العزلة المختارة: خلوة للنفس وسكينة للروح
26 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم : وفاء سامي ( استشاري وعلاج نفسي -محفظة وداعية اسلامية )
في عالم يزداد ازدحامًا وضجيجًا، تبدو العزلة المختارة ملاذًا هادئًا لمن سئم ضوضاء البشر وتقلباتهم. إنها ليست انعزالًا سلبيًا، بل مساحة يستعيد فيها الإنسان ذاته بعيدًا عن التأثيرات السلبية، متجنبًا عدوى الانحطاط الفكري والأخلاقي الذي قد ينتشر في المجتمعات.
لكن هل يمكن للعزلة أن تكون حلًّا دائمًا؟
الحقيقة أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، والتوازن بين العزلة والتواصل ضرورة للحفاظ على الصحة النفسية والعاطفية. فالعزلة تمنحنا فرصة لإعادة ترتيب أفكارنا، لكنها لا تعني قطع الصلات تمامًا، بل انتقاء دوائرنا بعناية.
لذلك، العزلة المختارة ليست هروبًا، بل فرصة للتأمل والنضج، شرط ألا تتحول إلى قيد يمنعنا من الحياة.
يختار الكثيرون الابتعاد عن الملهيات والتركيز على العبادة، مراجعة الذات، وتقوية الصلة بالله. العزلة هنا ليست انطواءً، بل خلوة روحية تمنح القلب سكينة، وتعيد ترتيب الأولويات.
مثلما كان النبي ﷺ يختلي في غار حراء قبل البعثة، يمكن أن تكون لنا خلوات في هذا الشهر المبارك، حيث نقلل من التفاعل مع الضوضاء الخارجية ونركز على التطهير الداخلي، سواء بالصلاة، أو قراءة القرآن، أو التفكر في حياتنا. العزلة في رمضان ليست عزلة عن الخير، بل عن كل ما يبعدنا عن الله.