الاخلاق هى ثمرة العقيدة الصحيحة وفهم غايات الشريعة
10 مايو، 2025
منبر الدعاة

بقلم الأستاذ : أحمد سعيد قحيف
حينما تسمع أحدهم يقول إن الصلاة والصيام وباقي العبادات الإسلامية لا تؤثر في أخلاق الناس، وإن هناك من يلتزم بها ومع ذلك لا يتحلى بالأخلاق الحسنة، فاعلم أنه يخلط بين أمرين: يخلط بين الإسلام كمنظومة متكاملة ربانية التأثير والغاية، وبين سلوك الأفراد الذين قد يطبقون الدين بصورة ناقصة أو مغلوطة.. إنه لا ينتقد الدين نفسه، وإن بدا كذلك، بل ينتقد نموذجًا مشوّهًا للتدين لا يعبر عن حقيقة الإسلام.
إن من يتحدث بهذا الشكل، في الغالب، لا يعرف من الإيمان إلا شكله، ولا من الدين إلا ظاهره، فيغفل عن العمق الذي تُبنى عليه هذه الشريعة الخالدة.
فالدين الإسلامي ليس مجرد طقوس تُؤدى، بل هو منظومة متكاملة تقوم على ثلاثة أركان:
العقيدة: وهي الأساس الذي يرسخ في قلب المؤمن تصورًا واضحًا عن الله تعالى، وعن صفاته العليا وأفعاله، ويملأ قلبه تعظيمًا وخشية ومحبة له.. من خلالها، يفهم الإنسان مكانه في هذا الكون، ويكتشف مظاهر العظمة الإلهية التي تدفعه إلى التوحيد الصادق.
الشريعة: وهي التي تنظم علاقة الإنسان بخالقه، من خلال العبادات، كما تنظم علاقته بالناس، من خلال المعاملات، وتضبط تعامله مع البيئة من حوله.. فالشريعة ليست فقط أوامر ونواهي، بل هي طريق للحياة الكريمة، تحفظ الحقوق، وتحقق العدالة، وتوجه الإنسان للخير في كل أبعاده.
الأخلاق: وهي الثمرة التي تظهر حين تستقر العقيدة في القلب، وتُفهم الشريعة على حقيقتها.. وقد قال النبي صل الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ليبيّن أن الغاية النهائية من هذا الدين هي إصلاح النفوس وتهذيب السلوك.
فإذا غابت الأخلاق، فهذا يعني أن هناك خللاً ما في فهم العقيدة أو تطبيق الشريعة، أو في الإخلاص ذاته.
المؤمن الصادق هو من يفهم هذا التكامل، ويجتهد في أن يكون تدينه سليمًا لا شكليًا، وواعيًا لا تقليديًا، ومثمرًا لا جافًا.