خطبة بعنوان ( الْأَرْضِ الْمُبَارَكَة) لفضيلة الدكتور أيمن حمدى الحداد

خطبة بعنوان ( الْأَرْضِ الْمُبَارَكَة)
لفضيلة الدكتور : أيمن حمدى الحداد

عناصر الخطبة
♦أولاً: من فضائل سيناء.
♦ ثانياً: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ﴾
♦ثالثاً: وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

نص الخطبة
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه اللهم صلّ وسلم وبارك عليه حق قدره ومقداره العظيم وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن أتبع هداهم إلى يوم الدين أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: إن سيناء هى أحد أضلاع المثلث المقدس الذي يضم مكة المكرمة والقدس الشريف؛ قال تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾(التين: ١-٣)، وعن البراء بن عازب قال: «سمعت النبي ﷺ يقرأ: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾، في العشاء، وما سمعت أحداً أحسنَ صوتاً منه أو قراءةً» رواه البخارى ومسلم.

– ولقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود بالتين والزيتون هو الثمر المعروف، وذهب آخرون إلى أن المقصود بالتين والزيتون أرض بيت المقدس التي فيها الأنبياء.

– ذكر الطبرى في تفسيره عن ابن عباس قوله:﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾، يعني مسجد نوح الذي بني على الجوديّ، والزيتون: بيت المقدس.

فيكون المقصود بالتين والزيتون أرض بيت المقدس لأن بها ثمار التين والزيتون، وطور سنين أى جبل سيناء، والبلد الأمين مكة المكرمة.

– ولقد بعث الله في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار؛
– فالأول: محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم.

– والثاني: طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران.
– والثالث: مكة وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه محمداً ﷺ.

♦أولاً: من فضائل سيناء؛ لقد أعلى ربنا تبارك وتعالى من شأن سيناء ورفع من قدرها حيث جعل بها الجبل المقدس الذي أقسم به مرتين في القرآن الكريم وهو جبل الطور، وباسم هذا الجبل سميت سورة الطور؛ قال تعالى: ﴿وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾(الطور: ١-٧)،

– قال الإمامُ ابنُ كثير: قَوْلُهُ تعالى: ﴿وطُورُ سينين﴾ هُوَ طُورُ سيناء، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّم اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الْجِبَالِ الَّتِي فِيهَا شجرة الزَّيْتُونِ.

– على أرض سيناء المباركة كلم الله رب العالمين سيدنا موسى عليه السلام وأوحى إليه؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾(القصص: ٢٩-٣٠)،

– وبأرض سيناء المباركة الوادي المقدس؛ قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾(النازعات: ١٥-٢٦)،

 

– وعلى أرض سيناء المباركة تجلى الله عز وجل للجبل المعروف اليوم بـجبل المناجاة؛ قال تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾﴿الأعراف: ١٤٢-١٤٣)،

– وعلى أرض سيناء المباركة وقعت المعجزات لسيدنا موسى عليه السلام؛ قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾(الأعراف: ١٦٠)

– وعلى أرض سيناء المباركة كان تلقي موسى عليه السلام للتوراة، والألواح، والوصايا العشر؛ قال تعالى: ﴿يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾(الأعراف: ١٤٤-١٤٥)،

– وفي أرض سيناء المباركة مجمع البحرين؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾(الكهف: ٦٠-٦٥)

– لقد عبر على أرض سيناء المباركة عدد كبير من الأنبياء والمرسلين؛ إدريس وإبراهيم ولوط وإسماعيل ويعقوب ويوسف وشعيب والأسباط وموسى وهارون ويوشع بن نون واليأس وأرميا ولقمان وعيسى عليهم صلوات الله وتسليماته.

– وبأرض سيناء ولدت السيدة هاجر المصرية عليها السلام بالفرما، وهي زوج الخليل إبراهيم عليه السلام وأم ولده إسماعيل عليه السلام، وهي أم كل العرب.

– واكراماً للسيدة هاجر عليها السلام أوصى سيدنا رسول الله ﷺ الصحابة بأهل مصر خيراً؛ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» رواه مسلم.

♦ ثانياً: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ﴾؛ إن لسيناء مكانة مرموقة فى جميع الشرائع السماوية، ولقد أودع الله عزّ وجل فيها الكثير من الكنوز والخيرات مما جعلها مطمعاً للأعداء فظنوا أنه بأمكانهم احتلالها، والسيطرة على خيراتها، ولقد نسىوا أو تناسوا دور مصر الرائد في الدفاع عن حياض الإسلام وأرض العرب، ونسوا أن مصر هى الصخرة الصماء التى تحطمت عليها كل قوى الباطل فى القديم والحديث من ذلك؛

– فتح بيت المقدس؛ لقد خاض المسلون معارك كثيرة من أجل إستعادة بيت المقدس ودحر العدوان الصليبى على بلادهم، وكان من أهم تلك المعارك معركة حطين ٥٨٣ هجرياً – ١١٨٧ ميلادياً لقد ضحى المسلون بدمائهم وبذلوها رخيصة من أجل إستعادة بيت المقدس، عندما دعا الملك الناصر صلاح الدين الأيوبى إلى النفير العام والتعبئة العامة جاء المتطوعون من كل حدب وصوب وتحركت الجيوش من أرض مصر الطيبة الطاهرة لتخلص المسلمين وبلادهم من شر العدوان الصليبى تقدم صلاح الدين بجيوشه إلى نهر الأردن فاستولى على جزيرة طبرية فقطع الماء عن الصليبيين حاول الصليبيون بقيادة ريموند الثالث الوصول إلى مرتفعات حطين كى يحصلوا على الماء لكن المسلمين منعوهم من ذلك حيث سيطر المسلمون على بحيرة طبرية اشتد الظمأ بالصليبين وبلغ مبلغاً عظيماً واعمل المسلمون فيهم القتل ودارت رحى المعركة فى حطين فظفر بهم المسلمون وأسروا ملك بيت المقدس- جاى لوزجنان وأرناط – وعدد من امرائهم، واستطاعوا تحرير مدن – عكا وبيروت وعسقلان- وغيرها من المدن الساحلية حتى فتحوا بيت المقدس عام ٥٨٣ هجرياً.

– معرکة دمياط وأسر لويس التاسع؛ لقد هاجم الصليبيون دمياط بقيادة لويس التاسع واستطاعوا الإستيلاء على دمياط فقام السلطان نجم الدين أيوب بالتصدى لتلك الحملة الصليبية على مصر لكن الملك الصالح مات قبل أن يكمل المهمة وهو مرابط فى سبيل الله بالمنصورة فى ليلة النصف من شعبان فأخفت زوجه شجرة الدر خبر وفاة الملك لئلا تخور عزائم الجند وتضعف معنوياتهم فلله درها إمرأة شجاعة تغار على الإسلام والمسلمين فتتحمل أعباء إدارة المعركة فاستدعت توران شاة ابن الملك الصالح وتولى قيادة الجيوش الأمير بيبرس البندقدارى والذى تمكن بحول الله وقوته من هزيمة الصليبيين وأسر ملكهم لويس التاسع فى معركة درات فى مدينة فارسكور وحبس لويس التاسع فى دار بن لقمان بالمنصورة وتم فدائه بالمال هو ومن معه من الأمراء.

– القضاء على المغول فى عين جالوت؛ لقد احتل المغول بغداد واسقطوا الخلافة وقتلوا الخليفة وسفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات وأرسل هولاكو برسالة تهديد إلى قظز فلم يفت ذلك في عضد المصريين وتجهزت الجيوش بقيادة سيف الدين قطز وتوجهت نحو عين جالوت بفلسطين فلم ينتظر قطز مهاجمة المغول مصر بل خرج إلى عين جالوت ليبدأ بالهجوم ولما بدأت المعركة حمل المغول على جيوش قطز رأى ذلك قطز فخاف أن يفر الجنود أمام شراسة المغول فألقى خوذته على الأرض وصرخ بأعلى صوته: اللهم أنصر عبدك الفانى وصرخ بأعلى صوته “واسلاماه واسلاماه واسلاماه” ثم أخذ يحمل سيفه ويشق صفوف الأعداء فالتف حوله الجنود فى ملحمة عظيمة من الجهاد مما أفقد المغول صوابهم وتكبدوا خسائر هائلة ومكن الله المسلمين من رقابهم فقتلوا قائد الجيش المغولى كتبغا وارتفعت الأصوات بالتكبير والتهليل فهزم المغول وولوا الأدبار وقتل منهم عدداً كبيراً وفر الباقون يجرون ورائهم أذيال الهزيمة والخزى والعار وبذلك تحطم غرور التتار أمام قوة وشجاعة المسلمين وبهذا تكون مصر قد خلصت العالم العربى من همجية المغول قال تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(الأنعام: ٤٥)، – ولقد أستمرت مصر فى مواجهة قوى الإحتلال الحديث؛ فخاض المصريون معارك ضارية ضد الإحتلال البريطانى لمصر وضحى الشهداء أرواحهم من أجل تحرير بلادهم من قبضة الإنجليز على مدار سبعين عاماً حتى كشف الله الغمة وتحررت مصر وأصبحت دولة مستقلة ذات سيادة على أرضها ولك أن تتخيل حجم الكفاح والجهاد الذى أستمر منذ دخول الإنجليز مصر سنة ١٨٨٢ حتى قيام ثورة الضباط الأحرار عام ١٩٥٢ ميلادياً لتبدأ مرحلة جديدة من الكفاح ضد العدوان الثلاثى ثم الإحتلال الإسرائيلى لسيناء الحبيبة سنة ١٩٦٧ميلادياً حتى أذن الله تعالى النصر المؤزر فى العاشر من رمضان السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ ميلادياً، وهذا هو قدر مصر فهى الدرع الواقي للأمتين العربية والإسلامية، وهى الحصن الحصين للعرب والمسلمين وهى درة تاج العرب والمسلمين.

