الزُّهْدُ عند سيدي برهان الدين أبو الإخلاص رضي الله عنه
28 مايو، 2025
منهج الصوفية

يقدمها لكم : الشيخ السيد محمد البلبوشي
خويدم الطريقة الإخلاصية – خطيب بوزارة الأوقاف
قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ بَقِيَّةُ اللهِ خَيْرٌ لَكُم ﴾.
( تَنْوِيرٌ ) إِذَا لَمْ تَزْهَدْ فِى الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ ، فَأَنْتَ بَعِيدٌ عَنْ خَيْرِ الآخِرَةِ العَلِيَّةِ .
( تَحْرِيرٌ ) خُلُوُّ قَلْبِكَ مِنْ المَعْصِيَةِ لِلْمَوْلَى أَحَقُّ بِكَ أَيُّهَا العَاقِلُ وَأَوْلَى .
(تَنْوِيرٌ ) لَوْ لَمْ يَكُن مِنْ خُبْثِ الدُّنْيَا إِلّا أَنَّ حَلَالَهَا حِسَابٌ وَ حَرَامَهَا عِقَابٌ ، لَكَفَى ذَلِكَ عِبْرَةً فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِى الأَلْبَابِ .
( تَحْرِيرٌ ) الفَارِغُ مِنْ شُغْلِهَا يَاقَوْم، لَا يَحْتَرِقُ بِنَارِ شَعْلِهَا فِى ذَلِكَ اليَوْمِ .
( تَنْوِيرٌ ) الزُّهْدُ فِى الشَّرْعِ وَاجِبٌ فِى المُحَرَّمَاتِ ، وَمَنْدُوبٌ فِى الكَثْرَةِ مِنَ المُبَاحَاتِ ، وَفِى أَحْكَامِ الحَقِيقَةِ عِنْدَ أَهْلِ الطَّرِيقَةِ ، وَاجِبٌ فِى الجَمِيعِ ، فَقُلْ نَعَمْ يَامُطِيعُ .
( تَحْرِيرٌ ) تَعْطِيلُ جَيِّدِ دُنْيَا العَبْدِ الزَّاهِدِ السَّالِكِ ، أَعْظَمُ عِنْدَ اللّهِ مِنْ حُلِىِّ الرَّاغِبِ العَفِيفِ المَالِكِ .
( تَنْوِيرٌ ) الدُّنْيَا كَحَيَّةٍ مَنْظَرُهَا يَزِينُ ، وَمَسُّهَا يَلِينُ ، وَبَاطِنُهَا قَبِيحُ ، وَسُمُّهَا دَفِينٌ .
( تَحْرِيرٌ ) كُلَّ يَوْمٍ أَهْلُ الدُّنْيَا يَرْحَلُونَ عَنْهَا ، وَكُلَّ نَفَسٍ هُمْ يُبْعَدُونَ مِنْهَا ، لَكِنَّهُم عُمْيَانُ الشُّهُودِ وَفِى غَفْلَةِ عَنْ فَهْمِ المَقْصُودِ .
( تَنْوِيرٌ ) قَدْ ذَوَّقَتْكَ الدُّنْيَا أَلَمَ المَشَقَّةِ بَعْدَ مَسَافَةِ الشُّقَّةِ فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ فَقَدْ وَعَظَكَ المَلَوَانِ .
إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفَتْ لَهُ عَنْ عَدُوِّ فِى ثِيابِ صَدِيقِ
( تَحْرِيرٌ ) إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَا لِلدُّنْيَا مِنْ حَقِيقَةِ البَقَاءِ وَالكَمَالِ ، فَاسْتَجْلِهَا فِى مِرْآةِ الحَقِّ تَجِدْهَا كَالخَيَالِ إِذَا نَظَرْتَ فِيهَا حَضَرَ ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا زَالَ ، فَهِىَ خَيَالٌ فِى خَيَالٍ فِى خَيَالٍ .
( تَنْوِيرٌ ) الزَّاهِدُ المُجَرَّدُ اسْتَرَاحَ مِنْ حَمْلِ الأَثْقَالِ ، وَخَفَّتْ مَؤُونَتُهُ مِنْ العِيَالِ ، حَيْثُ حَلَّ فَلِبَاسُهُ فِرَاشُهُ وِغِطَاؤُهُ قُمَاشُهُ .
( تَحْرِيرٌ ) زَهْرَةُ الدُّنْيَا ذُبُولُهَا سَرِيعٌ ، وَالمَفْتُونُ بِهَا صَرِيعٌ ، الدُّنْيَا وَسِيلَةُ المَرْءِ غَدَاً ، فَلَا تَجْعَلْ الوَسِيلَةَ مَقْصِدَاً .
( تَنْوِيرٌ ) عَيْشُ ‘ أَهْلِ الدُّنْيَا بِالتَّعَبِ وَالنَّكَدِ ، وَعَيْشُ أَهْلِ الآخِرَةِ بِالهَنَاءِ وَالمَدَدِ ، أَرْبَابُ الدُّنْيَا أَرِقَّاءُ المَشَاقِّ ، وَإِخْوَانُ الآخِرَةِ خَلَصُوا مِنْ رَدَاءَةِ الأَخْلَاقِ ، مَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ الدُّنْيَا فَهُوَ جَعْلِىُّ النَّفْسِ لَا يَنْتَعِشُ بِغَيْرِ نَتَنِهَا ، وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتُهُ الآخِرَةَ فَهُوَ مَلَكِّىُ الرُّوحِ لَايَرْتَاحُ لِغَيْرِ طِيبِ عَرْفِهَا .
( تَحْرِيرٌ ) الدُّنْيَا لَمْحَةٌ مِنَ الآخِرَةِ وَعُمْرُكَ وَإِنْ طَالَ طَرْفَةً بَيْنَهُمَا ، فَلِلَّهِ أَشْكُو مِنْ حالٍ كَالمُحَالِ ، هَذَا قَوْلِى وَإِنْ لَمْ أَ كُنْ بِهِ أَنْتَبِهُ ، فَانْتَبِهْ أَنْتَ بِهِ .
( تَنْوِيرٌ ) أَنْوَارُ أَعْمَالِ الزُّهْدِ تُضِئُ مِنْ مِشْكَاةِ قَلْبِ الزَّاهِدِ وَتَتَضَاعَفُ وَتَزِيدُ عَلَى أَعْمَالِ الرَّاغِبِ العَابِدِ .
(تَحْرِيرٌ ) التَّجْرِيدُ عَلَى قِسْمَيْنِ : قِسْمٌ يُظْهِرُهُ أَصْحَابُهُ لِلأَبْصَارِ ، وَقِسْمٌ يَكْتُمُهُ أَهْلُ البَصَائِرِ الكِبَارُ .
( تَنْوِيرٌ ) الزُّهْدُ عَلَى قِسْمَيْنِ : زُهْدٌ فِى الدُّنْيَا ، وَزُهْدٌ فِى الآخِرَةِ ، فَالأَوَّلُ لِلسُّعَدَاءِ ، وَالثَّانِى لِلأَشْقِيَاءِ ، وَقَدْ يَكُونُ الزُّهْدُ فِى الآخِرَةِ لِمَنْ لَارَغْبَةَ لَهُ فِيهَا شُغْلَاً بِاللهِ عَمَّا سِوَاهُ ﴿ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ ثُمَّ إِنَّ الزُّهْدَ وَإِنْ كَانَ مِنَ الوَصْفِ المَحْمُودِ ، فَهُوَ يَتَفَاوَتُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ، فَزُهْدُ المُرِيدِ فِى أَمْتِعَةِ الدُّنْيَا وَالمَالِ ، وَزُهْدُ العَابِدِ فِى كُلِّ مَا شَغَلَ البَالَ ، وَزُهْدُ أَهْلِ الوَرَعِ فِى مُبَاحِ الحَلَالِ وَالطَّمَعِ ، وَزُهْدُ السَّالِكِينَ فِيمَا يَحْجُبُهُمْ عَنْ قِيَامِ الدُّنْيَا ، وَزُهْدُ أَهْلِ الأَحْوَالِ فِى أَحْوَالِ غَيْرِهِم مِنَ الرِّجَالِ ، وَزُهْدُ أَرْبَابِ المَقَامَاتِ فِيمَا يَصُدُّهُمْ عَنِ المُشَاهَدَاتِ ، وَزُهْدُ أَصْحَابِ المَعَارِفِ فِيمَا يَقْطَعُهُمْ عَنِ العَوَارِفِ ، وَزُهْدُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ الكِبَارُ فِيمَا سِوَى الحَقِّ مِنَ الأَغْيَارِ ، وَهَؤُلَاءِ يَرَوُنَ مَقَامَ الزُّهْدِ عِنْدَهُم عَيْنَ الحِجَابِ ، وَقِشْرَاً شُغِلَ بِهِ أَهْلُهُ عَنِ اللُّبَابِ ، وَمُوجِبُ ذَلِكَ رُؤْيَةَ الغَيْرِ فِى الشُّهُودِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَفْهَمُوا المَقْصُودَ .
قَالُوا تَزَهَّدْ فَقُلْتُ الزُّهْدُ لِى حُجُبٌ عَنِ الحَقِيقَةِ فِى أَطْوَارِ تَحْقِيقِ
الزُّهْدُ غَيْرٌ وَمَا لِلْغَيْرِ مِنْ أَثَرٍ عِنْدَ العَيَانِ إِذَا رُقُوا بِتَوْفِيقِ