خطبةُ الجمعةِ القادمةِ ( السلامُ رسالةُ الإسلامِ )
للشيخ : عادل عبدالكريم توني إبراهيم
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف
عناصر الخطبة:
١- شمولية السلام في الاسلام .
٢-السلام مع النفس ، والمجتمع ، والكون .
٣- ثمرات إفشاء ونشر السلام .
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الملك القدوُّس السلام، رفَع السماءَ بلا عَمَد، والأرض وضَعَها للأنام، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأتوب إليه و أستغفره، غافر الذنب وقابل التوب شديد الانتقام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلِّغُنا دارَ السلام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، خاتم النبيين وسيد الأنام، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين
ومن تبعهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام.
أما بعد…….
(١)- يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾[سورة البقرة:208].
وروى البخاري في صحيحه : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ – ﷺ – ” أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ »
السلام -يا عباد الله- اسم من أسماء الله -تعالى- الحسنى، فالله -جل جلاله- وتقدست أسماؤه هو السلام، ومنه السلام،﴿ هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ ﴾ [الحشر: 23].
وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ” كانَ رَسولُ اللهِ -ﷺ -إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ” . قالَ الوَلِيدُ: فَقُلتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: كيفَ الاسْتِغْفَارُ؟ قالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. صحيح مسلم
ـ وقد ورد لفظُ: (السلام) وما اشتُقَّ منه في كتاب الله -عز وجل- في أربع وأربعين آية، منها خمس مدنية، والباقيات مكية، في حين لم يرد لفظ الحرب إلا في ستِّ آياتٍ، كلُّها مدنية. وهنا لفتة جميلة لا بد من التنبُّه إليها؛ وهي أنَّ القرآنَ الكريم يدعو إلى السلامِ في الدرجة الأولى، ويحثُّ عليه، ويرغِّب فيه، ويرفض الحرب .
ومن الآيات الكريمة الدالة على هذا المفهوم:
﴿ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ ، ( الأنفال :61).
– ونبينا – -ﷺ – هو الذي بعثه الله تعالي برسالة الإسلام ، ورسالة سلام للكون كله ، فلم يكن نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الحرب، ولا إلي التنازع والتقاتل ، بل يدعو إلى السلام، ويهدي الناس إليه ويدلهم عليه.
فمن ذلك: قوله – -ﷺ -: “المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمُه، ولا يُسْلِمُه”(متفق عليه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “لا تَحاسدوا، ولا تَناجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلمُ أَخو المسلمِ، لا يَظلِمُه، وَلا يَخْذِلُه، ولا يَحْقِرُه، التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسبِ امرئ مِنَ الشرِّ أَن يَحقِرَ أَخاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ: دَمُه، وَمالُه، وعِرْضُه”(رواه مسلم).
وهذه أول وصايا النبي -ﷺ – بعد هجرته لأصحابه من الأنصار والمهاجرين في أول لقاء لهم يوم أن قدم المدينة، روى الدارمي في السنن بسند صحيح عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال: “لما قدم رسول الله -ﷺ – المدينة استشرفه الناس، فقالوا: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجت فيمن خرج، فلما رأيت وجهه – -ﷺ -عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعته صلى الله عليه وسلم يقول: “يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام”.
ـ والمسلمون هم امة السلام ، و الاسلام: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس)[الحج: 78].
وحقيقة هذا الدين ولُبُّه الإستسلامُ لرب العالمين: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[البقرة: 112]. وقال تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ…)[المائدة: 15-16].
– والسلام تحية المؤمنين: وتحقيقًا لتطبيق وتمكين السلام في عقيدة المسلم بمدلوله ، أمَر الله المؤمنين بأن يتخذوه تحيتهم لهم . قال تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[النور: 61].
وأخرج الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه): “لَمَّا خلَق اللهُ -تعالى- آدم -عليه السلام- قال: اذهب فسَلِّمْ على أولئك من الملائكة، فاسْتَمِعْ ما يحيونكَ، تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكَ ورحمة الله” فالسلام هو تحية أبينا آدم والأنبياء مِنْ بَعْدِه .
ولِمَا في هذه التحية العظيمة من المعاني الكريمة والغايات النبيلة في تأليف قلوب العباد، وتوحيد صفوفهم جعَلَها الله -تعالى- شعارَ الإيمان، ففي (صحيح مسلم)، قال رسول الله –
-ﷺ – : “لا تدخلون الجنةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشُوا السلام بينكم”.
– والجنة هي دار السلام ليس فيها نغص ولا حسد ولا فيها مرض ولا فيها قلق ولا فيها خوف ولا فيها منازعة ولا فيها حروب ولا فيها شيء من هذا كله، قال تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)[يونس: 25ـ26].
وبالسلام تُحيي الملائكةُ المؤمنين في الجنة، وهو تحية أهل الجنة يوم يَلْقَوْنَ ربَّهم، (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 44].
وقال تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ)[النحل: 32]، وقال تعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)[الرعد: 23-24].
(٢)- لذا ينبغي أن يطبق المسلم هذا الشعار والمبدأ في حياته فيعيش في سلام مع نفسه ومع من حوله ، روى البخاري في صحيحه معلقًا، عن عَمَّار بن ياسر قال: ( ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ ).
السلام مع النفس ..
والسلام النفسي لا يتحقق إلا بالتخلية عما يكدر حياة الإنسان، ويجعله في حرب داخلية لابد أن تتخلى عن الحسد والحقد والعداوة والبغضاء وإلا ستعيش في هم وكرب ومنازعات داخلية تؤدي بك إلى الأمراض النفسية….
