الزُّهريّة بين الوهم والحقيقة: رؤية شرعية وعلمية

بقلم / د. أحمد سليمان أبوشعيشع – عضو هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ – وخادم الساحة المنهلية

الحمدُ للهِ الذي أخرجنا من ظلماتِ الجهلِ والخرافاتِ إلى نورِ العلمِ والإيمان، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الأنامِ سيدنا محمدٍ عليه أفضلُ الصلاةِ والسلام، وبعد:

أولًا: الزُّهريّة في ميزان الشريعة

الزُّهريّة هي مفهوم شعبي منتشر بين بعض الناس ، يدّعون فيه أن هناك أشخاصًا يحملون صفات مميزة تجعلهم مرتبطين بالسحر أو الجن. ومع البحث الشرعي في القرآن الكريم والسنة النبوية ، نجد أن هذا الادعاء لا أصل له.

فالقرآن الكريم تحدّث عن السحر والشياطين ، كما في قوله تعالى:  “وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر” [البقرة: 102].

لكنه لم يشر إلى وجود أشخاص يُطلق عليهم “الزُّهريّون”.

أما السنة النبوية، فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من تصديق الكهنة والعرافين، فقال: “من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزِل على محمد” [رواه أحمد].

وهذا يؤكد أن التصديق بالخرافات كـ”الزُّهريّة” يعارض العقيدة الإسلامية.

ثانيًا: الزُّهريّة من منظور علمي

علميًا، لا توجد أدلة تثبت صحة الزعم بوجود علاقة بين صفات جسدية أو روحية محددة وقوى خارقة ،الربط بين علامات كخطوط اليد أو لون الدم وبين أمور غيبية هو أمر يفتقر إلى المنطق العلمي.
العلوم الحديثة تعتمد على أدلة ملموسة، وليس هناك دراسة تؤيد هذه الادعاءات.

ثالثًا: أثر الخرافات على الإيمان والتربية

الإسلام يدعو إلى تحرير العقول من الأوهام والخرافات التي تزرع الخوف والضعف. الزعم بالزُّهريّة يشجع على استغلال المشعوذين للسذج، وهو ما ينافي مقاصد الشريعة التي تحث على حماية الإنسان وكرامته.

الطريق الحقيقي للنورانية لا يكمن في الأوهام، بل في الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى:

 “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا” [فصلت: 30].

رابعًا: الدعوة إلى الله بالبصيرة

الداعي إلى الله يجب أن يدعو الناس بعلم وحكمة، بعيدًا عن الخرافات والأساطير، كما قال تعالى: “قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني” [يوسف: 108].

فالدعوة على بصيرة تعني الاعتماد على العلم الشرعي الصحيح والفهم السليم للعقيدة.

الخاتمة

الزُّهريّة ليست إلا وهمًا ينافي العقل والعلم والدين.
الواجب على المسلمين الرجوع إلى مصادر الشريعة الصحيحة، وتنقية عقولهم من الخرافات. الإيمان بالله والعمل الصالح هو السبيل الوحيد للنورانية الحقيقية.

نسأل الله أن يهدينا إلى الحق ويثبتنا عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *