استراتيجية سحب الأصوات من السياسة إلى الحياة

بقلم الأستاذ: مازن أبو الفضل مدرب تنميه إدارية ومهارات

نتناول في هذا المقال ظاهرة منتشرة لا تقتصر على السياسة فحسب، بل تمتد إلى جوانب متعددة من حياتنا، وهي محاولة سحب الدعم أو الأصوات من الخصم، بدلاً من التركيز على تقديم الذات وتطويرها.

-في السياسة مثلاً: تكتيك “هم ليسوا جيدين قد يكون نحن كذلك”

في الانتخابات، يلجأ بعض السياسيين “الأشراف الأطهار المعصومين”، إلى أساليب غير أخلاقية عندما يفشلون في حشد الأصوات لصالحهم. بدلاً من عرض نقاط قوتهم أو برامجهم، يركزون على تشويه سمعة الخصم من خلال:

* نشر الشائعات: ترويج معلومات كاذبة أو مضللة عن المنافس.

* النبش في الماضي: البحث عن أخطاء أو تجاوزات قديمة للخصم لإثارة الشكوك حوله.

الهدف الأساسي من هذه الاستراتيجيات هو دفع الناس إلى الإحجام عن تأييد المرشح المنافس، بغض النظر عن الجهة التي ستذهب إليها الأصوات المسحوبة. الأهم بالنسبة لهم هو ألا يفوز الخصم.

-امتداد الظاهرة إلى جوانب الحياة الأخرى

لا يقتصر هذا التكتيك على المجال السياسي، بل يتغلغل في حياتنا اليومية:

* العلاقات: قد يقوم شخص بتشويه سمعة الآخرين ليظهر هو بمظهر أفضل، أو ليمنع الناس من التقرب منهم.

* الإدارة: في بيئة العمل، قد يلجأ البعض إلى التقليل من شأن الزملاء أو إظهار عيوبهم لضمان بقائهم في مناصبهم أو لعرقلة تقدم الآخرين أو إيهامك أن سوق العمل كله عيوب ومشاكل أكثر من هنا.

* التجارة: في الإعلانات، قد يتم التركيز على عيوب المنتجات المنافسة بدلاً من تسليط الضوء على جودة المنتج المعلن عنه.

* الدين: يشير بعض الكيانات ال”مقدسة” الى إبراز “عوار ومشاكل وسلبيات” الكيانات الأخرى (أديان، مذاهب، طرق) بهدف وحيد هو أن ينضم الناس إليها لعدم وجود بديل “صالح” في نظرهم.

-منهج “شيطنة الآخر”: أسلوب السطحيين

هذا المنهج يعكس السطحية والفراغ لدى من يستخدمونه.

فالشخص الذي لا يمتلك ما يقدمه من إيجابيات أو مهارات لجذب الآخرين، يلجأ إلى أسلوب تخويف الناس من الآخر وشيطنته.

هذا المنهج لا يعتمد على إظهار الجوانب الإيجابية التي تدفع الناس نحو الإعجاب والجاذبية، بل يرتكز على:

* الخوف والثبات: غرس الخوف من الآخر وتثبيت الناس في أماكنهم.

* بغض الآخر: تشجيع الكراهية للآخرين المختلفين.

* شيطنة الآخر: تصوير الآخر على أنه “شرير” ومتربص، وكأن وجود “آخر شرير” ضروري لوجودنا ونجاحنا.

هذا المنهج لا يعلمنا التعايش والتأقلم مع الآخرين، بل يدفعنا إلى التخلص منهم لتحقيق المكاسب الشخصية.

إنه منهج يعلمنا التفرقة لا الجمع، ويدعو إلى الهدم لا البناء، فهو “شيطاني” لا “إلهي”.

يمكن تطبيق هذا المفهوم على الرأي العام والنخب السياسية في أحداث متعددة، من الأحداث الكبرى إلى يومنا هذا، حيث يستمر البعض في استخدام هذه الاستراتيجية لتوجيه الرأي العام وتشويه صورة الآخر.