خطبة بعنوان «آداب المتعلم في دَرْسهِ» ج٣ لفضيلة الشيخ أحمد عزت حسن

إعداد فضيلة الشيخ / أحمد عزت حسن

خطبة الجمعة ٥ من شوال ١٤٤٦هـ الموافق ٤ من إبريل ٢٠٢٥م
العناصر

الموضوع
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ، “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا”، وبعد.
فللعلم آدابًا يجب أن يلتزم بها المتعلم في دَرْسهِ، ومن ذلك:
أ- أن يبدأ أولاً بكتاب الله العزيز فيتقنه حفظًا؛ لأنه أساس العلوم كلها.

ب- ألا يشتغل في أول أمره بمسائل الاختلاف بين العلماء؛ فإنه يحيِّر الذهن.

ج- أن يصحِّح ما يقرؤه قبل حفظه تصحيحًا متقنًا، إما على معلمه، أو على غيره من أهل العلم، ثم يحفظه بعد ذلك.

د- أن يلزَم معلِّمه في التدريس والإقراء، بل وجميع مجالسه إذا أمكن؛ فإنه لا يزيده إلا خيرًا وتحصيلاً.

هـ- أن يتأدَّب مع حاضري مجلس العلم؛ فإنه أدب معه واحترام لمجلسه.

و- ألا يَستَحْيِي من سؤال ما أشكل عليه، ويتفهم ما لم يتعقَّله بتلطُّف وحسن خطاب وأدب.

■ آداب المتعلِّم في نفسه:
أ- أن يطهِّر قلبه ليَصلُح بذلك لقَبُول العلم وحفظه، وأن يطلب العلم يقصد به وجهَ الله -تعالى- والعمل به، وإحياء الشريعة، ولا يقصد به الأغراض الدنيوية؛ لأن العلم عبادة، فإن خلصت فيه النية قُبِلَ ونَمَت بركته، وإن قُصِدَ به غير وجه الله -تعالى- حبِط وخسرت صفقته؛ فقد روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: (مَن تعلَّم علمًا مما يُبتَغَى به وجهُ الله – عز وجل – لا يتعلَّمه إلا ليصيبَ به عرَضًا من الدنيا لم يجدْ عَرْف الجنة يوم القيامة)؛ يعني: ريحها” [حسن: رواه أبو داود (٣٦٦٤)، وابن ماجه (٢٥٢)، بسند حسن]

ب- أن يبادر شبابه وأوقات عمره إلى التحصيل، وأن يقنع من القوت بما تيسَّر، وإن كان يسيرًا، ومن اللباس بما يَسْتُر.
ج- أن يقسِّم أوقات ليله ونهاره ويستفيد منها.
د- أن يقلِّل نومه ما لم يلحقْه ضرر في بدنه وذهنه، ولا بأس أن يريح نفسه وقلبه وذهنه، إذا كلَّ عن شيءٍ من ذلك أو ضعف، وأن يأخذ نفسه بالورع في جميع شأنه، ويتحرَّى الحلال في طعامه، وشرابه، ولباسه، ومسكنه

■ التثبت في الفُتْيا:
ينبغي لطالب العلم أن يعلمَ أن الفتوى في الدين مسؤولية عظيمة، فعليه أن يدفعَها عن نفسه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ-: (من أُفْتِيَ بغير علمٍ كان إثمُه على مَن أفتاه، ومَن أشار على أخيه بأمرٍ يعلم أن الرشد في غيره، فقد خانه) [ حسن: رواه أبو داود (٣٦٥٧) بسند حسن].

– أن يذكر ما حفظ وعلم، ولا ينبذه وراء ظهره. (قانون التأويل: ٦٣٩)، قال سفيان الثوري:”أول العلم الإنصات، ثم الاستماع، ثم الحفظ، ثم العمل به، ثم النشر”.(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: للخطيب البغدادي ١ /١٩٤) والحفظ إنما يحصل بالمذاكرة والمدارسة، وقد قيل: “من أكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم، واستفاد ما لم يعلم.” قال الشاعر:
إذا لم يذاكر ذو العلوم بعلمه
ولم يستفد علمًا نسي ما تعلما
فكم جامع للكتب من كل مذهب
يزيد مع الأيام في جمعه عمى

قال الإمام النووي: “وليذكر بمحفوظاته، وليدم الفكر فيها، ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد، وعليه بالمطالعة المتقنة، والعناية الدائمة المحكمة، وتعليق ما يراه من النفائس والغرائب، وحل المشكلات، مما يراه في المطالعة أو يسمعه، ولا يحتقرن فائدة يراها أو يسمعها في أي فن كانت، بل يبادر إلى كتابتها، ثم يواظب على مطالعة ما كتبه، وليعتن بكل الدروس، ويعلق عليها ما أمكن، فإن عجز اعتنى بالأهم. “وقد قال ﷺ لأنس بن مالك: “قيّدوا العلم بالكتاب”.(المجموع: ١ /٦٦)

قال الماوردي: وأما المانع من حفظه بعد تصوره وفهمه فهو النسيان الحاد عن غفلة التقصير، وإهمال التواني، فينبغي لمن بلي أن يستدرك تقصيره بكثرة الدرس، ويوقظ غفلته بإدامة النظر”.

