مقتطفات حول الإسراء والمعراج

بقلم : آيه خفاجي أبو العينين ( واعظة بوزارة الأوقاف المصرية )

يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز: ” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”

رحلة الجبر ، رحلة الخروج من ظلمات الحزن إلى نور السعاة..

” عام الحزن “ سمي العام العاشر من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعام الحزن ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد فيه وفاة عمه أبا طالب وزوجته السيدة خديجة رضي الله عنها..

* أما عن عمه ، فقد كان شديد الدفاع عنه وقد كان له عضداً وحِرزا في أمره ، وكان ناصرا له في قومه من أن ينالوا منه صلى الله عليه وسلم ، فكان عمه يرد عنه كل من يؤذيه ما دام حيا ، فلما مات عمه تجرأت قريش وشددت الإذاء ، لذالك كانت وفاته مبعث حزن عميق للنبي صلى الله عليه وسلم.

* ثم اشتد الحزن أكثر لفراق الحبيبة رفيقة الدرب والقلب ، توفت السيدة خديجة رضي الله عنها بعد وفاة عمه ببضع أيام من نفس العام ، لذا سمي بعام الحزن….

فقد كانت السيدة خديجة رضي الله عنها وزير صدق النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، وكانت تخفف عنه آلامه وهمومه وما يلقاه من عداوة قريش ، فكانت أول من آمن به ، وآذرته في أصعب المواقف والأوقات وداعمته في إبلاغ رسالته ، فقد واسته بنفسها ومالها وشاركته كل ما مر به من أعباء….

فاشتد عليه صلى الله عليه وسلم البلاء لكنه كان على يقين قلبي ثابت بالله تعالى مستمداً قوته منه…

فبعد حزن شديد ورحلة طويلة من الوحده والرفض من بعض القبائل والايذاء له صلى الله عليه وسلم قد اضطر إلى اللجوء إلى بستان عتبة بن ربيعة ، فلما اطمئن في جلسته ، رفع يديه إلى السماء يدعو الله ويقول:

اللهم إني أشكوا إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني..؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري….؟

إن لم بك غضب علي فلا أبالي ، لكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك او يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك..”

ثم انصرف صلى الله عليه وسلم ، وفي ليلة مظلمة من ليالي مكة ، نزل جبريل عليه السلام ومعه ملكان فأخذوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة وشقوا صدره وأخذوا قلبه و وضعوه في طبق مليئ بالإيمان والحكمة ، ثم أعادوه مرة أخرى ، فامتلئ قلب النبي صلى الله عليه وسلم حكمة وعلما وإيماناً زيادة عما كان عليه ، فقد صار مهيئ لاستقبال معجزات ربه…..

وعندما هدأت الأصوات في مكة ، جاء جبريل ليصطحب النبي صلى الله عليه وسلم ، لتبدأ أعظم رحلة ،،…

الرحلة التي اتصل فيها الأحياء بالاموات ، المعجزة التي إلتقى فيها النوران ، نور الحق سبحانه وتعالى ونور خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ،. ف ساد المكان كله بالنور ، وجائت الهدية إلى الأرض ” الصلاة” أعظم هدية لأعظم رسول. وهي الهدية التي أهدانا الله تعالى إياها لنقف بين يديه نحادثه في اليوم والليلة خمس مرات ، بل يزيد….

فلم يكن الحزن الذي عاشه النبي صلى الله عليه وسلم خاتمة المطاف ، بل كان تهيئة لجبر عظيم ، وكانت الإسراء والمعراج إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه وإن كان قد فاته حماية عمه بوفاته ، فإنه محاط بحماية الله تعالى ، وإن كان قد فاتته مؤانسة الزوج بوفاتها ، فإنه مشمول بمؤانسة الملأ الأعلى ، وأنه مهما أحاطه من تكذيب أهل مكة وآذاهم ، فإنه مصدق من أهل السماء مكرم فيهم…. صلوا عليه وسلموا تسليماً..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *