أمى بعد أمى!
4 يناير، 2025
قبس من أنوار النبوة

بقلم فضيلة الشيخ : صلاح رمضان ( إمام وخطيب بوزارة الأوقاف )
لما ماتت السيدة فاطمة بنت أسد خلع النبي ﷺ قميصه وأعطاه للإمام علي بن أبى طالب وكفنها به
ونزل بقبرها يحفر ويوسع التراب بيده
وخرج وعينه تفيض من الدمع عليها
و دعا لها بأن تُبعث وهي كاسية فهي مكفنة بقميص نبينا ﷺ و لمَّا سوَّى عليها التراب قال بعضهم: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئًا لم تصنعه بأحدٍ
، فقال: «إِنِّي أَلْبَسْتُها قَمِيصِي لِتَلْبَس مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، ونزلت مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لَيُخَفَّف عَنْهَا مِن ( ضَغْطَة الْقَبْرِ ) ، إنها كانت أحسن خلق الله صنيعا بي بعد أبي طالب)
حبيبي أنت يارسول الله تحمل المعروف لمن لم يقدمه لك فكيف بإمرأة حوى معروفها طفولتك ..
هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشيَّة الهاشميَّة، زوجة أبو طالب عم النبي وأم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كان النبي يعيش في كنف جده عبدالمطلب حتى الثامنة من عمره وتحديدًا عندما توفي جده أنتقل لبيت عمه أبي طالب .
فأحتضن هذا البيت النبي واحتضنته امرأة عظيمة وهي فاطمة بنت أسد فأعتبرته أحد أبنائها بل وأكثر وفي بعض الروايات أنها كانت تُحب النبي أكثر من أبنائها تصور
فعندما توفي عبدالمطلب جاء أبو طالب لفاطمة وقال لها .. اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي ، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي ، وإيّاكِ أن يتعرّض علَيه أحدٌ فيما يريد ، فتبسّمت من قوله وقالت له : توصيني في وَلدي محمّد ، وإنّه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي ؟! ففرح أبو طالب بذلك..
و اعتَنَت فاطمةُ بالنبي وأولَتْه رعايتها وحبّها ، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس لأنها كانت تقدر أنه يتيم فكانت تعطيه أشياء واهتمام حتى أكثر من أبنائها
وكانت أيضًا تغسّله بالماء وتدهن شَعره وتُرجّله وتطيبه ، وكان النبي يحبّها ولا يناديها إلاّ بـ (أمّي) لأنه لم يلاقي أهتماما كهذا إلا من أمه فاطمة بنت أسد ..
ومن شدة حبها للنبيﷺ فعندما تزوج السيدة خديجه دفعت إليه فاطمة
بفلذة كبدها ابنها عليّ بن أبي طالب ليكون في ولايته صلي الله عليه وسلم بعد زواجه من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، فكيف ردَ لها النبي عليه الصلاة والسلام جزء من أفضالها؟
أن النبي عليه الصلاة والسلام سمى ابنته فاطمة على أسم هذه المرأة العظيمة التى كان يناديها بأمي
ولما أهدي رجل للنبي ثوبا من الحرير فقال عليه الصلاة والسلام
(اجعلها خُمرًا بين الفواطم الأربعة ، فشقها أربعة أخمرة، خمارًا لفاطمة الزهراءابنته وخمارا،لفاطمة بنت أسد زوجة عمه اأي طالب مربيته والثالث لفاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب ، والرابع لفاطمة بنت شيبة بن عبد شمس زوج عقيل بن أبي طالب
أسلمت فاطمة بنت أسد بعد وفاة زوجها أبي طالب ، ثم هاجرت مع أبنائها إلى المدينة
وكانت رضي الله عنها راويةً للحديث؛ روت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ستَّةً وأربعين حديثًا
، فكان النبيُّ ﷺ يزورها وينام في بيتها بعض الأحيان .. وسمعت فاطمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يبعث الناس يوم القيامة عراة . فقالت و سوأتاه . فقال لها النبي ﷺ : إني أسأل الله أن تبعثين كاسية .
وقال أنس بن مالك : لمـَّا ماتت فاطمة بنت أسد دخل عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال: (رحمك الله يا أمي كُنتِ أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسيني وتمنعين نفسكِ طيبًا وتطعميني وتريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة)
وقال: “اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَلَقِّنْهَا حُجَّتَهَا وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا”.