الأعمال الصالحة التي تعادل ثواب الحج والعمرة

بقلم الإعلامى : عمر هاشم
رئيس تحرير البرامج الدينية بقناة النيل الثقافيه

نعيش أياما مباركة تسير فيها قوافلُ الحَجيج إلى بيت الله الحرام، تسير القلوب المشتاقة لرؤية تلك الديار التي هي أحبُّ البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلى قلب الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- تسير القوافلُ قاصدةً بيتَ الله الحرام، وروضة النبي العَدنان -صلى الله عليه وسلم-.
يحقُّ لمن رأى الواصلين وهو مُنقطع أن يَقلقَ، ولِمَن شاهَدَ السائرين إلى ديار الأحبَّة وهو قاعد أن يَحزنَ.
يَا رَاحِلِينَ إِلَى مـِنًى بِقِيـَادِي
هَيَّجْتُمُ يَـوْمَ الرَّحِيـلِ فُؤَادِي
سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي
الشَّوْقُ أَقْلَقْنِي وَصَوْتُ الْحَادِي

كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَن حَجَّ ولم يرفُثْ ولم يفسق، رجَعَ كيومَ ولدتْه أُمُّه. رواه البخاري؟! كيف لا يشتاق المسلم إلى الحج، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: “الحَج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة”. رواه أحمد؟!

ولكن ماذا يفعل المسلم المحبُّ وقد حالتْ بينه وبين مُراده الظروف والأسباب، ولا شيء بيده إلاَّ أنْ يفوِّضَ أمرَه إلى الله، وأنْ يدعو قائلاً: اللهم ارزقْنَا الحَجَّ، والناس راجعون؟!
ومما يُقلل من حَسرة المحبِّ: الأعمالُ الصالحة التي أرْشَدَنا إليها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- والتي جعَلَها في مُتناول أيدينا، وهي سهلة وليس فيها مَشقَّة على الإنسان، هذه الأعمال إنْ حافَظَ عليها المسلم والْتزَم بها، فإنَّ الله تعالى يكتبُ له أجْرَ الحَجِّ، كأنَّما ذهَبَ إلى مكة المكرَّمة وأدَّى الحَجَّ.

وأنا على يقينٍ أنَّه لا يحافظ على هذه الأعمال ويلتزم بها إلاَّ ذلك المحبُّ الصادق والمشتاق لتلك الديار المقدَّسة، فانظر مدى تطبيقك ومحافظتك على هذه الأعمال الصالحة وهذه الأعمال كالحج في الجزاء لا في الإجزاء فمن عملها لا تسقط عنه فريضة الحج عند الاستطاعة .وهي كاتالي .

– بالنية الصادقة تبلغ منازلهم وأجورهم بإذن الله تعالى:
ففي صحيح البخاري عن عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى))، وفي صحيح مسلم عَنْ سهل بن حُنَيْفٍ رضي الله عنه، أنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ )
وعندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، ودنا من المدينة، قال: ((إنَّ بالمدينة لرجالًا ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلَّا كانوا معكم، حَبَسَهُم المَرَضُ))، وفي رواية: ((حَبَسَهم العُذْرُ))، وفي رواية: ((إلَّا شَرَكُوكم في الأجْرِ )

– المكث بعد صلاة الفجر حتى الشروق وصلاة ركعتين:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ))، وفي رواية: ((من صلَّى صلاةَ الصبح في جماعةٍ، ثم ثبتَ حتى يسبِّحَ لله سُبحةَ الضحى كان له كأجرِ حاجٍّ ومعتمرٍ تامًّا له حجه وعمرته))؛ [صحيح الترغيب والترهيب].

– الخروج من البيت متطهرًا إلى الصلاة المكتوبة:
فقد روى أبو داود عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إلى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إلى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ))، فهنيئًا والله لمن هذا دأبه يوميًّا في المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة.

– الخروج إلى المساجد لحضور مجالس العلم:
فعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غَدا إلى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا أَن يتَعَلَّم خيرًا أَو يُعلمهُ كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج تَامًّا حجَّته))؛ [رواه الطبراني].

‏ومن صور تعلم الخير في المسجد: حلقات القرآن، وسماع المواعظ بعد الصلوات، والحلقات والدورات العلمية، وشهود الجمعة، والاستماع للخطبة بنية تعلم الخير.

– الأذكار بعد الصلوات المكتوبة:
فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الفقراءُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهلُ الدُّثورِ مِنَ الأموالِ بالدرجاتِ العُلا والنعيمِ المقيمِ يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومونَ كما نصومُ، ولهم فضلٌ من أموالٍ يحجُّونَ بها ويعتمِرونَ ويُجاهدونَ ويتصدَّقونَ! فقال صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ؟ تُسَبِّحُونَ، وَتَحمدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ) .

فهنيئا لمن حافظ على هذه الأعمال بالنية الصادقة والالتزم التام والإخلاص حتى يفوز بثواب هذه الأعمال الصالحة وحتى يوفقه الله لأداء فريضة الحج .

اترك تعليقاً