أثر الهوى فى الحكم على الاَخر وخطورته

بقلم الدكتور : عبدالرحيم قحيف
من علماء الأزهر والأوقاف

 

فى الحكم على الاَخر ينبغى البعد عن هوى النفس والالتزام بالدقة والموضوعية خاصة اذا تعلق الأمر بواحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم.

فى تفسير قوله تعالى (يا أيها الذين اَمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) سورة الحجرات

جاء فى سبب النزول أن رسول الله بعث الوليد بن عقبة بن أبى معيط ليأتى بصدقات بنى المصطلق وهو فى طريقه اليهم علم أنهم قادمون وعليهم السلاح فظن أنهم يريدونه بسوء وذلك لخلاف قديم بينه وبينهم فرجع الى رسول الله وأخبره ثم جاؤوا بعد ذلك بصدقاتهم فنزلت هذه الأية…

فلماذا يُصِرّ بعض ذوى الأهواء على الصاق تهمة الفسق بالوليد رضى الله عنه مع أنه ظن فقط ولم يتعمد الكذب وفى الدفاع عن هذا الصحابي يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله..

وليس فى الأية ما يقتضى وصف الوليد بالفاسق لا تصريحا ولا تلويحا وقد اتفق المفسرون علي أن الوليد ظن ذلك وليس فى الروايات ما يقتضى أنه تعمد الكذب قال الفخر الرازي رحمه الله.. ان اطلاق لفظ الفاسق
على الوليد شيئ بعيد لأنه توهم وظن فأخطأ، والمخطئ لا يسمى فاسقا”قلت(ابن عاشور) ولو كان الوليد فاسقا لما ترك النبى تعنيفه واستتابته فانه روى أنه لم يزد على قوله له.. “التبين من الله والعجلة من الشيطان”….

وقد اتفق من ترجموا للوليد بن عقبة على أنه كان شجاعا جوادا وكان ذا خلق ومروءة…ثم يقول.. وانما تلقّف هذه الأخبار الناقمون على عثمان اذ كان من عداد مناقبهم الباطلة أنه ولّى الوليد بن عقبة امارة الكوفة فحملوا الأية على غير وجهها وألصقوا بالوليد وصف الفاسق وحاشاه منه لتكون امارته الامارة باطلا وعلى تسليم أن تكون الاية اشارة الى فاسق مُعيّن فلماذا لا يُحمل على ارادة الذى أعلم الوليد بأن القوم خرجوا اليه ليصدوه عن الوصول الى ديارهم قصدا لارجاعه…
انتهى من تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور.رحمه الله.

أرأيت ماذا يفعل الهوى وشهوة النفس فى الحكم على الاَخر دون دقة وموضوعية وتريث..

ألا رحمة الله على العلماء الكرام ولا حرمنا الله من فضلهم وعلمهم.

وبالله التوفيق