فاتقوا الله عباد الله واعتصموا بحبله، وكونوا يداً واحدة على أعدائكم أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد؛ فيا عباد الله: لقد ورد ذكر الله سيناء فى القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾(المؤمنون: ٢٠)، ولقد عَبر سيناء آلاف الصحابة مع سيدنا عمرو بن العاص رضى الله عنه لفتح مصر، وبأرض سيناء نزل أول طعام من السماء إلى الأرض وهو طعام المن والسلوى مما يعزز مكانة أرض سيناء المباركة لدى المصريين حتى رووها بدمائهم الزكية مدافعين عن ترابها الغالى.
بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا
وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا

عباد الله: إن اليهود يخططون لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير سكان القطاع وإرغامهم على ترك وطنهم مما دفع مصر إلى رفض خطة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

♦ثالثاً: وعد من لا يملك لمن لا يستحق؛ لقد كانت سيناء وما زالت مطمعاً لليهود لعنهم الله ففى المؤتمر الأول للصهيونية العالمية والذى انعقد في سويسرا للبحث عن وطن لليهود عام ١٨٩٧ ميلادياً، كان الحديث عن وطن لليهود في فلسطين يمتد حتى نهر النيل، وكانت سيناء مطمعاً كبيراً لهم وتبلور ذلك فعلياً عام ١٩٠٤ ميلادياً عندما وصلت لجنة هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية- إلى سيناء وطلبت من السلطات البريطانية تأجير ساحل سيناء لإقامة مستوطنات يهودية فيه، ولم يمر عام واحد حتى حتى أعلن هرتزل عن نيته إقامة مستعمرات يهودية فى سيناء على أن يبدأ بالعريش لقد طلب هرتزل إجراءات الترتيبات اللازمة للتوقيع على عقد استئجار سيناء والعريش على أن تكون مدة الامتياز ٩٩ عاماً، ثم كشف فى العام ذاته عن رسالة سرية منه إلى المليونير اليهودى روتشيلد يبلغه فيها عن انهيار خطة استعمار سيناء والعريش بسبب رفض مصر!!
– ولقد استمرت مطامع اليهود فى سيناء حتى العدوان الثلاثى فى ٣١ أكتوبر عام ١٩٥٦، واحتلت إسرائيل سيناء.

– وفى ٥ يونيو ١٩٦٧ كانت النكسة باحتلال إسرائيل لكامل شبه جزيرة سيناء، وكان مناحم بيجين يقول: إن مرقده سيكون في سيناء وهذا يعبر عن أطماعه في الأراضي المصرية.

– لكن هيهات هيهات فد تحطم غرور اليهود فى العاشر من رمضان عام ١٩٧٣ ميلادياً وكانت معركة العبور المجيدة، فقد ضحى جنودنا البواسل بأرواحهم من أجل إستعادة سيناء، فتحقق وعد الله بالنصر وعادت سيناء الحبيبة إلى مصر لم تفرط مصر ولن تفرط فى حبة رمل واحدة من سيناء، فاتقوا الله عباد الله: وكونوا على يقظة دائمة لما يحاك لبلادكم من مؤامرات ليل نهار، واتقوا الله

وحافظوا بكل قوة على وحدة بلادكم وسلامة أراضيها، واعلموا أن فى الإتحاد قوة وأن سياسية العدو “فرق تسد” فسددوا وقاربوا واستعينوا بربكم جل وعلا.
اللهم احفظ مصر وشعبها من كل مكروه وسوء واجعلها أمناً وسلاماً ورد عنها كيد الكائدين وقها شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وأقم الصلاة.

كتبه راجى عفو ربه
أيمن حمدى الحداد
الجمعة ٢٦ شوال ١٤٤٦ هجرياً
الموافق ٢٥ أبريل ٢٠٢٥ ميلادياً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *