيد عبد الله الفيصل من السجن ولكن لم يسلمه الحكم بل أعاده إلى عبد الرحمن بعد أ أن عين من قبله مندوباً يراقبه هو سالم السبهان .

ولكن عبد الرحمن ما لبث أن سجن ابن السبهان ، فعلم ابن رشيد بالأمر فتحرك باتجاه الرياض ففر عبد الرحمن بأهله سنة ۱۳۰۹ ، وانتهى به التطواف إلى أن استقر في الكويت، فخصصت له الدولة العثمانية راتباً بلغ ستين ليرة عثمانية في الشهر ، ولكن أمير الكويت قطع عنه المرتب وعاش في شدة وضيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *