هل يحب هؤلاء آلَ البيت؟
4 يناير، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

بقلم الدكتور : الفاتح محمد
الواقع أن أهل السنة فى العموم هواهم مع آل البيت، بل إن هذا هو جوهر التسنن فمصادر الحديث السنية مكتظة بمناقب سادتنا على وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام؛ أى إن الولاء لآل البيت أصيل فى أهل السنة.
لكن انتشار النصب والجفاء مع آل البيت أصبح ظاهرة خطيرة فى المجتمعات السنية؛ فبالإضافة إلى أنها تدل على خلل فى إيمان صاحبها، فهى كذلك قنطرة للتشيع.
وصور هذا الجفاء موجودة بكثرة فى العوام: فكثير منهم يتحدث عن الحسين باستخفاف شديد، وكثير جدا لا يعلم من هو الحسين ولا مكانته، وبعضهم لا يحمل فى قلبه أى غيرة على الحسين ولا يتأثر بأى انتقاص له، وكثير جدا جدا إذا ذُكر الإمام على وابنيه وزوجه الزهراء يمتعضون وتشمئز قلوبهم، وإذا ذُكر غيرهم من الصحابة إذا هم يستبشرون، وكأن من يذكر فضائل على واجب عليه أن يذيلها بذكر فضائل الشيخين أبى بكر وعمر، أما من يذكر فضائل أى شخص من الصحابة فلا يلزمه أن يذكر عليا!!
وأصبح كثير من الناس يتحاشون الحديث فى فضائل آل البيت خوفا من أن تنهال عليهم الاتهامات بالتشيع والرفض! وبعضهم إذا ما ذكر فضيلة عن على، فإنه يعقبها بمحاضرة فى ذم الغلو فى المحبة وذم الروافض.
كثير من الناس الأسهل على قلبه أن يقول: أخطأ على وأخطأ الحسين فى هذه المسألة. ولكن أن يقول: أخطأ الشيخ فلان وفلان من رموز طائفته فهو أمر مستبعد جدا عنده.
وكثير منهم ينفعل ويغضب إذا ذُكر أحد شيوخ تياره وحزبه بسوء، أكثر من انفعاله لذكر الحسن والحسين بمثله أو أكثر منه، بدعوى أنهما بشران يصيبان ويخطئان!!
وبعضهم يتشنج إذا سمع من يذكر اسم أحد آل البيت مسبوقا ب”سيدنا” أو ملحوقا بعبارة “عليه السلام”.. مع أن هذه عبارة الإمام البخارى!
وكثير منهم يستكثر أن يذكر عبارة مدح فى حقهم، ويستنكف ويستكبر، وإذا قال كلمة طيبة يقولها كأنه يتجمل عليهم بها!
هل تتصور أن هؤلاء جميعا بعد ذلك كله، يقولون:
نحن أولى بآل البيت منهم.
ويقولون إننا الأقرب لآل البيت؛ لأن الحب يكون فى الاتباع.
وكذبوا، قد يكون اتباع بدون حب، ثم أى اتباع هذا عند أناس يسمعون الآيات والأحاديث الواردة فى تعظيم النبى صلى الله عليه وسلم وتوقير أهله ومحبتهم.
هذا الداء لم يقتصر على العامة بل زلت فيه أقدام شيوخ كبار عند أهلهم. ومن العجائب أننى سمعت شيخا من كبار من خدم السنة النبوية فى القرن الماضى يقول إنه لو كان حيا لقاتل مع عمر بن سعد!! وهذه الأحاديث الكثيرة التى خرجها ألم توقظ فى قلبه شيئا هو موجود عند عوام المسلمين؟!
وثانٍ يدعونه كبير قراء الشام وأظنه يستوطن قطر حاليا، جاء مصر فى ٢٠١٣ وخرج فى مؤتمر هاجم فيه الشيعة ثم انتقل إلى ذكر الحسين عليه السلام؛ فقال: ايش يكون الحسين يعنى؟ هل هو معاذ بن جبل مثلا هل هو عمر بن الخطاب؟!
ولا يخفى قول كثير من الأجلاف فى الحسين أنه “مات بسيف جدِّه”.
وهذا الجفاء الذى يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تجده كثيرا عند بعض المنشغلين بالرد على الشيعة؛ فتقودهم الإلزامات إلى عدم مراعاة اللياقة مع آل البيت؛ فتجدهم منشغلين جدا بتبرئة خصوم آل البيت بكل السبل حتى لو قادهم ذلك إلى تخطئة آل البيت ورميهم بأى انتقاص.
أما المسلم الحقيقى متبع السنة فهو الذى يحمل حبا حقيقيا تجاه هذه الشجرة المباركة تعظيما لفروعها، وتعظيما وتوقيرا لأصلها صلى الله عليه وسلم، وهذا الحب يقوده إلى نشر فضائل آل البيت دون مداراة ودون خوف من التشيع فقد اتُهم بالتشيع من هو أفضل منه وهو الإمام الشافعى، حتى الإمام النسائى -وهو صاحب السنن- قد دفع ثمنا غاليا لأنه لم يعجب سلف هؤلاء الجفاة.
والملاحظ أن هذا الغلو زاد فى الأيام الأخيرة بفعل السياسة وتأثيراتها؛ فأصبحنا نرى النصب واضحا فى بلاد الشام نكاية فى النظام السابق وغيظا للعلويين وتصفية للحسابات ضد الإيرانيين وحزب الله… مع أن المسلم ينبغى أن يتحرى الاتزان فلم تدفع الحروب الصليبية ولا الاستعمار الأوروبي وجرائمه المسلمين على الانتقاص من قدر السيد المسيح وأمه العذراء عليهما السلام، ومع غلو الصهاينة فى الإبادة ضد المسلمين لم نر مسلما يقلل من قدر نبى الله موسى ولا داود ولا سليمان نكاية فى اليهود؛ لأن المسلم المستقيم يعلم أن هؤلاء الأنبياء وآل البيت هو أولى بهم من غيره فإذا رمى الآخرين بهذا السهم فإن السهم سيصيبه هوه.