إنما المؤمنون إخوة

بقلم د : إبتسام عمر عبد الرازق


الأخوّة في الله… الرباط الذي لا يقطعه الزمان

حين خرج النبي ﷺ من مكة مهاجرًا، لم يحمل معه مالًا، ولا سلاحًا، ولا جيشًا… بل حمل في قلبه إيمانًا، وفي روحه يقينًا، وفي نيّته بناء أمة, ولمّا وصل إلى المدينة، لم يكن أول عمل هو توزيع الغنائم أو تأسيس جيش…
بل كان أول ما فعله أنه آخى بين المهاجرين والأنصار

ومن هنا… بدأت الأخوّة. أخوّة لا تقوم على دم، بل على رباط الإيمان. أخوّة لا تهتزّ بمصالح، ولا تتبدّل بتقلّب الأحوال. فقال الله عزّ وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”(الحجرات:10) ليست الأخوّة هنا مجرّد كلمة… بل عقيدة، وعهد، وشعور يسكن القلب قبل أن يظهر على اللسان.

الأخوة في الله أقوى من روابط الدنيا فهى لا تقوم على مصلحة، بل على إيمان مشترك, لا تفترق باختلاف العرق أو اللغة أو البلد. لا تتبدّل بتغير الأحوال، لأنها لله وفي الله.

الأخوة في الهجرة… نموذج خالد , حين هاجر النبي ﷺ إلى المدينة، لم يربط بين المهاجرين والأنصار بعقود مالية… بل آخى بينهم.

سيدنا عبد الرحمن بن عوف… ترك ماله وبلده،
وسيدنا سعد بن الربيع… قال له: “هذا مالي، خذه!” أي قلب هذا؟! أي حب هذا؟! إنها أخوّة صافية لا يعرفها إلا من ذاق طعم الإيمان.

ومن علامات الأخوة الحقيقية: أن تُحب لأخيك ما تحب لنفسك قال ﷺ: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.” الستر والوفاء والنصح لا تُعيّره، لا تُفشي سره، لا تخذله عند الحاجة.

أن تسأل عنه، وتفرح لفرحه، وتحزن لحزنه قال ﷺ: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد…”

أن تُحسن الظن، وتصفح وتعذر قال الله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ”– كأن النزاع بين اثنين يهزّ جسد الأمة كله!

الأخ في الله… نعمة قد لا يربطك به دم، لكنه يسندك بالدعاء، ويذكّرك بالله، ويحبك لذاتك، لا لمصلحة.

احفظوا هذه النعمة… فالدنيا تمضي، وتبقى الأخوة التي كانت لله.