حين يتكلم السفهاء ، ويسكت الحكماء

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )

من وحي الواقع :حين يتكلم السفهاء، ويسكت الحكماء

في السابق
من كان عنده ولد سفيه في بيته أو عقله خفيف
فإنه يحجبه عن الناس ، ويحبسه في البيت ، حتى لا يخرج ويتكلم بكلام معيب أو يتصرف تصرفات تجلب العار والمشاكل لوالديه واهله

لكن اليوم
في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وارتفعت فيه الأصوات المبحوحة، أصبح كثيرٌ من هؤلاء السفهاء خفيفي العقول يتصدرون المشهد في وسائل التواصل، ليس بعلمٍ أو خلقٍ أو نفعٍ يُقدّم، بل بـ”بثوث مباشرة” فارغة من المضمون، مشحونة بالوقاحة، ومغرقة في السطحية.

يظنون أن كثرة المتابعين تعني رفعة، وأن إعجابات الجماهير تعني قبولًا عند الله، ونسوا أن الشهرة في الباطل مَهانة، وأن التفاهة إذا صُفّق لها، لا تُصبح قيمة.

لا حياء، ولا احترام للكبير والعالم ، ولا لأهل التخصص، ولا حديثٌ يوزن بميزان العقل والدين. يُضحكون الناس بالرقص والتلاعب، ويثيرون الجدل بالكلمات السوقية والتحديات السخيفة، حتى أصبح بعضهم رمزًا يُقتدى، وقدوة تُتَّبع، بينما هم في الحقيقة صدى لانحدار الأخلاق، وضياع المعايير.

إن ما يُنشر اليوم من هذا اللون من المحتوى لا يُربي جيلًا، ولا يبني أمة، بل يُهدم القيم، ويقلب المعروف منكرًا والمنكر معروفًا.

واللوم لا يقع على هؤلاء فقط، بل على من يتابعهم ويُشهرهم، فالمحتوى الفارغ لا يعيش إلا بجمهورٍ يصفق له.

يا شباب الأمة، ليس كل صوتٍ مرتفع دليل على القوة، ولا كل ما ينشر في وسائل التواصل هو الصحيح، ولا كل ظهورٍ في البثوث شهرة محمودة، بل القلوب التي تعيش لله، والعقول التي تُضيء الطريق، هم الأحق بأن يُسمع لهم ويُقتدى بهم.

فاختر أن تكون نورًا في زمن الظلمة، لا زيفًا في زمن الصخب.