خطبة بعنوان (إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه) لفضيلة الدكتور أيمن حمدى الحداد

خطبة بعنوان (إنَّ ما أتخوف عليكم رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فغيّر معناه)
لفضيلة الدكتور : أيمن حمدى الحداد

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط أدناه

Atakawf alekom ragol atah


نص الخطبة

الحمد لله الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله، ورسوله كان قرآناً يمشي على الأرض اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: إن من أعظم خصائص القرآن الكريم أنه منهج ربانى يحقق الهداية للناس إلى قيام الساعة؛ قال تعالى:﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(البقرة: ١-٤)، وقال تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾(الإسراء: ٩)، ولقد حذر ربنا تبارك وتعالى من الزيغ بعد الهداية؛ قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الأعراف: ١٧٥- ١٧٦)، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ ما أَتَخوَّفُ عليكم رجلٌ قَرَأ القرآنَ حتى إذا رُئِيَتْ بَهْجتُه عليه، وكان رِدْئًا للإِسلام، غَيَّرَه إلى ما شاء الله، فانْسَلَخَ مِنْه ونَبَذَه وراءَ ظَهْرِه» حسن رواه ابن حبان،، وقال بن كثير: اسناده جيد.
عباد الله: لقد عمد المغرضون فى القديم والحديث إلى بث الشبهات والطعن فى دين الله رب العالمين من أمثلة ذلك؛

♦ الشبهة الأولى: الإدعاء بأن القرآن الكريم ليس وحياً من الله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الفرقان: ٥-٦)،
لقد تضمنت الآية بحسب ما ورد في سبب نزولها افتراءَ النضر بن الحارث على النبي ﷺ حين ادَّعى أن كلمات القرآن انتسخها محمد – وحاشاه – من جبر، ويسار، وعداس، وافترى ثانية حين ادعى أن القرآن ليس من كلام الله، بل هو مما سطره الأولون.

ومعلوم أن مثل هذه الشبهة داحضة ومتهاوية من عدة أوجه؛
– فصاحة القرآن الكريم دليل على أنه وحى من رب العالمين؛ قال تعالى: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾(الإسراء: ٨٨- ٨٩)، وقال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾(النجم: ١- ٤)،
– إخبار القرآن الكريم بالغيب دليل على أنه وحى من رب العالمين؛ قال تعالى: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ﴾(النمل: ٦٥- ٦٦)،

– القرآن الكريم مبرأٌ عن النقص والتناقض؛ قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾(النساء: ٨٢)،
– اشتمال القرآن الكريم على الأحكام التي هي مقتضية لمصالح العباد، وذلك لا يكون إلا من عند رب العالمين؛ قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾(النحل: ٨٩)،

– مما وقع به الرد على تلك الفرية والشبهة أيضاً ما تضمنه قوله تعالى: ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾، فالقرآن الكريم أنزله من يعلم السر فى السماوات والأرض، فلو أن محمداً ﷺ كذب عليه لانتقم منه؛ قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾(الحاقة: ٤٤- ٤٦)،
– الله عز وجل يعلم كل سرٍّ خفي في السماوات والأرض، ومن جملته ما تسرونه أنتم من الكيد لرسوله ﷺ، مع علمكم بأن ما يقوله حقُّ ضرورةٍ، وكذلك باطن أمر رسول الله ﷺ وبراءته مما تتهمونه به، وهو سبحانه مجازيكم ومجازيه على ما علِم منكم وعلِم منه.

♦ الشبهة الثانية: إنكار البعث وإستحالة إمكانه؛ لقد جاء العاص بن وائل السهمى، وقيل أُبى بن خلف الجمحى إلى سيدنا رسول الله ﷺ بعظام بالية، أخذها في يديه ووقف بين يدي النبي ﷺ وفتَّ العظام فحولها إلى رميم وتراب؛ ثم قال: «يا محمد! أتزعم أن الله يحيي هذه العظام بعد ما صارت رميماً؟ فقال الرسول ﷺ: نعم، يميتك ثم يبعثك ثم يدخلك جهنم»، فأنزل الله عز وجل قوله تعالى في آخر سورة يس: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾(يس :٧٧-٨٣)،
– الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة؛ قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾، وعن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، عن النَّبيِّ ﷺ قال: «قال اللهُ: كذَبَني ابنُ آدَمَ ولَم يَكُنْ له ذلك، وشَتمَني ولَم يَكُن له ذلك؛ فأمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه: لَن يُعيدَني كما بَدَأني. وليس أوَّلُ الخَلقِ بأهونَ عَلَيَّ مِن إعادَتِه، وأمَّا شَتْمُه إيَّايَ فقَولُه: اتَّخَذَ اللهُ ولَدًا. وأنا الأحَدُ الصَّمدُ لَم ألِدْ ولَم أُولَدْ ولَم يَكُنْ لي كُفْأً أحَدٌ» رواه البخارى.

