في سلامة الصدر صدق الاقتداء بالنبي ﷺ

بقلم الشيخ : أحمد عزت حسن( الباحث فى الشريعة الإسلامية )

أما نبيُّنا محمد ﷺ فقد منَّ الله عليه بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس؛ فقال سبحانه: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ . وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ . الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ . وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح:١-٤].

ففي سلامة الصدر: صدق الاقتداء بالنبي ﷺ الذي كان أسلم الناس صدرًا، وأطيبهم قلبًا، وأصفاهم سريرة، وشواهد هذا في سيرته كثيرة؛ فلقد أوذي ﷺ أشدَّ ما تكون الأذيَّة في سبيل تبليغ دعوته للناس أجمعين، وما منعه أن ينتقم من أعدائه حين مكنه الله منهم إلا أنه سليم الصدر؛ يحب الخير لأمته، ويكره لها السوء والبلاء.

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ أنها قالت للنبي ﷺ: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملَك الجبال، فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي ﷺ: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا).

فهذه الصورة المشرقة لسيد ولد آدم أجمعين عليه صلوات رب العالمين، يذهب إلى الطائف عارضًا نفسه على وجهائها وأهلها، فلم يجبه منهم أحد، فانطق مهمومًا، وإذا هو بسحابة قد أظلته فيها جبريل، ومعه ملك الجبال فناداه ملك الجبال: إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين [جبلا مكة] فقال صاحب الصدر السليم ﷺ: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا. فأي صبر وسلامة صدر هذا !!!.

ثم تأمل حاله ﷺ حين ضربه قومه فأدموه (أسالوا دمه) فمسح الدم وهو يقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”. ففي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدمَوْه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: (اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون).

 واستحضر معي حالة المشركين معه ﷺ في مكة وقد آذوه وسعوا في قتله حتى خرج من بين أظهرهم وكان الأمر كما أخبر الله عز وجل : “وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” (الأنفال:٣٠) فلما مكن الله له ودخل مكة فاتحا ما انتقم ولا آذى بل قال لقومه: لا تثريب عليكم اليوم. والأمثلة من حياته ﷺ كثيرة، ننصح بقراءة سيرته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *