علامات الفوز بليلة القدر


بقلم فضيلة الشيخ : أبو بكر الجندي

 

لماذا كانت علامات ليلة القدر بعدها لا قبلها؟

رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامه أنه يسجد في ماء ‌وطين من ‌صبيحة ليلة القدر، فتحققت رؤياه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال أيضاً عن علاماتها: ” تطلع ‌الشمس غداة ليلة القدر صافية، ليس لها شعاع”

فلماذا كانت علامات ليلة القدر بعدها لا قبلها؟

حتى يجتهد الناس في التماسها تحريها، وينشطوا في البحث عنها، حتى إذا صادفوها؛ شكروا ربهم على توفيقه لقيام ليلها وصيام نهارها، وأن العبد قد نال فيها بوعد الله الألف شهر ونعمة المغفرة والعتق من النار، وأنه لم يكتب فيها من الغافلين ولا من المَحرومين، فكانت ليلة القدر درجة ترفع العبد وترتقي به إلى درجة أعلى منها، وهي درجة الشكر؛ لأن الكريم عز وجل يحب أن يزيد أهل المزيد من الشاكرين.

والشكر من أهم مقاصد الصيام وأهدافه، كما قال تعالى في آيات الصيام: {وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ}[البقرة: 185]، بل هو الهدف والغاية من العبادة كلها، كما قال تعالى لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ {بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن ‌مِّنَ ‌ٱلشَّٰكِرِينَ}[الزمر: 66]، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه شكرا على نعمة المغفرة.

أما العلامات الشخصية لفوز العبد بليلة القدر، فأهمها:

1ـ أن ينفتح في قلب العبد عين تراقب الله وتخاف الله وتتقي الله في نفسها وأهلها وجيرانها والناس أجمعين، وأن يراقب الصائم ربه عز وجل في مهنته ووظيفته وواجباته، فإذا تحققت التقوى ـ التي هي مقصود الصيام ـ، فقد قبل الله من المتقين قيامهم ليلة القدر، بل قبل أعمالهم كلها، بل خَصَّهم بالقبول دون غيرهم، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ ‌مِنَ ‌ٱلۡمُتَّقِينَ}[المائدة: 27].

2ـ ارتقاء الإنسان للأحسن في أخلاقه وسلوكه، حتى ولو كان الإنسان نفسه خلوقا، فما من خُلُق ولا أدب إلا وهناك ما هو أحسن منه وأرقى منه؛ ولهذا كان صاحب الخلق العظيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأل ربه دوما الأرقى والأحسن من معالى الأخلاق، فيقول: “اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت”، فما قيمة الصيام إذا لم يهذب أخلاق الإنسان، وما قيمة القيام وقيام ليلة القدر إذا لم ترتق بآداب الإنسان؛ وفي هذا يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “من لم ‌يدع ‌قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.

وبهاتين العلامتين: التقوى والأخلاق يكون العبد قد فاز باللية العظيمة، والتي هي كشعلة النور العظيمة التي تضيء لأهلها طيلة العام، بل طيلة العمر، بل تضيء لهم آخرتهم وحياتهم بعد مماتهم.

اترك تعليقاً