– الاستدال بالاتيان بالضد من ضده؛ قال تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾،

قال قتادة رحمه الله: الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه.
والمعنى أن الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضرإً نضراً ذا ثمر وينع، ثم أعاده إلى أن صار حطباً يابساً، توقد به النار، كذلك هو فعال لما يشاء، قادر على ما يريد لا يمنعه شيء.

– الاستدلال بالخلق الأكبر على الخلق الأصغر؛ حيث برهن ربنا تبارك وتعالى على إحياء العظام، وهي رميم بأخذ الدلالة من الشيء الأجل الأعظم على الأيسر الأصغر؛ قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾، فإن كل عاقل يعلم أن من قدر على العظيم الجليل، فهو على ما دونه بكثير أقدر وأقدر. فأخبر سبحانه أن الذي أبدع السماوات والأرض، على جلالتهما، وعظم شأنهم، وكبر أجسامهما، وسعتهما وعجيب خلقهما، هو أقدر على أن يحيي عظاماً قد صارت رميماً، فيردها إلى حالتها الأولى؛ قال تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾(غافر: ٥٧)، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(الأحقاف: ٣٣)، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إلى النبيِّ ﷺ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ علَى إصْبَعٍ، والأرَضِينَ علَى إصْبَعٍ، والجِبَالَ علَى إصْبَعٍ، والشَّجَرَ علَى إصْبَعٍ، والخَلَائِقَ علَى إصْبَعٍ، ثُمَّ يقولُ: أنَا المَلِكُ. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾(الزمر: ٦٧)، رواه مسلم.

– الاستدلال بقدرة الله المطلقة؛ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، لقد أكد ربنا تبارك وتعالى بأن فعله للأشياء ليس كفعل غيره، بل فعل الله عز وجل لايحتاج إلى أدوات؛ قرأ الكسائي :﴿فيكون﴾، بالنصب عطفاً على: ﴿يقول﴾، أي: إذا أراد خلق شيء لا يحتاج إلى تعب ومعالجة.

– الاستدلال بكمال الله وكمال صفاته؛ قال تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، فربنا تبارك وتعالى منزه فهو الحي القيوم، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر، وإليه يرجع العباد يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله.

♦الشبهة الثالثة: قضية الخير والشر؛ يقولون ما دام أن الشر موجود إذن الرب غير موجود!! ولو كان موجوداً فهو غير قادر على مَنْعِ الشر!! أو هو رَبٌّ شرير، وإن كان لا يريد الشر فقد خلقنا وتركنا؟!

تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، والرد على هذه الشبهة يكون من خلال ما يأتى؛

– لو أن الله عز وجل لو خلق الخير فقط ولم يخلق الشر؛ فإن ذلك يكون نقصاً في القدرة الإلهية لأنه يعني أن الله قادر على خلق الخير فقط! أما خلق الشر فإنه يعجزه لذلك أثبت الله عز وجل الخلق لنفسه؛ قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾(الزمر: ٦٢-٦٤)، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾(الصافات: ٩٩)،

– إن إرادة الله عز وجل لوجود الشر لا تعني محبته له، لقد شاء وجوده مع بغضه له ونهي عباده عن فعله ولا يجوز نسبته إليه جل جلاله؛ قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(آل عمران: ٢٦)، وفي ذلك إشارة إلى أمرين؛

– الأول: أن كل ما يفعله الله تعالى هو خير، فلا يقال إن بيده الخير والشر، فإن الشر معنى نسبي بالنسبة للعبيد، ولكن بالإضافة إلى الله تعالى فإن الله لا يفعل إلا خيراً.
– قال الزمخشري في هذا المقام ما نصه: «إن كل أفعال الله تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله كإيتاء الملك ونزعه»
– الثاني: إثبات أن الله تعالى خالق الأسباب، وهي الأشياء التي يستخدمها الناس للخير والشر، يحسنون فلا يقصدون إلا النفع فيكون ما مكن الله لهم في الأرض نفعاً للناس وخيراً، ويسيئون فيقصدون إلى نواحي الفساد فيكون ما يفعلونه فسادا وضرراً.

– والسؤال: إذن لماذا أوجد الله عز وجل الشر وهو لا يحبه؟!
والجواب أوجده لحكمٍ كثيرة، يترتب عليها خيرات كثيرة لم تكن لتوجد لولا وجود الشر فعلى سبيل المثال؛
– الفتنة والإختبار؛ قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾(الأنبياء: ٣٥)، لقد جعل الله عز وجل الدنيا دار اختبار للبشر، تبيِّن مَن يستحق دخول الجنة منهم ممن لا يستحق، وتبين المؤمن من الكافر، وتبين الصالح من الطالح، مما هو معلوم لله قبل ظهوره في الحاضر والواقع، فيكون علمَ شهادة بعد أن كان علمَ غيب؛ قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾(الكهف: ٧)، وقال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾(الملك: ٢)،
– رفع درجات أقوام واصطفائهم بالشهادة؛ قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾(البقرة :٢١٤)، وقال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾(آل عمران: ١٤٢)،
–إنعام الله عز وجل على عباده بالمغفرة؛ فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» رواه مسلم. فهذه الذنوب لا يحبها الله -تعالى-، ولكن أراد وجودها؛ لما يترتب عليها مِن توبة وغفران ورحمة.
فاتقوا الله عباد الله؛ واعتصموا بكتاب ربكم وتمسكوا بسنة حبيبكم ﷺ تفوزوا برضوان ربكم في الدنيا والآخرة.

أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد؛ فيا عباد الله: إن للقرآن الكريم فضائل عظيمة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «إنَّ هذا القرآنَ مَأْدُبَةُ اللهِ فتعلَّموا من مُأْدُبَتِهِ ما استطعتمْ، إنَّ هذا القرآنَ هو حبلُ اللهِ والنورُ المبينُ والشفاءُ النافعُ، عصمةٌ لمن تَمَسَّكَ بهِ ونجاةٌ لمن تبعهُ ولا يَعْوَجُّ فيقومُ ولا يزيغُ فيستعتبُ ولا تَنقضي عجائبُه ولا يخلقُ من كثرةِ الرَدِّ، فاتلوهُ فإنَّ اللهَ يأجرُكم على تلاوتِه بكلِّ حرفٍ عشرَ حسناتٍ. أما إنِّي لا أقولُ لكم: ﴿الم﴾، حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ ثلاثونَ حسنةً» رواه الحاكم.

– إن قراءة القرآن وتلاوته عبادة من العبادات التي حثنا عليها سيدنا رسول الله ﷺ؛ فعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رواه البخاري.
– وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ»رواه البخارى.

–وعنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» متفق عليه.
– وعن عمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّه يَرْفَعُ بِهذَا الكِتَابِ أَقوامًا، ويضَعُ بِهِ آخَرين» رواه مسلم.

– وعنِ ابن عمر رضي اللَّه عنهما، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لا حَسَدَ إلَّا في اثنَتَيْن: رجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرآنَ، فهوَ يقومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآنَاءَ النَّهَارِ، وَرجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالًا، فهُو يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النهارِ متفقٌ عَلَيْهِ.

– وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ»، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُه» رواه النسائي وابن ماجة والحاكم بإسناد صحيح.

– قرأة القرآن الكريم بها تطمئن النفوس؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾(الرعد: ٢٨)، وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ» رواه مسلم.

– القرآن الكريم شفاء ووقاية؛ قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾(الإسراء: ٨٢)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا بيوتكم قبوراً فإن البيت الذي تقرأ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ» رواه التِّرْمِذِيُّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ.

– فضل البكاء عند تلاوة القرآن أو عند سماعه؛
لقد ذكر الإمام النووي رحمه الله في التبيان فصلاً في البكاء عند قراءة القرآن وبين السبيل الموصلة إلى هذه الفضيلة العظيمة؛ فقال: البكاء في حال القراءة هو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين؛ قال تعالى: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾(الإسراء: ١٠٥- ١٠٩)،

– بكاء سيدنا رسول الله ﷺ عند سماع القرآن؛
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ اللهِ ﷺ: «أقرَأْ علَيَّ سورةَ النِّساءِ» فقرَأْتُ حتَّى بلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾(النساء: ٤١)، قال: إمَّا غمَزني وإمَّا التفَتُّ فإذا عيناه تَسيلانِ ﷺ» رواه البخارى.

– الصديق رضي الله عنه كان بَكَّاءً؛ فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالَتْ: «لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ إلَّا وهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ ﷺ، طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وعَشِيَّةً، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، فَكانَ يُصَلِّي فيه ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقِفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذَا قَرَأَ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ» رواه البخارى.

– عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمرض شهراً؛ لقد خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعسُّ المدينة ذات ليلة فمرَّ بدار رجلٍ من المسلمين فوافقه قائمًا يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ: ﴿وَالطُّورِ﴾، حتى بلغ ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ﴾ قال: قسمٌ – ورب الكعبة – حقٌّ، فنزل عن حماره واستند فمكث مليّاً، ثم رجع إلى منزله، فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه، رضي الله عنه» رواه ابن أبى الدنيا.

– ثابت بن قيس يقرأ القرآن حتى وقف على قوله -تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ وكان رضي الله عنه يرفع صوته في كلامه مع النبيّ ﷺ فخاف خوفاً شديداً منعه الخروج من بيته حتى بشّره النبيّ ﷺ؛ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ ﷺ افْتَقَدَ ثَابِتَ بنَ قَيْسٍ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لكَ عِلْمَهُ، فأتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا في بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقالَ: ما شَأْنُكَ؟

فَقالَ: شَرٌّ؛ كانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبيِّ ﷺ، فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وهو مِن أَهْلِ النَّارِ، فأتَى الرَّجُلُ فأخْبَرَهُ أنَّهُ قالَ كَذَا وكَذَا.، وفي رِوايةٍ: فَرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ ببِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقالَ: اذْهَبْ إلَيْهِ، فَقُلْ له: إنَّكَ لَسْتَ مِن أَهْلِ النَّارِ، ولَكِنْ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ» رواه البخارى.

– ثابت البنانى يموت وهو يتلو القرآن؛ فعن محمد بن ثابت البناني قال: «ذهبت ألقن أبي وهو في الموت فقلت: يا أبت قل لا إله إلا الله فقال: يا بني خل عني فإني في وردي السادس أو السابع»

– آداب قارىء القرآن الكريم؛

– إخلاص النية لله سبحانه وحده في القراءة أو الحفظ، والبعد عن الرياء والسمعة والمباهاة؛ فعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أنه مرّ على قارئ يقرأ ثم سأل – أي سأل الناس – فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن، يسألون به الناس» رواه الترمذى.
– الطهارة من الحدث الأكبر، ونقاء المرأة وطهارتها من الحيض والنفاس على خلاف بين أهل العلم؛ كما يستحب الوضوء، واستقبال القبلة.
– الاستعاذة من الشيطان الرجيم ، لأنه مطردة له؛ قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾(النحل : ٩٨)، والاستعاذة مستحبة، وقيل واجبة لكل قارئ، في الصلاة وخارجها.
– القراءة بخشوع قلب وسكون جوارح، مع استشعار عظمة من يقرأ كلامه؛ قال تعالى: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الحشر: ٢١)،
– التدبّر أثناء القراءة، والتفكر في معاني الآيات التي يقرأها؛ قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾(ص: ٢٩)،
وجاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إني لأقرأ المفصل في ركعة؟! فقال عبد الله: هذّاً كهذّ الشعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يُجاوز تَراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه، نفع» رواه مسلم.
– التحذير من هجر القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورً﴾(الفرقان: ٣٩)،

– قال ابن القيم في الفوائد: هجر القرآن أنواع؛
– أحدها: هجر سماعه والإيمان به.
– والثاني: هجر العمل به وإن قرأه وآمن به.
– والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه.
– والرابع: هجر تدبره وتفهم معانيه.
– والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب.
فاتقوا الله عباد الله: واحرصوا على العيش مع كتاب الله وعلموه أبنائكم تسعدوا برضى ربكم جل وعلا.

اللهم اجعلنا من الذين يتبعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وأقم الصلاة

كتبه راجى عفو ربه
أيمن حمدى الحداد
الجمعة ١١ من ذى القعدة ١٤٤٦ هجرياً
الموافق ٩ من مايو ٢٠٢٥ ميلادياً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *