الإنفاق و مكارم الأخلاق
23 يونيو، 2025
منبر الدعاة

بقلم د.إيمان إبراهيم عبد العظيم
مدرس بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر – واعظة بوزارة الأوقاف
الإنفاق ومكارم الأخلاق يعد كليهما وجهان لعملة واحدة في الإسلام. فالإنفاق خاصة في وجوه الخير والبر، يعتبر من مكارم الأخلاق التي حث عليها الإسلام ورغب فيها، وهو دليل على سمو النفس وكمالها
و الإنفاق في الإسلام أمر به الله ورسوله:
قال تعالى في كتابه العزيز : {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}ويحث الرسولﷺ على البذل والعطاء روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللهﷺ قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ) رواه البخاري و مسلم في الصحيحين.
الإنفاق من دلائل الإيمان الصادق:
حيث يظهر حب الخير والرحمة للآخرين.
الإنفاق تطهير للمال:
الإنفاق يزكي المال ويطهره من الشوائب، ويجلب البركة والخير لصاحبه.
الإنفاق أفضل كسب المنفق:
إذا كان الإنفاق من أفضل كسب المنفق، وكان في موضع يحتاجه المحتاج، فإنه يعتبر من مكارم الأخلاق.
الإنفاق من صفات الأنبياء:
لقد كان الأنبياء عليهم السلام قدوة في الإنفاق والجود، وقد بعث النبي ﷺ ليتمم مكارم الأخلاق.
و مكارم الأخلاق هي الأخلاق الحسنة التي تسمو بالإنسان وتجعله خيرًا في نفسه ومجتمعه.
مكارم الأخلاق و سمو النفس:
تعكس مكارم الأخلاق سمو النفس ورقّيها، وتتميز بالجمال والكمال.
و هي من أسباب النجاة في الدنيا والآخرة، كما أن الخلق الحسن يستر السيئات ويدخل صاحبه الجنة.
أما عن العلاقة بين الإنفاق ومكارم الأخلاق:
فيعد الإنفاق جزءًا لا يتجزأ من مكارم الأخلاق، فهو من الصفات التي تدل على سمو النفس وحسن الخلق.
ينمي الإنفاق مكارم الأخلاق:
لأن الإنسان عندما ينفق في سبيل الله، فإنه ينمي في نفسه صفات الإحسان والعطاء والكرم، لأن الأخلاق الحسنة تدفع صاحبها إلى فعل الخير والبذل والعطاء، وهذا ما يجعله ينفق في وجوه البر.
وجوب الاستقامة في الإنفاق:
فيجب أن يكون الإنفاق مستقيمًا وفق منهج الله ورسوله ﷺ، أي ألا يكون فيه تبذير أو إسراف، بل يكون في موضعه المناسب.
و دليل ذلك: قولهﷻ: “وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” الإسراء (٢٩)
و قال عز من قائل: “وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا” الفرقان(٦٧).
قال حاتم الأصم رحمه الله :كان يقال العجلة من الشيطان إلا في خمس:
١- إطعام الطعام إذا حضر الضيف.
٢- وتجهيز الميت إذا مات.
٣- وتزويج البكر إذا أدركت.
٤- وقضاء الدين إذا وجب.
٥- والتوبة من الذنب إذا أذنب.
و الخلاصة: إذا تأملت جميع الطاعات وجدتها إنفاقًا مما يحب الإنسان ، إمَّا من ماله ، وإما من صحته ، وإما من دَعَتِهِ و تَرَفُّهِه، وهذه كلها محبوبات.
الإنفاق مطهرة للقلب تزكية للنفس.
وإنفاق المال في سبيل الله تعالي و عن رضا و بطيب خاطر، لهو من أعظم الأعمال المغذية والمزكية للقلب ، قال عز وجل :” الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ” وقال رب العزة:” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بِهَا …” فالصدقة تطهر القلب من آثار الذنوب و تغذيها فتزكو، و المؤمن إذا لم يقدر على باب من أبواب الخير ، فعليه أن ينتقل إلى باب آخر يقدر عليه ، فإنّ أبوابَ الخير كثيرة ، والطريق إلى مرضاة الله غير معدومة.