معالم الإستبداد
28 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم الأستاذ: مازن أبو الفضل مدرب تنمية بشرية ومهارات
المعرفة بالشخصيات وطباعها ومعايير تقييمها مهارة مهمة جداً لأي إنسان يريد أن يحقق النجاح في الحياة، فالتعامل من منطلق “التجربة/الخطأ” رغم ان له بعض الإيجابيات في بعض المجالات إلا أنه في كثير من المجالات له مساوئه منها الإحباطات والخسائر المادية والمعنوية وضيق الوقت.
ورغم المصطلحات الحديثه التي تسمعها كالتنمر والنرجسية إلا أنها كلها يمكن وضعها تحت بند واحد عريض إسمه “الإستبداد – الكبار”
ومن جمال القرآن أنه يكشف عوار الشخصيات ولطائفها من حيثية الخالق والصانع، أي كيف يرى الله الشخصيات وكيف وضح تأثيراتها السلبية والإيجابية على الفرد والمجتمع.
ونتناول في هذا المقال بعض من ورد في القرآن عن الإستبداد يقول تعالى في سورة يوسف
“وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ”
والكلام على لسان زوجة العزيز اذ طلبت من يوسف الخضوع فرفض فهددته بالسجن أي تحديد حريته وتحقير وضعه الإجتماعي.
ومن السياقات القرآنية نجد نبرة التهديد موجوده دوماً لدى جبهة الإستبداد التي يقف أمامها الأنبياء والمصلحين سواء بالسجن أو الصلب أو النفي .
مصاديق هذا في عالم السياسة نجده مثلاً في خطاب امريكا والكيان الصهيوني للعالم والتهديد بالعقوبات الإقتصادية والعزل السياسي.
في العلاقات تجد الشخصية المتحكمه تهدد دوماً بالعزل الإجتماعي والتشهير وتمن عليك بما قدمته لك من خدمات.
في الإدارة المدير المستبد يقيم سلطانه على الخصومات والترهيب أكثر من خلق بيئة عمل صحية يملئها الإطمئنان.
وفي كل الأحوال يقدم لنا القرآن الحل الطبيعي لمواجهة هذه الجبهة بتعبير “قم فأنذر” أو “إذهبا الى فرعون”
فالمقاومه هي الحل الأمثل لمواجة الإستبداد سواء بالقول أو الفعل أو التبيين أو الدعاء.
أيضاً القرآن الكريم يكلمنا عن سمة مهمة من سمات الإستبداد ألا وهي “بطانة السوء”
بسم الله الرحمن الرحيم
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا” والآية وردت في سورة “آل عمران”
وورد عن النبي الأكرم رواية توضح معنى الآية ومرادها فورد عنه صلوات الله عليه وآله
“ما بعث الله من نبي ولا اسْتَخْلَفَ من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتَحُضُّهُ عليه، وبطانة تأمره بالشر وتَحُضُّهُ عليه، والمعصوم من عصم الله”.
فالبطانة هنا هي الحاشية والبيئة الإجتماعية التي تحيط بك تراها في مجال السياسة في التحالفات السياسية والاقتصادية
وفي مجال العلاقات بأصدقاء السوء أو شريك الحياة سيء الخلق عديم الأخلاق والقيم
وفي مجال الإدارة المدير الذي يحيط نفسه بعديمي الخلق والضمير الذين يشجعون المدير على قراراته السيئة ويصفقون له ويشيعون له حالة تأييد زائفه ويتم تعيينهم بناء على العاطفة لا على أساس المهارات.
وهنا أيضاً يقدم لنا القرآن كيفية التعامل مع بطانة السوء في سورة “القصص”
(استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين )
فعلى ولي الأمر أو أي شخص في أي موضع إجتماعي أن يحيط نفسه بذوي الأخلاق والقيم سواء كان حاكم أو مدير أو صديق أو زوج حتى يجد من ينصحه بالخير ويعينه على عمل بيئة اجتماعية تدفعه للإستقامة.
هذا غيض من فيض كتاب الله الكريم والجمال الذي يحمله والتوجيهات المختلفه التي يحملها، فصدق من قال في سورة “ابراهيم”
(هَٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)