خطبة بعنوان ( إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ) لفضيلة الدكتور عثمان عبدالحميد الباز

خطبة بعنوان ( إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا )
لفضيلة الدكتور عثمان عبدالحميد الباز

 

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط  أدناه
أنا أتشارك ‘إذا استنارالعقل بالعلم أنارالدنيا ،عثمان عبد الحميد الباز’ معك

الحَمْدُلِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الذي يَتَرَدَّدُ حَمْدُهُ فِي كُلِّ الإِرْجَاء،وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ عَمَّتْ نِعْمَة كُلٍّ مِنْ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأُلسَّمَاءِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ ادَمَ لَايَعْلَمُ شَيْئًا فَمِنْ عِلْمِهُ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ،وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْبَعُ النُّورِ وَالضِّيَاءِ،الَّذِي مِنْ نُورِهِ تَوَارَتْ الظَّلْ

 فِي حُبِّكمُ قُلْتُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ حَبًّا لَكُمْ يَا سَيِّدَ السَّادَاتِ ،،،

رُوْحِ الْمُحِبِّ لِلْحَبِيب لَتَرْقُبُ وَبِكُلِّ  شَوْقٍ  تُشْتَهَى  وَتَرَحِّبُ

كُلُّ   جَهُولٍ كَذّب  حَبَّة     بِئْسَالْجَهُولُ   جَاهِلٌ  وَكَاذِبُ

حُبُّهُ  لِلرُّوحِ   كُلّ  حَيَاتِهَا   وَبِدُونِه  كَمَدًا  تَمُوتُ   وَتَغْرُبُ

حُبُّهُ  فِي الْقَلْبِ سِرُّسِعَادَتَي   وَبِهِ    الْحَيَاةُ  عُبَيْرُها  يَتَطَيَّبُ

يَا  كُلَّ قَلْبٍ قَدْ أَحَبَّ  مُحَمَّدًا   أَبْشِرْ،أَتَاكَ  مِنْ  النَّعِيمِ الْأَطْيَبُ

تمهيدكَلِمَةُ الْعِلْم مُكَوِّنهٌ مِن ثَلَاثَةِ حُرُوفٍ ،وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا يُسَاوِي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَمَا قِيمَةُ الدُّنْيَا بِلَا عِلْمٍ ،الدُّنْيَا بِلَا عِلْمٍ تَعْنِي الْعَمَى الْمُطْلَق ،تَعْنِي الْكُفْر الْبَواح تَعْنِي الْعَبَث وَالْجَهْل وَالْغَوْغَائِيَّة فِي كُلِّ شَيْ ، فَكَيْف نَعْرِف اللَّهَ بِلَا عِلْمٍ،وَكَيْف نَتْبَعُ أَمْرَهُ بِلَا عِلْمٍ،وَكَيْف نَعِيشُ ابْتِدَاءً بِلَاعلمٍ،لِذَلِكَ كَانَتْ مَادَّةُ عَلِمَ وَمُشْتَقَّاتُهَا وَأَدَوَاتُهَا مِنْ أَكْثَرَ الْمَوَادِ تَدَاوُلًا فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ

مَادَّةُ الْعِلْمِ فِي الْقُرْانِ لَمَسَاتٌ بلاغيةٌوَبَيَانِيَّةٌمِنْ الْمَعْرُوفِ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ أَنْ أَوَّلَ كَلِمَاتِ الْوَحْيِ عَلَى قَلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،،هِيَ اللَّبِنَةُ الْأُولَى لِكُلِّ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”

تَمَثَّل الْايَةُ الْكَرِيمَةُ بَرَاعَةَ اسْتِهْلَالٍ لِلْكِتَابِ الْكَرِيمِ كُلُّه وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ الْجَهْلِ.

وَمِنْ جَمَالِ الْبَلَاغَةِ فِي الْايَةِ  أَنَّهَا بَدَأَتْ بِفِعْلِِ أَمْرٍ،مِمَّا يُوَضِّحُ أَنَّ الْعِلْمَ وَالتَّعَلُّمَ أَمْرٌ لَازِمٌ أَمَرَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى ،وَتَضَمَّنَتْ الْايَةُ شَرَفًا عَظِيمًا مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِوَهُوَ الْعِلْمُ وَالْآمِرُ وَهُوَ اللَّهُ ،وَالْمَأْمُورُ وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَتْ الْايَةُ بِالْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَلَمْ تَأْتِي بِالْمَفْعُول لِإِفَادَةِ الشُّمُولِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ وَالْمَعَارِف

وَمِن لَمَسَاتِ الْبَيَانِ فِي الْايَةِ الْكَرِيمَةِ الْأَمْرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ لَهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا سَيُلْقَى إلَيْه ،وَإِشَارَةٌإلي أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى لِمَعْرِفَة مَالًا يَعْرِفُه،وَأَشَارَتْ الْايَةُ أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ “بِاسْمِ رَبِّك”أَيْ طَالِبًا مَعُونَتَه لِيُعَلِّمَكَ مَالَمْ تَعْلَم وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى “وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا”

وَجَاءَتْ الْايَةُ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ لِمُنَاسَبَةِإِسْداءِ النَّعَمِ مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ وَالْعِلْمُ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ،وَجَاءَتْ صِلَةُُ الْمَوْصُولِ بِوَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ الْخَالِقُ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ النِّعَمِ وَكُلُّ النَّعَمِ تَابِعَةٌ لَهَا.

وَمَنْ بَرَكَةَ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُعَلِّمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَبِدُونِهِ لَا عِلْمَ وَلَا مَعْرِفَةَ قَالَ تَعَالَى قال تعالى: “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ”البقرة 31

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: “عَلَّمَهُ اسْمَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْقَصْعَةَ وَالْقَصِيعةَ”

وَكَمَا جَاءَ التَّعْلِيمَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَاضِي لِيَدُلَّ عَلَى النَّفَاذِ فَهُوَ الَّذِي عَلِمْنَا فَلَهُ الْفَضْلُ وَالْمِنَّةُ،جَاء بِالمُضَارِع لِيَدُلَّ عَلَى الِاسْتِمْرَارِقال تعالى: “وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ”آلعمران 4٨- ثُمَّ لِيَدُلّ على الْكَمَالُ وَالنُّقْصَانُ كَمَال عِلْمِ اللَّهِ وَنُقْصَانُ عِلِمَ الْعَبْدِ قَالَ تَعَالَى “وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قليلا “

ورسخ الْقُرْانِ فِي الْأَذْهَانِ مَفْهُومًا هُوَ غَايَةٌ فِي الْأَهَمِّيَّة وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ،  “وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”وَمِنْ ظَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ نَالَه الْخَسَارُ وَالدَّمَارُ فِي الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ

وَلَايَخْفَى عَلَى أَحَدٍمَا حَدَثَ لِقَارُونَ حِينَ نَسَب الْعِلْمَ لِنَفْسِهِ”قَالَ إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىعِلْمٍ عِنْدِي”فَجَاءَ الرَّدُّ بِمُبَاغتته بِالْهَلَكَة وَالدَّمَارِ لَيْسَ لَهُ فَقَطْ وَ لِمَالِهِ أَيضًالِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ اللَّهَ يَحْتَاج مَالَهِ بَلْ وَلِجَمِيع مَالِه قال تعالى: “فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ”القصص 81

وَكَلِمَاتُ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ ضِيَاءٌ  وَإِذَا كَانَ الْقُرْانُ الْكَرِيمُ قَدْ أَوْلَي الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ أَهَمِّيَّةًً قُصْوى فَنَجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى الْعِلْمَ مَزِيدًا مِنَ الاِهْتِمَامِ فَقَال”مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن في السَّمواتِ ومن في الأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ”

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

 وَبَيْن الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ خَيِّرْ النَّاسِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَالِم وَمُتَعَلِّم وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَجَال التَّعْلِيم الْقُرْانِ الْكَرِيمِ فَعَن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رْضَى اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

“خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْانَ وَعِلْمِه”رَوَاه الْبُخَارِىّ

وَبَيْنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ هُمْ مِيزَانُ نَجَاةِ وَفَلَّاح الْمُجْتَمَعِ وَذَهَابُ الْعِلْمِ يَكُونُ بِمَوْتِ وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وَيَتْبَع الْعُلَمَاءَ رُوسٌ جَهْلَاء فَيَذْهَبُ الْعِلْمُ وَيَمْكُث الْجَهْلُ وَيَضِيع الْمُجْتَمَعُ وَتَتَوهُ الْأَمَةُ

عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

 اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “أَنْ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُالْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رَوَوْسا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا “رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ

 وَبَيْن رَسُولُنَا الكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ الْعِلْمِ هُوَ أَفْضَلُ أَنْوَاعِ الرِّزْق وَأَكْرَمُهَا وَاجِلِبِهَا لِلْاجِرِ وَالْكَرَامَة.

عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري رضي اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدُ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا، فَهُوَ صَادِقٌ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْت بِعَمَلِ  فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْت فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَوِزْرُهُمَا سَوَاء ”  رواه الترمذي

النَّبيُّ مُعَلِّمًا وَمُرَبِّيًاوَهَلْ يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّهُ يُوجَدُ أَوْ سَيُوجَدُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ هُوَ اسْمِي وَأَعْلَى وَأَشْرَفُ مِنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّمًا وَمُرَبِّيًا؟

فَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَمَةٍ سَيْطَر عَلَيْهَا الْجَهْلُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا الْخُرَافَةُ، فَصَنَع بِإِذْنِ اللَّهِ مِنْهَا أَمَةًً حَامِلَةً لِرِسَالَةِ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ.

قَالَ تَعَالَى :«كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» (سُورَة الْبَقَرَة : 151).

عَلِمْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ الرِّفْقَ بِالْمُتَعَلِّمِ  فَعنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ! فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّاهُ!

مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْيُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَ اللَّهِ مَا كَهَرَنِى، وَلاَ ضَرَبَنِى، وَلاَ شَتَمَنِى، قَالَ: «إنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ القرْآنِ

عَلّمَنَا صلى الله عليه وسلمالْعِنَايَةَبِالْمُتَعَلِّم وَالِاهْتِمَام َبِهِ.َنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: أَيْنَ أَرَاه السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ؟ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إضَاعَتُهَا؟ قَالَ: إذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ

عَلِمْنَا النَّبِيُِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِغْلَال الْمَوَاقِف وَالْأَحْدَاث وَرَبَطَهَا بِالتَّعْلِيم

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِى، إِذَا وَجَدْتَ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا وَاَللَّهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنَّ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا”

عَلَّمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أالتشجيعَ وَالثَّنَاءُ الْحَسَنِ عَلِىُّ المُتَمَيِّزِينفعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهُ مِنْ أَسْعَدِ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« لَقَدْ ظَنَنْت يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ لِمَا رَأَيْت مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ”

ثَمَرَةُ الْعِلْمِ فِي تَرْبِيَةِ الرُّوحِمِنْ الطَّبِيعِيِّ أَنْ يَكُونَ لِلْعِلْمِ أَثَرٌ فِي رُقِيِّ النَّفْسِ وَصَفَائِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ رَبِّهَا وَإِنْ الْعِلْمَ بِلَا ثَمَرَةٍ وَلَا تَرْبِيَةٍ كَشَجَرَةٍ لَا تَظَلّ وَلَا تُثْمِرُ وَكَمَاءِ الْبَحْرِ لَا يَرْوِي

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَاضِعًا رَأْسَهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتَه؛ فَبَكَى فَبَكَتْ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ؟فَقَالَتْرَأَيْتُكَ تَبْكِي فَبَكَيْتُ، قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ” وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّك حَتْمًا مَقْضِيًّا” مَرْيَم:71فَلَا أَدْرِي أَأَنْجو مِنْهَا أَمْ لَا؟

 وَكَانَ أَبُو مَيْسَرَةَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: “لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدُني، ثُمَّ يَبْكِي، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا مَيْسَرَةَ ؟ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَا وَأَرْدَؤُهَا، وَلَمْ نُخْبِر أَنَا صَادِرُون عَنْهَا”، قَطْعًا أَنَا وَارِدُون جَهَنَّمَ  “وَإِنَّ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا “مَرْيَم:71 لَكِنْ لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنَّهُ سِينَجو مِنْهَا.وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَخِيهِ: هَلْ أَتَاك أَنَّك وَارِدٌ النَّارَقَالَ: نَعَمْ. -تَذَكَّرَ الرَّجُلُ الْايَةَ- قَالَ: فَهَلْ أَتَاك أَنَّك صَادِرٌ عَنْهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَفِيمَ الضَّحِك؟!

وَفِي الْخِتَامِ فَإِنَّ طَرِيقَ الْعِلْمِ هُوَ طَرِيقُ النَّجَاةِ وَالْوُصُولِ إلَى اللَّهِ”فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ” وَأَنَّ طَرِيقَ الْجَهْلِ هُوَ طَرِيقُ الْخَسَارِ وَالْعُبُورِ إِلَى النَّارِ ،وَإِنْ الْأُمَّةَ الَّتِي تُبْنَى مَجْدَهَا بِعِلْمِهَا يَسْطَعُ نَجْمُهَا وَإِنَّ الْأَمَةَ الَّتِي تُتْرَكُ الْعِلَْمَ خَلْفَ ظَهْرِهَا عَمَّا قَلِيلٍ تَلَقَى وَيْلَهَا وَثُبُورَهَا ، وَشَتَّانَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ هَلْ يَسْتَوُونَ؟

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾؟؟؟؟؟

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *