مظاهر الرحمة الإلهية بالخلق

بقلم : الكاتب والداعية الاسلامى
الاستاذ الدكتور رمضان البيه

لقد كان من رحمة الله تعالى بالعباد أن بدأ سبحانه خطابه لهم بقوله تعالى ” بسم الله الرحمن الرحيم ” وما كان ذلك إلا لرحمته بالعباد ، وليبعث في أنفسهم الأمن والطمأنينة ،  وليفتح لهم باب الأمل والرجاء فيه عز وجل ،  ويغلق أمامهم باب الرهبة والخوف والقنوط واليأس .
 والرحمة صفة إلهية شملت وحوت على كل مظاهر الفضل والكرم والعطاء الإلهي والإحسان والبر ،  فحلمه على العباد وصبره عز وجل عليهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة ، وعفوه تعالى ومغفرته وتوبته ، وكرمه وجوده وإحسانه حتى على عباده الكفرة و العصاة والمذنبين ، وفضله وامتنانه وهدايته ولطفه وبره وإحسانه حتى للمسيئ ، وجبره للخواطر ، وفتحه تعالى للعباد باب الرجاء ،  وعدم القنوط واليأس من رحمته ،  وغير ذلك الكثير والكثير من مظاهر الرحمة الإلهية بالعباد كلها من معاني وصور،  ومظاهر الرحمة الإلهية بالخلق ، وبمعنى مختصر ” الرحمة الإلهية هي خزينة الفضل والكرم والعطاء الإلهي ،  التي لا يشار إليها لا بكم ،  ولا بحد ولا منتهى  والتي لا ينقص منها مثقال ذرة مع عظيم عطاءه  ، وجوده وكرمه وإحسانه تعالى

.وصفة الرحمة صبغها الحق عز وجل في سائر الصفات المنسوبة إليه سبحانه بما في ذلك صفات الجبروت والقهر ، فهو تعالى رحمن رحيم في بطشه وعقابه وإنتقامه .ولعل سائل يسأل فيقول كيف ذلك ؟ ..

 نقول : أن بطش الله عز وجل وقهره وانتقامه لا يكون إلا من أهل الظلم والبغي والعدوان والطغيان والفساد ، وشرار البشر الطغاة المتكبرين ، والجبابرة الذين خلت قلوبهم من الرحمة ـ فظلموا وبطشوا وتجبروا وطغوا ـ وأفسدوا وجاروا على ضعاف العباد وكانوا مصدر عذاب وشقاء وظلم وألم لهم .

 إذا ندرك أن انتقامه منهم وبطشه لهم رحمة بالضعفاء والمستضعفين والمغلوب على أمرهم ، وفي ذلك قمة الرحمة منه سبحانه .

 هذا وهناك رحمة عامه يرحم الله تعالى بها جميع الخلق وهي المشار إليها بإسمه تبارك في علاه ” الرحمن ” وهي التي وسعت كل شئ ،  وهناك رحمة من الله جل جلاله خاصة قاصرة على عباده المؤمنين ، وهي المشار إليها بإسمه سبحانه ” الرحيم ” .
هذا وقد كان مما خص الله تعالى به رسوله الكريم ونبيه العظيم محبوبه ومصطفاه عليه وعلى آله الصلاة والسلام . أن جمع في خلقه هاتان الصفتان  ” الرحمة والرحيمية ”  وحققه بهما وجعله مظهرا لهما .

 فإلى صفة الرحمة العامة أشار جل جلاله إليه عليه الصلاة والسلام بقوله سبحانه ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” أي لجميع الكائنات والخلق ،  وإلى الرحيمية وهي الرحمة الخاصة التي خص بها الرسول الكريم والتي هي قاصرة على عباد الله المؤمنين أشار إليها تبارك في علاه بقوله ” بالمؤمنين رؤوف رحيم . ” .

اترك تعليقاً