وذكر ابن عبد البر حديث ابن عمر أن النبي ﷺ قال: “إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت”، ثم قال :” وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه ذهب منه أيا كان، لأن علمهم كان ذاك الوقت القرآن لا غير، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة،” وخير العلوم ما ضبط أصله، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه”.(التمهيد)

ويحصل الحفظ أيضا بالسؤال عما اشتبه وخفيت حقيقته، لكن ينبغي أن يسأل في رفق وتؤدة، راجيا الفهم والإيضاح لما استشكل عليه؛ قال ابن العربي: “ولا يسأل معلمه سؤال معنف كما فعلت اليهود حين سألت النبي ﷺ بجفاء وعنف” قال ابن القيم: “إذا جلست إلى عالم فسل تفقها لا تعنتا”. (المجموع :١ /٦٤)

– أن يعمل بما علم فذلك أثبت له حفظا ونجاة:
والعمل بالعلم منتهى مطلوب المتعلم، وغاية مرغوبه، وهو صدق الشرط الأول وثمرته – أي إخلاص النية- وهو مفهوم الحكمة الواردة في قوله تعالى: (ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا). (البقرة: ٢٦٩).
قال الفضيل بن عياض: “العلماء كثير، والحكماء قليل، وإنما يراد من العلم الحكمة “فمن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا”.

وعن أبي رجاء مطر الوراق قال: “بلغنا أن الحكمة خشية الله والعلم به”. (أخلاق العلماء: ٨٨)

فالعاقل لا يستغل في طلب العلم إلا وقصده العمل به، لأن من سعى لغير ذلك يزدد به إلا فخرا وتجبرا، وللعمل تركا وتضييعا، فيكون فساده في المتأسين به أكثر من فساده في نفسه، ويكون مثله كما قال الله تعالى: (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون).(النحل: ٢٥)

وقد شبه الحق سبحانه حامل العلم من غير عمل بالحمار الذي يحمل أسفارًا، لا يدري ما فيها، ولا قيمتها، فقيمة العلم وزينته في العمل به.

قال أبو الدرداء: “لا تكون عالمًا حتى تكون متعلمًا، ولا تكون بالعلم عالمًا حتى تكون به عاملا”. (أخلاق العلماء: ٩٧) والعمل بالعلم أحد الأمور الأربعة التي يسأل عنها العبد غدا يوم القيامة؛ فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه؟، وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟، وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟” (أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.).

▪︎ سلاح العلم هو ما تستطيع به نشر هذا الدين والدعوة إلى الله، ولو كان الإنسان على غير علم، فلن يستطيع أن ينشر العلم، أو أن يدعو إلى الله عز وجل، كما يقولون: (فاقد الشيء لا يعطيه)، أريد أن أدعو إلى الله، كيف سأدعو إلى الله وأنا فقير في باب العلم ليس عندي ما أدعو إليه: «بلِّغوا عني ولو آيةً»، فمن لم يكن على علم بالكتاب والسُّنة، فلن يستطيع أن يدعو إلى الله عز وجل.

▪︎ الفقه في الدين المراد به الفقه المستلزم بالعمل:
ليس فقط المراد أن الإنسان يتعلم ويفهم، ويدرس ويمتحن ويذاكر ثم لا يعمل، العلم ليس غاية في حد ذاته، وإنما العلم وسيلة للعمل الصالح، هذه نقطة مهمة يجب أن نكون منها على بيِّنة، لماذا أريد أن أتفقه في الدين؟ حتى أعمل عملًا صالحًا، حتى أصلح قلبي، وأصلح أعمالي، وأزكِّي نفسي، وأصلح أحوالي مع الله عزو جل، ليس فقط أقول: أنا درست كتاب كذا، وأخذت شهادة كذا، ونجحت في كذا، ليس هو غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة؛ لكي تكون أعمالي صالحة مقبولة عند الله عز وجل، فطلب العلم المراد به العمل أن تتجه نية الطالب للعمل بالعلم، وهذا من مراتب الكمال،

■ فضل وأجر طالب العلم
من الأمور المهمة التي تحمس في طلب العلم -أيها الإخوة-: معرفة فضل الطلب والأجر الذي يكون لصاحب العلم إذا طلبه، ولا شك أن النفوس تتشوف لمعرفة الأجر، ولا شك أن معرفة الأجر والثواب مما يحمس في الطلب ولا شك، قال ﷺ: “من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة … ” ثم تأمل حديثه ﷺ: “مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس شربوا وسقوا ورعوا، شربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به” [متفق عليه].
فهذا العلم إما أن يكون عند شخص يفقه فيعرف المعاني ويعلم ويفتي، وإما أن يكون عند شخص يحفظ لكن لا يفقه ولكن يؤدي ما حفظ، رب حامل علم ليس بفقيه، ورب حامل علم إلى من هو أفقه منه. “نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه.
ومما يروى في هذا الشأن أن الإمام الأوزاعي اختلف في مسألةٍ مع الإمام محمد بن الحسن -تلميذ أبي حنيفة-
فقال فيها محمد برأي، فسأله الأوزاعي عن دليله؟ فقال له: من الحديث الذي حدّثتنيه آنفًا!! أي أنك أنت الذي عرّفتني وأعلمتني بهذا الحديث.
فقال الأوزاعي -بكل تواضع واعتراف بالحق-: إنني أحفظ هذا الحديث من قبل أن يجتمع أبواك -أي من قبل أن تولد- ما عرفتُ معناه إلا الآن!!
ويُعلّق الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- على هذا الموقف قائلًا: “وربما علم محمد بن الحسن -التلميذ- ما خفي على الأوزاعي -الشيخ أو الأستاذ-“
ولما سُئل ابن القيم عن سر اختلافه لشيخه ابن تيمية في بعض المسائل قال: “حالي مع ابن تيمية كحال الهدهد مع سليمان حينما قال له: “أحطتُ بما لم تحط به”
فإذًا، لا يخلو طالب العلم أن يكون فقهيًا مجتهدًا مفتيًا يبين للناس، أو يحفظ أشياء فيبلغها لمن يفقهها ويستفيد منها.

أيها الإخوة المؤمنين: إن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة لوعد صادقٌ يحكم فيها ملك عادل، فطوبى لعبدٍ عمِل لآخرته وحبله ممدود على غاربه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم موقونون بالإجابة.

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ. قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط، ومعترك الأمواج حتى وصل بها إلى شاطئ السلامة، ومرفأ الأمان.
أيها الإخوة المؤمنين

■ حكم طلب العلم
ومن الأمور التي تحمس على طلب العلم: معرفة حكم طلب العلم، وهو الوارد في حديثه عليه الصلاة والسلام: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” [رواه ابن ماجة]
وما معنى كلمة: فريضة؟ واجب، يجب أن تطلب، لا خيار لك.
طلب العلم فريضة على كل مسلم والمسلم يشمل الذكر والأنثى.
ومن العلم ما يكون فرض عين لابد لكل شخص من تعلمه كعلم التوحيد، وما يكون العامل به مؤمنًا، معرفة الله وصفاته، وصدق رسله، واليوم الآخر، والبعث والنشور، لابد من كل إنسان أن يتعلم هذا، يأثم لو لم يتعلمه.، وكذلك معرفة كل مسألة يتعرض لها الإنسان، ويحتاج إلى معرفتها، فيجب عليه أن يتعلمها، ولذلك بعض المسائل يكون تعلمها فرض عين، وبعض المسائل تعلمها فرض كفاية.

وكذلك ما لا يسعى أحداً جهله من أحكام الدين، وعلم فقه البيوع والمعاملات في الشريعة؛ حتى لا يقع في التعاملات المحرمة –مثل الربا وغيره- وهو لا يعلم، وعليه فقد اهتم العلماء بالتصنيف والتأليف في الأخلاق بصفةٍ عامةٍ وأسفارها بالمئين، وأخلاق بعض المهن بصفةٍ خاصةٍ . فنجد الفاروق عمر بن الخطاب يقول: “لا يبيع في سوقنا إلا من تفقّه في الدين” [الترمذي ٤٨٧ بسندٍ حسن]
وكان رضي الله يضرب بعض التجار بالدرّة [عصا صغيرة في يده كان يضرب بها]؛ ويقول: “لا يبيع في سوقنا إلّا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى.) رواه الترمذي (٤٨٧) وقال : “هذا حديث حسن غريب”

ويقول الشيخ أحمد محمد شاكر -رحمه الله- معلقًا على أثر عمر السابق :”نعم، حتى يعرف ما يأخذ وما يدع، وحتى يعرف الحلال والحرام، ولا يفسد على الناس بيعهم وشراءهم بالأباطيل والأكاذيب، وحتى لا يُدخِل الربا عليهم من أبواب قد لا يعرفها المشتري، وبالجملة: لتكون التجارة تجارة إسلامية صحيحة خالصة، يطمئن إليها المسلم وغير المسلم، لا غش فيها ولا خداع”] [تعليق أحمد شاكر على سنن الإمام الترمذي]
وقال علي بن أبي طالب: “من اتّجر قبل أن يتفقه ارتطم في الربا، ثم ارتطم ثم ارتطم أي وقع في الربا” مغني المحتاج ٢- ٢٢ قال الخطيب -رحمه الله -: فواجب على كل أحد طلب ما تلزمه معرفته مما فرض الله عليه على حسب ما يقدر عليه من الاجتهاد لنفسه [الفقيه والمتفقه] ثم قال مثلاً: تلزمه الطهارة والصلاة والصيام. وهكذا يجب على كل مسلم أن يعرف ما يحل له وما يحرم عليه من المآكل والمشارب والملابس والفروج، معرفة من التي يجوز لك أن تتزوج بها، والتي لا يجوز لك أن تتزوج، من التي تكشف عليها والتي لا تكشف عليها، من هم المحارم؟ كثير من الناس لا يعرفون محارمهم. والأموال، فجميع هذا لا يسع أحد جهله.

وبعض المسائل يكون تعلمها مستحب في وقت وواجب في وقت آخر، فرض العين بينا مثاله، وفرض الكفاية مثل تعلم الأحكام الفقهية المتعلقة بفروع الدين، فهذه إذا ما وجد في البلد أحد يدل الناس عليها يأثم أهل البلد كلهم، كلهم يأثمون إذا لم يوجد فيهم من يبين لهم الأحكام الشرعية ويفتيهم، ولذلك طالب العلم والعالم يسدوا مسد الأمة، ويرفع الإثم عن عموم الأمة بسبب طلبه للعلم؛ لأنه يعلم الناس، يكشف لهم، هذا العلم خطير، الدين خطير، لابد أن يكون له أناس يقومون بشأنه لا يمكن أن ينزل الله دينًا خاتمًا للأديان ومهيمنًا على الأديان ورسالة عامة للبشر، ثم لا يكون هناك في الأمة من يحمل هذه الرسالة، ويعلم هذا الدين. فإذا لم يقم به من كل صقع وناحية من فيه الكفاية يجب على من يستطيع أن يندب نفسه لتعلم العلم الشرعي.

وبعض المسائل التي يكون تعلمها مستحبًا في وقت وواجباً في وقت آخر، مثل ما قال ابن المبارك -رحمه الله-: “لو أن رجلاً ليس له مال لم يكن عليه واجبًا أن يتعلم الزكاة، فإذا كان له مائتا درهم وجب عليه أن يتعلم كم يخرج، ومتى يخرج، وأين يضع، وسائر الأشياء على هذا” [الفقيه والمتفقه: ١ /١٧٣].
المرأة قبل الحيض قد لا يجب عليها أن تتعلم أحكام الحيض لكن إذا حاضت وجب عليه أن تتعلم أحكام الحيض؛ لأنها لا تقيم العبادة إلا بذلك.، وهكذا قل في أحكام الصيام والحج، وغيرها من أحكام الدين يحتاج الإنسان في بعض المواقف أن يعلم الحكم الشرعي.

الآن الناس في هذه الأيام يريدون الاشتراك في الشركات والمساهمة في الشركات، تعلم حكم المساهمة في الشركات قد لا يكون واجبًا، فإذا أراد شخص أن يساهم يجب عليه أن يتعلم الأحكام الشرعية المتعلقة بالمساهمة، ما حكم المساهمة؟ ومتى تكون مباحة؟
احتاج الآن يجب عليه أن يتعلمها، صار فرضًا عينيًا
عليه أن يتعلم.

فإذا أراد أن يلبس خفًا أو جوربًا يجب أن يتعلم أحكام المسح على الجوربين.

إذا أراد أن يسافر ويقصر الصلاة يجب عليه أن يتعلم متى يكون سفرًا تقصر به الصلاة؟ ومتى يجمع الصلاة؟ أما أن يغط في جهل عميق فلا.

المرأة إذا توفي زوجها يجب أن تتعلم أحكام الحداد في تلك اللحظة.

ولذلك -أيها الإخوة- يجب أن نحتاط؛ لأن أحيانًا تحصل للإنسان حالة طارئة ليس عنده وقت أن يتعلم الأحكام في تلك اللحظة، قد يدهم العدو المسلمين، قد تحدث فتنة، قد تحدث حرب، هناك أشياء يجب أن يتعلم لها الأحكام، إذا دوهمنا وفوجئنا كان عندنا علم؛ لأنه قد يحدث عندك ظرف لا مجال لك أن تفتح كتاباً أو تتصل بعالم، وما لم يكن عندك العلم بهذه المسائل تتورط وتندم، ولات ساعة مندم.

الدعاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *