بقلم الدكتور : مصطفى سعفان ( إمام وخطيب بوزارة الأوقاف )
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وسلم تسليما كثيرا وبعد .
فإن الدين الإسلامي الحنيف هو دين العلم والتعلم والسهولة واليسر ، وقد ابتلى الناس فى هذا الزمان بطائفة يكفرونهم ويفسقونهم ، ويرون أنفسهم فقط على الحق ، ومن سواهم على الباطل ، فهم يهرفون بما لا يعرفون .
فتجد أن كل ناعق يتكلم فى أمور الدين ، لذلك نطوف فى هذه السطور مع خطورة التكفير والفتيا بغير علم .
أولا : حذرنا سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم من تكفير الناس بغير علم حتى لا نأخذ إثم الكفر ، فعند البخاري عن أبى ذر رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر الا ردت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)
وعند مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما )
فمن يرمى أحدا بالكفر ولم ير كفرا بواحا معه فيه من الله برهان فقد أخذ الإثم ونال ذنب الكفر
ثانيا : ان من يكفر الناس يحرم عليه أن ينفى عنه الإيمان طالما أنه أظهره قال تعالى (ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة )
وعند مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) .
ثالثا : على من يكفرون الناس أن يحذروا لعنهم لأنه ذنب عظيم فعند مسلم عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ليس على رجل نذر فيما لا يملك ولعن المؤمن كقتله ) .
رابعا : يا من تكفرون الناس يحرم عليكم أن ترموهم بالكفر بعدما نطقوا بالشهادتين فلكم الظاهر ، والله هو الذى يحاسب على السرائر، وما موقف أسامة بن زيد ببعيد عن حضراتكم عندما قتل الرجل بعدما نطق بالشهادتين فقال له رسول الله صلى الله عليه (أقال لا إله إلا الله وقتلته ، قال يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها خوفا أم لا )
وفى الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بى وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دمائهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله)
والسؤال الذى يطرح نفسه ما هو الداعي إلى تكفير الناس ؟
أولا : الجهل الذريع لأن الذين يكفرون الناس ويستحلون الدماء المحرمة يظنون أنهم علماء وهم أجهل الجهلاء عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم ( ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )
قال تعالى ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)