ليه الشباب قافلين ودانهم عن النصح الجاي من جهة الدين ؟ 

بقلم الدكتور : أحمد شتيه
الأستاذ بكلية الآداب – جامعة دمنهور

ليه الشباب قافلين ودانهم عن النصح الجاي من جهة الدين ؟
وليه بيسمعوا كويس لأي حد بيكلمهم بمنطق التنمية البشرية ؟

الإجابة ببساطة شديدة :

الموروث التراكمي الذي عانت منه الأجيال الأخيرة من المتدينين المصريين جعل صورة الدين عبارة عن ( بعبع ) وخوف من النار وترهيب من الله بدلا من المدخل الحقيقي للدين وهو البشارة والتحبيب وفتح أبواب الرجاء عن طريق تعريف الله لعباده بصفات جماله قبل صفات جلاله

توارثت الأسر هذا الإرث المشوه نتيجة نمط معين من الدعوة انتشر في فترة بلغت قرابة الأعوام الثلاثين ، فنقلته لاولادها فصار الدين قضية مقلقة بدلا من كونه قضية تطمين وتهدئة للنفس .

إن هذا النمط دخل إلى الناس من باب الحديث عن عذاب القبر وأهوال القيامة وأهوال النار بدلا من الحديث عن نعيم الجنة وجمال رب العالمين وسعة رحمته . كل هذا ترك أثرا يقلق اي إنسان . وتراكم هذا التوجه حتى صار الشباب ينفرون من كل أحد يتكلم في الدين .

دعاة التخويف أقنعوا العوام أن العمل هو السبيل للجنة وليس رحمة الله  فدخل الشباب الذين تتلمذوا على أيديهم دوائر المجاهدة لنفوسهم في قيام ليل وحفظ قرآن ودوام صيام وهكذا .

ولما صدموا بأنهم لا يستطيعون الموالاة قنطوا من رحمة الله وبغضوا هذا الطريق للأسف لأن ابواب الرحمة فيه غير واردة الذكر  ، فأنت مقصر إذن فأنت في النار ، كما في زعمهم .

أما من يتكلمون عن التنمية البشرية أقنعوا الشباب أنهم يريدونهم أفضل وأفضل من أجل تحسين مستوى شخوصهم وترقية ملكاتهم وتقوية بواطنهم . فانقاد إليهم الشباب انقيادا تاما ، لأن هذا الخطاب رغم ثغرات كبيرة فيه خلا من أي تخويف واعتمد على التحفيز وبث الثقة وهو عكس الاتجاه الآخر الداعي إلى القلق والشعور الدائم بالتقصير .

الغريب أن الأهداف التي يدعو إليها التنمويون هي ذاتها مستهدفات الدين من الإنسان  ، والدين وضع لها كل الأسس بإحكام تام ، ينقصنا فقط الداعية الواعي الفاهم الذي يستطيع توصيل ذلك للمتلقين بشكل متوازن وعاقل

إن الدين يريد الإنسان قويا في دينه ودنياه ، ويجعلهما كليهما في خدمة آخرته ، وهذا ما خلا منه الخطاب الديني في الفترة المظلمة التي أشرنا إليها سلفا بشكل كبير ، لكنه في الأعوام الأخيرة نهض إليه بشكل ملحوظ والحمد لله .

يتبع إن شاء الله ..

اترك تعليقاً