مسجد قباء.. أول غرس نبوي في أرض المدينة

بقلم د : إبتسام عمر عبد الرازق

حين وطئت قدما النبي ﷺ المدينة مهاجرًا، لم يكن أول ما بدأ به هو بناء بيتٍ له، ولا قلعة لحمايته، ولا سوق للتجارة… بل بنى مسجدًا, إنه مسجد قباء، أول مسجد أُسّس في الإسلام، وأول بناء نبوي في أرض الهجرة.

“لمّا قدم رسول الله ﷺ المدينة نزل في بني عمرو بن عوف، فأقام فيهم بضع عشرة ليلة، وأسّس مسجد قباء، وكان أوّل مسجد أُسّس على التقوى) رواه البخاري ومسلم (

يعُتبر المسجد أول خطوة لأن النبي ﷺ لم يكن يبني جدرانًا… بل كان يغرس جذور أمّة, والمسجد كان حجر الأساس في كل ذلك ,وقد كان المسجد مركز التربية مدرسة مفتوحة ُتغرس فيها العقيدة، وتُزرع فيها الأخلاق، وتُصقل فيها النفوس, لم يكن مكانًا للصلوات فقط… بل موضعًا لبناء الإنسان.

يُوصف مسجد قباء بأنه نواة المجتمع الأول في المسجد تعارف المهاجرون والأنصار, فيه تصافحت القلوب، وذابت الطبقية. كان الكل سواسية بين يدي الله… الغني بجوار الفقير، والقوي بجوار الضعيف

يُمثل المسجد منصة العدل فيه تُحلّ النزاعات، ويُرجع الحقوق، وتُعلن القرارات. كان صوت النبي ﷺ فيه أعلى من كل صوت… لا بالجهارة، بل بالحكمة والعدل.
يعُد المسجد قلب الدولة حتى إذا جاء الخطر… كان المسجد مقر القيادة منه تُنظم السرايا، وتُرفع الدعوات، وتُؤخذ البيعة, ومع كل هذا… كان مسجدًا يُصلى فيه

قال تعالى:
“لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ…”(التوبة:108), وكان النبي ﷺ يذهب إلى مسجد قباء بين الحين والآخر، ويقول:” “من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه، كان له كأجر عمرة.”( رواه ابن ماجه)

خلاصة القول إذا أردت أن تبني مجتمعًا… فابدأ من الروح, ابدأ من المسجد، من الصلاة، من التربية، من الكلمة الطيبة, هكذا بنى النبي ﷺ أمة… بدأت من طين قباء، وانطلقت لتُضيء العالم