تعميد من يعتنق المذهب الوهابى
8 أبريل، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

اعداد الاستاذ : سيد حسن
المقال الثالث من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )
كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب
يعتبر الوهابيون سائر المسلمين مشركين يحل قتالهم إذا ما دعوا إلى الإسلام (الوهابية) ولم يؤمنوا به. وقد ورد ذلك على السنة علمائهم والمدافعين عنهم بشكل لا مواربة فيه ولا تحفظ .
وقد اعتبر مؤسس مذهبهم محمد بن عبد الوهاب أن هذا الشرك أغلظ من شرك عبدة الأصنام ، لأن عبدة الأصنام الأولين كانوا يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة (بينما) مشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة ويؤكد بعضهم كالصنعاني مثلاً أن كفر المسلمين ( من غير الوهابيين ) كفر أصلي لا كفر ردة ، لذلك فهم كانوا يلزمون من كان حج ثم تبعهم ، بالحج ثانية ، كما يطلبون ممن ينتمي إليهم أن يشهد على نفسه أنه كان كافراً وكذلك على والديه وعلى عدد من أكابر العلماء الماضين.
أما كيف يكون المسلمون جميعاً مشركين حلال دمهم ومالهم وجائز سبي ذراريهم ، فذلك يقيمه الوهابيون حسب مفهوم خاص للكفر والشرك ، إن ميز بين درجاتهما فهو لا يميز بين مفاعيلهما ، وذلك سيراً على خطى ابن تيمية ، وإن حصل بعض الخلاف في المضامين. فقد جاء في رسالة بقلم عبد العزيز بن محمد بن سعود أن التوحيد هو (ترك كل معبود مع الله وإخلاص الالهية له تعالى وحده وأن العبادة بأفعالهم مما أمرهم به كتابه وعلى لسان رسوله ، إذا جعلت لغيره تعالى صار ذلك الغير إلهاً مع الله وإن لم يعتقد الفاعل ذلك ، فالمشرك مشرك شاء أم أبى).
ومن هنا كان التوحيد نوعين :
الأول : توحيد الربوبية بالاعتراف بأفعاله تقدس كخلقه السماوات والأرض والليل والنهار ورزق العباد وتدبير أمورهم ، لأن هذا يسمى توحيد الربوبية الذي أقرّ به الكفار الأولون .
أما النوع الثاني من التوحيد : فهو الذل والخضوع من قبل المؤمنين في أفعالهم وأقوالهم المختصة بجلال الله وعظمته كدعائه بما لا يقدر عليه إلا هو ورجائه فيه والتوكل عليه وذبح النذر والنسك … والإنابة والخضوع … وكالسجود والتسبيح والتهليل ….
ثم تؤكد الرسالة نفسها أنه ( لا يغني أحد التوحيدين عن الآخر ، بل صحة أحدهما مرتبطة بوجود الآخر ، وبناءً على هذا المفهوم كان الشرك لا في توحيد الربوبية وحدها بل وفي العبودية).
وهكذا فإن من يشهد الشهادتين يبقى كافراً إذا ما لجأ إلى أي عمل مما يعتبره الوهابيون ، على خلاف جميع المسلمين ، شركاً وكفراً ، وذلك لأن “الكفر نوعان : مطلق ومقيد ، فالمطلق أن يكفر بجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، والمقيد أن يكفر يبعض ما جاء به الرسول وفي كلا الحالين يعامل المتهم بالكفر معاملة الكافرين .
أما جدول المكفرات الذي يتبناه آباء الوهابية فقد جاء حاوياً الشفاعة والتوسل والدعاء والقسم والنحر والذبح والنذر وبناء القبور وزيارتها والصلاة عندها والسفر إليها .
الوهابية والشرك:
من خلال ما حمله الوهابيون من معتقدات تجديدية للإسلام، رأينا أنهم يرمون المسلمين بالشرك ويستحلون دماءهم وأموالهم بسبب الشفاعة والتوسل والدعاء وبناء القبور وما إليها على أساس أن في ذلك إشراكاً لغير الله في المعبودية. وإذا كنا قد ناقشنا مواقفهم الجزئية في مختلف تلك المجالات وأثبتنا تهافتها وسطحيتها والخفة التي يأخذون بها الأمور فيعمدون إلى سفك الدماء وسبي الذراري والاستيلاء على الممتلكات فإننا هنا سنحاول بإذن الله أن نناقش مسألة الشرك بالله لنرى جدية المسوغ الأساسي لدى الوهابية في فعل ما فعلوا من تخضيب لرمال الجزيرة العربية بالدماء الإسلامية، مقابل تعاونهم مع أعداء الإسلام عامة ورهنهم أرض المسلمين وثرواتها لهم.
لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم اساءة الظن بالمسلم وتأويل حديثه بكل الأوجه قبل تكفيره.
فإذاً يجب قبل اللجوء إلى رمي المسلمين بالشرك أن نبحث على ضوء توحيدهم الله على تأويل تصرفاتهم. أما إذ رميناهم بالشرك والكفر فلا يعدو موقفنا الظن، قال تعالى (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) النجم ۲۸ . وبهذا نكون آثمين على أساس الحديث الشريف القائل أن من يرم أخاه المسلم بالكفر يبؤ به هو نفسه إن لم يثبت مدعاه.
هذا وقد بينا أن بعضاً مما يعتبره الوهابيون شركاً بالله قد فعله الله أو أمر به من مثل القسم بغير الله أو أمر الملائكة بالسجود لآدم، واستلام الحجر الأسود لكن ردّ الوهابيين على هذا أنه لما كان بأمر الله فلا يكون شركاً ولا يعد فاعله مشركاً.
فالوهابية تخلط بين مراتب الكفر المختلفة وتعتبر الردة ممارسة من كان أسلم هو شخصياً أو أسلم آباؤه، لأي فعل مما حرم الله ومما حرم شيوخها، وسواء توفرت النية أم لا. فأما في مجال ما حرم الله، فإن لكل درجة من درجات الكفر عقوبات بحسب طبيعة الفعل، دنيوية أو أخروية، أو العقوبتين معاً، وليس كل هذه العقوبات هي القتل وسبي الذراري.
ففي مجال الكبائر مثلاً يقول الحديث الشريف: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يقتل حين يقتل وهو مؤمن).
وعندما لا يكون مؤمناً فهل يكون كافراً يستحق في كل هذه الأحوال القتل على الزنا وعلى السرقة وعلى شرب الخمر وعلى القتل، أو هل هو يستحق القتل على أي نوع من أنواع الفسق أو معاطاة الربا أو ما إليها؟.
إن الوهابية كما رأينا تعتبر أن من مارس أي أمر مما تحرمه كافر أو مشرك، لذلك فإن قادتها كانوا يستتيبون من يأتي إليهم طوعاً أو كرها ويأمرونه بالإتيان بالشهادتين ثم يطلبون منه أن يشهد على نفسه أنه كان كافراً وكذلك على والديه كما على بعض كبار علماء الماضي ممن يحدّدونهم لله. فإن شهد بذلك قبلوه وإلا أمروا بقتله. وإذا كان قد أدى فريضة الحج سابقاً ثم قبلوه فإنهم يأمرونه بالحج ثانية على أساس أن حجته الأولى قام بها وهو مشرك وكانوا إلى ذلك يسمون من اتبعهم من الخارج بالمهاجرين ومن كانوا من أهل قراهم يسمونهم بـ “الانصار”.
وبناء عليه فقد اعتبر عبد العزيز في خطاب القاه في الطائف بحضور رؤساء البلاد في ١٦ محرم سنة ١٣٥١ أن الناس هنا ثلاث: إما محب ومساعد وإما لا محب ولا مساعد وإما معاند فقط ، فالأول له ما لنا والثاني نسعى جهدنا في إفهامه (كيف) أما الثالث فجزاؤه ما جاء في الآية الشريفة: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) المائدة ٣٣ . وهكذا فإن عدم الموافقة على الوهابية يعتبر حرباً على الله ورسوله وفساداً في الأرض.
أما الموافقة والدخول في السلك فهي كفارة لكل الذنوب فقد جاء في فتح المجيد : “ان التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب لأنه يتضمن محبة الله وإجلاله وتعظيمه وخوفه ورجاءه وحده ما يوجب غسل الذنوب ولو كانت قراب الأرض”.
وهكذا يتبين موقف الوهابية على ضوء تعاليم الله ويظهر استخفافهم بأرواح المسلمين وأموالهم الذي يقابله تعظيمهم لأمرائهم تعظيماً غير عادي مع تعبيد هؤلاء أنفسهم قولاً وعملاً للقوى الكبرى .
ولعل ما نستطيع استنتاجه هنا إن آباء الوهابية كانت تستبد بهم عادة الغزو والسلب والنهب فتبنوا مذهباً يبيحها بل ويأمر بها، الأمر الذي أفضى إلى قتل المسلمين وسبيهم وهي الخدمة التي لم يكن يحلم بها أعداء الإسلام الذين استطاعوا بواسطة المذهب الوهابي أن يدفعوا النقاش في الإسلام باتجاه الجزئيات البسيطة، ليصرفوا نظر المسلمين عن نهب خيراتهم واستعبادهم واحتلال بلادهم وأخيراً لو أن المسلمين استخدموا مواقف الوهابية منهم ضد الوهابية لاستحلوا أن يقتلوهم خمس مرات مرة لبغيهم وقتلهم المسلمين، ومرة لاستباحتهم دمائهم ومرة لسكوتهم عن ولاة أمرهم المعبدين أنفسهم للقوى العظمى، ومرة لكفرهم بتكفير المسلمين ومرة لكفرهم بتشبيه الله وعدم تنزيهه .