و لا يتحقق السلام الخارجي والعالمي إلا بالسلام الداخلي يجد المسلم فيه السكينة والاطمئنان وراحة البال.
فاحرصوا على تنقية قلوبِكم مِن الحِقد والغِلّ، وجاهدوا أنفسكم على إزالة الضغائن والشحناء، وأبعدوا عن أنفسكم الحسد وأخرجوه منها ، فهي أمراض تُضعفُ إيمانَ القلب وصحَّته، وتُورِث الأوزارَ والهُموم، وتَجُرُّ إلى ذنوبٍ كبائر، وتُتلفُ الأعصاب، وتَجلِبُ الضِّيق والاضطراب والأرَق، وتَزيدُ في الغضب والتَّهوُّر، وقد صحَّ أنَّه قِيل لرسول الله ـ -ﷺ – : (( أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» )). ابن ماجه
والسلام مع المسلمين ..يكون بالمسالمة وبكف الأذى، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ -ﷺ – قَالَ: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ”].
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال: “إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ – : أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”].
وعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ – يَقُولُ: “تَدْرُونَ مَنْ الْمُسْلِمُ؟”، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: “مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”، قَالَ : “تَدْرُونَ مَنْ الْمُؤْمِنُ ؟”، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: “مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ فَاجْتَنَبَهُ”].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أن النبي -ﷺ – قال: “واللهِ لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!”، قيل: من يا رسول الله؟ قال: “الذي لا يأمن جاره بوائقه!”].
كما يدعو الاسلام أن يعيش المسلم في سلام مع غير المسلمين المسالمين ، قال الله تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 8، 9].
بل إن الإسلام امرنا أن ننشر السلام في الكون حولنا ، فتخطى الإسلام بقضية السلام العالم الأنسي إلى سائر المخلوقات فقد حثت آيات القرآن الكريم المسلم على الحفاظ على البيئة وحمايتها وهو واجب ديني أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نحافظ على الأرض وما بها من خيرات ، و أمرنا سبحانه وتعالي أن نتعامل مع البيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها من ثروات وموارد ومكونات ويدعونا إلى إدارتها إدارة رشيدة ، قال الله تعالى: ﴿ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَالمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف:56].
كما أن رسولنا الكريم -ﷺ -طالبنا بإماطة الأذى بكل أنواعه عن الطريق، وجعل إماطة الأذى من الإيمان عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الإيمان بضعٌ وستون شعْبةً، أو بِضْعٌ وسَبْعون شُعبةً أَعْظَمُها شهادَةُ أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذَى عن الطريقِ، وَالحَياء شعبةٌ من الإيمان”.
وتأملوا عباد الله: إلى قمة الرحمة و السلام في حياة سيد الأصفياء -ﷺ – عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -ﷺ – فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِيهِ قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ أَحْرَقْنَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ – : «لَا يُعَذِّبُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَعَزَّ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا خَالِقُهَا»،
وَقَالَ: ” وَمَرَرْنَا بِشَجَرٍ فِيهَا فَرِيخَا حُمَّرَةَ، فَأَخَذْنَاهَا، فَجَاءَتْ حُمَّرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تُعَرِّشُ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخِهَا؟»، قَالَ: «فَرُدُّوهَا إِلَى مَوْضِعَهَا» فَرَدَدْنَاهَا “
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفِروه
إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون :
(٣)- إخوة الإيمان: من فوائد وثمرات نشر وإفشاء السلام ..
أنه سبب من أسباب دخول الجنة؛
يقول رسول الله -ﷺ – “يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام”.
ومنها: أن السلام والمصافحة سبب في تكفير السيئات، ومحو الخطيئات؛ فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا”.
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن المؤمن إذا لقي المؤمن، فسلم عليه، وأخذ بيده فصافحه؛ تناثرت خطاياهم كما يتناثر ورق الشجر” [رواه الطبراني في الأوسط].
وعن سلمان الفارسي -رضي الله عنه-: أن النبي -ﷺ – قال: “إن المسلم إذا لقي أخاه فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف، وإلا غفر لهما ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر” [رواه الطبراني].
ومن فوائد السلام: تحصيل الحسنات العديدة على عمل يسير لا يأخذ إلا ثواني معدودة؛ فعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -ﷺ – فقال: “السلام عليكم، فرد عليه صلى الله عليه وسلم ثم جلس”، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “عشر” ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال: “عشرون” ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد فجلس، فقال: “ثلاثون”.
ومنها: أن السلام سبب من أسباب تصفية ود أخيك المسلم، وفيه أداء لحقه؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -ﷺ – : “حق المسلم على المسلم ست” قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال:”إذا لقيته فسلم عليه…” الحديث..
ومن ثمار السلام التي يجنيها المسلم: خيريته عند الله -تعالى-؛ لما رواه أبو داوود والترمذي وحسنه؛ فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – ﷺ -: “إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام”.
وهو سبب من أسباب حصول البركة والخير؛ فعن أنس -رضي الله – قال: قال لي رسول الله – ﷺ -: “يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهلك” [رواه الترمذي].
فإذا أردتم عباد الله أن تعيشوا في أمن وأمان وسلم وسلام.فادخلوا في السلم كافة
واحرصوا علي السلام النفسي والروحي الذي يثمر بعد ذلك السلام مع سائر المخلوقات والكائنات…..
هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ جلَّ وعلا : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهم أنصر الإسلام وأعز المسلمين ، وكن لإخواننا في فلسطين وغزة ناصرا ومعينا ،