فضل التوبة

إعداد أ / مصطفى خاطر 

المقال الأول من سلسلة : ( قطوف من بستان الصالحين )

الحمد لله رب العالمين , حمداً يوافى نعمه ويكافئ مزيده , من جعل في قصص الصالحين ما يقوى به إيمان المؤمنين ويثبت عزائم الصالحين القائل في كتابه العزيز ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) هود : 12

والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه وسلم .

فقصص الصالحين وسير السابقين ما أجملها من قصص تولد العظة والعبرة وتهدى القلوب الحائرة , فتهز الوجدان , وتثير لهيب الحماسة والايمان وتزرع القيم والأخلاق .

ويقول الإمام الجنيد : قصص الصالحين جند من جنود الله يقذفها الله في قلوب المريدين فتقوي عندهم بواعث الإراده .

ولذلك أحببت أن أكتب فى هذا الموضوع سلسلة أسميتها ( قطوف من بستان الصالحين ) جمعت فيها بعض من قصص وأحوال الصالحين والعابدين لكى نجنى من ثمارهم التقوى والورع , ونستجلب منهم الخيرات والبركات ’ جعلنا الله وإياكم من عباده الصالحين المصلحين .

ونبدأ على بركة الله بأول قصة معنا :

القضة الأولى ( فضل التوبة )

ذكر ابن قدامة في كتابه التوابين : ‏أصاب بني إسرائيل قحط على عهد النبي موسى عليه السلام , فاجتمع الناس إليه قالوا: يا كليم الله ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث، ‏فخرج بهم إلى الصحراء وهم سبعون ألفا، ودعا ربه: ”إلهي اسقنا غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والمشايخ الركع” ‏فلم يُستَجب لهم!

فقال عليه السلام: “إلهي إن كان قد خَلُق جاهي عندك، فبجاه النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم الذي تبعثه في آخر الزمان” فأوحى الله إليه: “ما خلق جاهك، وإنك عندي وَجِيه، لكن فيكم عبد يبارزني منذ أربعين سنة بالمعاصي، فناد في الناس ليخرج من بينكم فبه منعتكم” فقال موسى عليه السلام: إلهي، أنا عبد ضعيف وصوتي ضعيف، فأين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون؟

فأوحى الله إليه: ( مِنك النداء ومني البلاغ )، ‏فقام عليه السلام مناديا وقال: “يا أيها العَبد العاصي الذي يُبارِز الله منذ أربعين سنة، اخرج من بين أظهرنا؛ فبك منعنا المطر” ‏فنظر العاصي يمينا وشمالا فلم يَر أحدا خرج، فعلم أنه المطلوب!

‏فقال في نفسه: إن أنا خرجت افتضحت بين بني إسرائيل، وإن قعدت منعوا لأجلي، ‏فأدخل رأسه في ثيابه نادما على أفعاله، وقال: “إلهي وسيدي، عصيتك أربعين سنة وأمهلتني، وقد أتيتك طائعا فاقبلني” ‏فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب!
‏فقال موسى عليه السلام: “إلهي، بماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد”؟

‏فقال الله عز وجل: ( يا موسى، سقيتكم بالذي به مَنعتكم )

فقال موسى عليه السلام: “إلهي أرني هذا العبد الطائع” ‏فقال الله عز وجل: ( يا موسى، إني لم أفضحه وهو يعصيني، أأفضحه وهو يطيعني؟

‏يا موسى إني أبغض النمامين، أفأكون نماما؟ .

اترك تعليقاً