صلاة العيد.. بهجة في نظام وعبادة بلا فوضى!

بقلم الدكتور : فارس  أبوحبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية

العيد فرحة للمسلمين ، وصلاة العيد من أبرز معالم هذه الفرحة، حيث يجتمع الناس على التكبير والتهليل في مشهد إيماني مهيب، يُذكّرنا بوحدة الأمة وروح الجماعة. لكن هذه العبادة العظيمة تحتاج إلى نظام وانضباط حتى تظل مظهرًا مشرفًا يعكس عظمة الإسلام.

الصلاة.. تعظيم للشعائر لا مظهر للعشوائية

صلاة العيد من شعائر الله التي أمرنا بتعظيمها، قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: 32). وتعظيمها لا يكون فقط بأدائها، بل بالحفاظ على هيبتها واحترام نظامها، فلا يصح أن تتحول إلى فوضى بسبب الزحام العشوائي، والاختلاط غير المنظم، وافتقاد الانضباط.

للأسف، تتكرر بعض المشاهد المؤسفة سنويًا، مثل الاكتظاظ في أماكن محددة بينما هناك مساحات أخرى متاحة، وأحيانًا يؤدي الزحام إلى أن يصلي بعض الناس في اتجاه غير القبلة دون انتباه، وهذا خطأ جسيم يبطل الصلاة. قال الله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (البقرة: 144)، وقال النبي ﷺ: “إذا قُمتَ إلى الصلاةِ فأسبغِ الوضوءَ، ثم استقبِلِ القبلةَ فكبِّرْ” (متفق عليه). فكيف نتجاهل هذا الركن الأساسي وسط الفوضى؟

 مشاهد تحتاج إلى تصحيح

* الازدحام المبالغ فيه: تجد البعض يصر على الصلاة في ساحة معينة رغم وجود ساحات أخرى أقل ازدحامًا، مما يؤدي إلى تدافع غير ضروري.

* عدم احترام الصفوف: بعض الناس يتقدمون دون تنظيم، أو يتركون فجوات تؤدي إلى الفوضى، بينما الإسلام علمنا النظام في الصلاة، كما قال النبي ﷺ: “أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَقْوِيمَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ” (مسلم).

* اختلاط الرجال والنساء بطريقة غير منظمة: مما قد يسبب حرجًا للعديد من المصلين والمصليات، بينما من السنة تخصيص أماكن واضحة لكل فئة.

* التهاون في نظافة الأماكن العامة: البعض يترك المصليات في حالة غير لائقة بعد الصلاة، رغم أن الإسلام يحثنا على النظافة، قال النبي ﷺ: “إماطة الأذى عن الطريق صدقة” (متفق عليه).

كيف نحافظ على النظام في صلاة العيد؟

* التوجه إلى أقرب ساحة للصلاة بدلًا من التزاحم في مكان واحد.
* الالتزام بالأماكن المخصصة للرجال والنساء تجنبًا للفوضى.
* احترام الصفوف والتنظيم الجيد لضمان الخشوع والتركيز.
* التعاون مع المشرفين والمنظمين فهم يسعون لضبط الأمور وليس للتضييق على أحد.
* الحفاظ على النظافة العامة بعد انتهاء الصلاة، حتى تبقى الساحات نظيفة كما وجدناها.

صلاة العيد عبادة وليست مجرد تجمع!

فلنتذكر أن صلاة العيد ليست مجرد مناسبة اجتماعية أو لقاء عائلي، بل هي شعيرة دينية عظيمة تحتاج إلى الالتزام بالضوابط الشرعية والتنظيمية ، لا نجعل الزحام والفوضى تشوه هذا المشهد الإيماني البهيج، ولنحافظ على قدسية الصلاة ونلتزم بالسلوك الحضاري، فذلك هو العيد الحقيقي، عيد الطاعة والنظام والاحترام.

عيدكم مبارك.. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *