عودة إلى مدرسة بناء الذات

بقلم الدكتور / أحمد شتيه

الأستاذ بكلية الآداب – جامعة دمنهور

عودة إلى مدرسة بناء الذات …

الذروة العاطفية …
وعدنا طلاب مدرسة بناء الذات بتقديم ما يلزمهم من الخبرة الحياتية في مقالات المدرسة تباعا، ونحن لم ننس ما وعدنا، ونحن ماضون – بحول الله – نحو ذلك، فالتمسوا لنا بعض العذر على فترات العمل والانشغال .
كتبت مقالين قبل ذلك لأبنائنا وبناتنا في مقتبل العمر تحت عنوان ( المخاطرة العاطفية)، وهذا المقال الجديد هو إكمال للفكرة ذاتها، فهناك مستوى يمر به الشاب والفتاة المتفتحان للحياة إذا عرضا النفس لمخاطر العاطفة، وهو ما أسميه بمستوى ( اللاعودة ) .
كتبنا في المقالين السابقين إشارات واضحة إلى أن بإمكان الشاب والفتاة تفادي هذه المخاطرة لأنها ستنبني عليها صعوبات نفسية وآلام ستكون سببا في اضطرابه مدة، وذلك بالابتعاد عن الدخول في المستوى الأول منها .
إن مستوى الذروة العاطفية الذي نتكلم عنه هنا هو مستوى ظهور الأعراض العاطفية بقوة حيث يجدها الإنسان في نفسه تنمو وتتعالى تدريجيا، كانشغال الفكر والتشتت، وقلة النوم، وقلة الطعام، وعدم الاتزان السلوكي الذي قد تلحظه الأسره ويراه المحيطون، وهذا المستوى لابد فيه من قرار ، فإن ترك الأعراض تنمو دون قرار يرشح الشخص – حسب قوة نفسه أو ضعفها الباطني – إلى تحول هذه الأعراض لأزمة نفسية غير محمودة العواقب .
إن وصل الشاب أو وصلت الفتاة إلى هذا المستوى وهو الميل الجارف إلى طرف آخر، فلابد من الوقوف مع النفس وقفة قرار، هذه الوقفة هي الأساس الذي سينبني عليه تجاوز للأزمة .
إذا أردكت من نفسك هذه الأعراض وجب أن يقف الشاب وتقف الفتاة مع النفس وقفة لسؤالها سؤالين :
– هل الطرف الآخر شخص مناسب للارتباط ؟
– وهل إمكاناتي ( وإمكاناته ) تتيح لي وله الارتباط فعلا ؟
لو كانت الإجابة في السؤال الأول ب ( لا ) وجب على الشاب والفتاة على السواء أن يتخذا فورا قرار الابتعاد عن هذه العلاقة . مهما كلفهما ، فالمغادرة الآن أسلم في كل الأحوال .
لو كانت ب ( نعم ) وجب أن يسأل ( الشاب ) نفسه السؤال الثاني، فإن كانت الإجابة فيه ب ( نعم ) فعليه التحرك السريع للارتباط، كي يقطع على نفسه هذه الحالة من الاضطراب، لأنه سيظل مضطربا حتى يتم له ما يريد .
لو كانت الإجابة في السؤال الثاني ب ( لا ) فإن الشاب ( لا يحق له في وقته هذا مجرد التفكير في الارتباط – وكان الأحرى به عدم المخاطرة – وعليه تحمل نتيجة هذا الخطأ ) . وعلى الفتاة – إن أدركت – عدم توفر الإمكانات لدى الطرف الآخر للارتباط توجب عليها اتخاذ القرار بإنهاء هذه الرغبة أو هذا التوجه .
إن هذا المقال موجه في الأصل لمساعدة من يصل لهذا المستوى ثم يدرك أنه لن يستطيع الارتباط بمن تعلق به، أما من أتاحت له إمكاناته الارتباط فليس يتبقى له سوى التحرك ليظفر بما أراد .
ونقول للشاب الذي خاطر بنفسه ثم أدرك ما وقع فيه :
أنت الآن في فترة الذروة، والذروة مهما طالت فستنكسر، لكننا لا نريدك أن تنكسر معها، فساعد نفسك ألا تطول هذه الذروة، وأن تساعدها على الانكسار سريعا .
إذا أردت أن تنكسر هذه الذروة سريعا فواجه نفسك بأمور أربعة :
أولها : أنك كنت مخطئا في المخاطرة منذ البداية .
ثانيا : أن هذا الآخر الذي تعلقت به لو كان مقدرا لك فستظفر به في كل الأحوال مهما انقطعت الأسباب .
ثالثا : أن الارتباط الآن مستحيل بكل المقاييس، فليس أمامك سوى النسيان .
رابعا : أني لن أسمح لنفسي بالانكسار، وسأساعدها في النهوض من جديد .
خامسا : أن بقائي في العلاقة يرشحني للمزيد من الألم وربما الأخطاء .

هذه خطة نظرية لتجاوز الذروة ، ويتبقى الآن التطبيق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *