هجمات الوهابيين على الكويت ومجازرهم بالحجاز
8 مايو، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

اعداد الاستاذ : سيد حسن
المقال الثانى عشر من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )
كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب
ثم أعاد الوهابيون الهجوم على الكويت مرة اخرى سنة ۱۳۳۸ هـ / ۱۹۲۰ م فنشبت بينهم وبين سالم الصباح معركة الجهراء التي كاد فيها الأمير الكويتي أن يؤسر لو لم ينجده ابن طوالة بقوة من قبائل شمر والعجمان.
وبموت سالم الصباح سنة ۱۹۲۱ وصفاء الجو للإنكليز توقفت الهجمات السعودية ضد الكويت ! وكان عبد العزيز قد عاد الى قتال آل الرشيد فجرت في کانون الأول سنة ۱۹۱٥ بينه وبين سعود آل الرشيد معركة في جراب ، فقتل عدد كبير من رجال الفريقين كما قتل الكابتن شكسبير الذي كان يرافق ابن سعود فانسحب هذا الأخير الى بريدة فيما انسحب ابن رشيد الى القصيم.
وعند احتدام الحرب العالمية الأولى راوغ عبد العزيز الأتراك في الوقت الذي كان منحازاً فيه الى الإنكليز . وفي الوقت الذي نودي فيه بالشريف حسين ملكاً على الحجاز ، أعلن عبد العزيز سلطاناً على نجد. وبعد الحرب عمل عبد العزيز على خطين ، خط قتال آل الرشيد في الشمال الشرقي وخط قتال الشرفاء في الحجاز، وكان قد التحق به بعد مقتل الكابتن شكسبير ، جون فيلبي من كبار موظفي المخابرات البريطانية.
فعلی محور آل الرشيد عمد فيلبي وعبد العزيز آل سعود إلى استخدام المال وتقديم المغريات كوسيلة جديدة لتحريك الحساسيات والعصبيات ، فساعدهم بعض آل الرشيد على الاستيلاء على بعض قرى منطقة حائل عاصمة آل الرشيد.
ثم جرت معركة الروضة واحتلت قريتا “بيضاء نثيل” و”الشعبية” وقتل الوهابيون المصلين عند الصباح بالمساجد في شهر رمضان على أساس أنهم من الكفار ، كما هتكت الأعراض ونهبت الأموال.
ثم استطاع الوهابيون بمعاونة بعض العملاء من الاستيلاء على جبل شمر جبل طيء سابقاً : أجأ وسلمى وأخذوا يمارسون الإرهاب ضد أهله ولا سيما في قرية عقدة ، وبعض القرى الأخرى ، حيث قتلوا عدداً من الفلاحين الآمنين. وهكذا انفتح الطريق أمام الوهابيين إلى حائل وكان للخيانة دور كبير في سقوطها بعد أن حشد السعوديون جيشاً من أربعين ألفاً لمهاجمتها. فسقطت في أيديهم في ۲۹ صفر ۱۳٤٠ هـ تشرين الثاني ۱۹۲۲ هـ.
أما على محور الحجاز فقد أخذ الهدوء بين الشريف حسين وعبد العزيز يتعرض للعواصف عندما تأكد الإنكليز من رفض الشريف توقيع المعاهدة البريطانية الحجازية ، فأخذ الوهابيون يشنون الهجمات على الحجاز بعد أن استطاع الإنكليز والوهابيون دفع الخلافات والحساسيات فيما بين الأشراف وفيما بين قبائل الحجاز إلى حد الانفجار. وكانت أهم المعارك بين الفريقين معركة تربة ليلة ٢٥ شعبان ۱۳۳۷ هـ / ۱۹۱۹ م التي استطاع فيها عملاء الوهابيين والإنكليز أن يستفيدوا من الليل فيدفعوا ميمنة الجيش الشريفي لتقاتل ميسرته وكل منهما تظن أن من تقاتلهم الجند الوهابي. ولما أطل الصباح وعرف الجيش الحقيقة ، لم يسمح له الوهابيون بالنقاط الأنفاس فانقضوا عليهم ، وكان يقودهم فيصل الدويش ، وأمعنوا قتلا بجنود الشريف فلم ينج من الأربعين ألفاً أكثر من خمسمائة وهرب عبد الله بن الحسين قائدهم مع حرسه الخاص فنجا.
ثم انقض الجيش الوهابي على القريتين المجاورتين لمكان المعركة «حزبة» و«تربة» فقتل ونهب واعتدى على الأعراض وأحرق النخيل . وقد أحصي من قتل في تربة وحدها فبلغوا ثلاثة آلاف من المدنيين.
وفي أوائل سنة ۱۳٤٣ / أيلول ۱۹۲٤ غزا السعوديون الطائف حيث قتلوا الرجال والنساء والأطفال والعلماء والصلحاء فكان عددهم حوالي ألفين ثم عمدوا إلى السلب والنهب ، وارتكبوا من الفظائع ما تقشعر منه الأبدان . ويروي ناصر السعيد أن البدو الوهابيين لم يكتفوا بالقتل والذبح بل كانوا يقطعون أيدي النساء لانتزاع الحلي منها ، كما كانوا يتوضأون بدم الآدميين بعد صبه في الماء.
وكانت ردة فعل عبد العزيز على هذه المجازر المروعة أن أبدى اعتذاره مدعياً التأسي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تبرئه من قتل خالد بعض الرجال عند دخول مكة .
وفي سنة ١٩٢٥ م غزا الوهابيون شرق الأردن فأغاروا على قرية أم العمد وجوارها فقتلوا حوالي 250 شخصاً ونهبوا وأسروا الأمر الذي أدى إلى تدخل الطائرات البريطانية لردعهم بعد أن تجاوزوا الحدود المرسومة لهم ، ثم أعادوا الكرة سنة ۱۹۲۸ م فوصلوا إلى معان.
أما استيلاؤهم على مكة فتم بعد تخلي الملك حسين لابنه علي عن العرش ومغادرته وأولاده إياها، فاكتفى الوهابيون بنهب داره .
وفي الحجاز عمد الوهابيون إلى هدم القباب والمشاهد والمزارات كما في المرة الأولى لاجتياحهم إياه فدمروا قبة ابن عباس في الطائف وقباب عبد المطلب وأبي طالب وخديجة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخربوا قبورهم كما خربوا قبة مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقبة مولد فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مكة المكرمة. وفي جدة خربوا قبة حواء أم البشر وهدموا قبرها ، والقبور الأخرى.
وإلى جانب التهديم أحرق الوهابيون ( المكتبة العربية ) في مكة والتى هي من أثمن مكتبات العالم، إذ كانت تحوي ستين ألفاً من الكتب النادرة وحوالي أربعين ألف مخطوطة بعضها مما أملاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعضها كتبه علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وكذلك سائر الصحابة والخلفاء ، ومنها ما هو مكتوب على جلود الغزلان والعظام والألواح الخشبية والرقم الفخارية والطينية ، كما كانت المكتبة تشكل في جانب منها متحفاً يحتوي على مجموعة من آثار ما قبل الإسلام وبعده.
وقد جرى احتلال مكة فيما الملك علي ابن الملك حسين في جدة يحاصره الوهابيون من جهة البر بينما يضيق عليه الإنكليز من جهة البحر إلى أن قبل بالصلح والاستسلام للإنكليز سنة ١٩٢٤ فانتقل إلى العراق.
وفي آب (اغسطس) من سنة ۱۹۲٥ م جاء دور المدينة المنورة فحاصرها الجند الوهابي وبدأ القتل والسلب والنهب حولها . ثم أخذ الوهابيون يضربون داخلها بالمدافع ويطلقون الرصاص على الناس. واستمر الحصار عشرة أشهر اضطرت مدينة الرسول في نهايتها الى الاستسلام وفي منطقة المدينة عمد الوهابيون الى هدم القباب والمزارات والمشاهد وفي مقدمها مسجد حمزة بن عبد المطلب في جبل أحد .
ونتيجة كل هذه الجهود أطلق على عبد العزيز لقب إمام المسلمين ، وهو بالمناسبة شبه أمي . وبينما كان عبد العزيز قبل الاستيلاء على الحجاز وأثناء معاركه فيه يعلن أنه يريد تحرير الحجاز ثم تركه وشأنه، فقد فرض نفسه عندما خلت له الساحة ملكا عليه ، وراح يتحكم بحركة الحجيج وبشعائر الحج ويبتز الحجاج ويفرض عليهم الرسوم .
وفي سنتي ١٩٢٥ و ۱٩٢٦ شن الوهابيون بقيادة فيصل الدويش هجمات على العراق حيث قتلوا ونهبوا فشكاهم حكام العراق إلى بريطانيا التي وضعت حداً لغزواتهم في تلك البلاد.