خطبة بعنوان : ( ذم الإسلام للأثرة والأنانية وحب الذات ) لفضيلة الدكتور محمد جاد قحيف

خطبة بعنوان : ( ذم الإسلام للأثرة والأنانية وحب الذات.. كلمة “أنا” متى تكون نورا ونارا؟ ) لفضيلة الدكتور : محمد جاد قحيف

 

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط  أدناه

ana nor wanar mohamed gad

 

الحمد لله عالم الأسرار والخفيات ،

وباري الخلق و البريات ، المطلع على السرائر والنيات ، سبحانه كاشف الكربات ، مجيب الدعوات وسامع الأصوات، وباعث الأموات ..
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الذي أحاط بعلمه وقدرته جميع الكائنات..

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُ الله ورسوله، سيدُ الأولين والآخرين، وقائدُ الغُرِّ المُحجَّلين، صلى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ..وبعد:

فقد حذر دين الإسلام من رذائل مجتمعية خطيرة أهمها : “الأثَرَة”و “الأنانية” كما تُسمَّى باللفظ الدارِج البسيط على ألسنتنا، أو كما يُسمِّيها بعضُ الفلاسفة و المُثقَّفين بـ”الأنا”، أو “حب الذَّات”.

وأيًّا كانت هذه الأسماء، فإن المُسمَّى واحدٌ، ومهما تعدَّدت تفسيراتُها وتصوُّراتُها بين الناس، فإنها صفة مذمومة في الإسلام..

و والأنانية والأثَرَة تعنيان : حبُّ النفس المُفضِي إلى تقديم رغَبَاتها وشهواتها دون اعتِدادِ حقوق الآخرين العامَّة والخاصَّة..

والشخص الأناني يهتم بمصلحته ومنفعته الشخصية دون الالتفات لشؤون الآخرين ومصالحهم، يتحدث عن نفسه كثيرا أمام غيره، لا يُبدي احتراما وتقديرا لأحد، يستأثر بنفسه كثيرا ينتقد الآخرين باستمرار، ويُلقي اللوم عليهم، غير جاد في حياته، ضعيف الانتماء للمجتمع، يجد صعوبة في مصادقة الآخرين، يتكلم بضمير أنا كثيرا ، ولا يذكر كلمة نحن إلا نادرا ، يحب نفسه كثيرا، مغرور، لا يلتزم بعهوده ومواثيقه..
فليس لمصلحة المُجتمع مقامٌ في ذاكرة أخلاقِه، وقد حرمه الله حلاوةَ الإيمان التي لا تتحقَّق بمثلِ هذه الصفةِ المَقيتة..
كيف لا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِه”. أخرجه الشيخان البخاري ومسلم..

العنصر الأول : ذم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة للأنانية والأثرة

إن شريعتَنا الغرَّاء حضَّت بشدة على رفع النفس وزمِّها عما يشينُها، وحرمت الأثرة و الأنانية ومن ذلكم: قطعُ كل ما من شأنِه إذكاءُ معنى الكِبر، والغرور، والإعجاب بالنفس الذي يُفضِي إلى مُراعاة مصلحَتها على حسابِ أي مصلحةٍ عامَّةٍ أو خاصَّةٍ..

ومن هنا حذر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من الأنانية والأثرة في مواضع كثيرة منها :

قوله تعالى على لسان فرعون : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) [النازعات: 24]، وقـال: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزخرف: 52]. وعلى لسان النمرود قال: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) [البقرة: 258].

وقائدهم جميعا إبليسُ -عليه لعائنُ الله-؛ حيث قال لخالِقِه ومولاه: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف: 12]..

وفي قصة صاحب الجنتين: الذي أعجب بما لديه من أموال وجنات، واغتر بها ولم يقبل نصح صاحبه، بل كبرت عنده نفسه حتى ظن أن سيكون له عند الله مكانة في الآخرة خير مما هو عليه في الدنيا (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا) [الكهف: 36]..

ووكلمة الأنا هي الكلمة التي استشربها قارون في نفسه، فقال ناسبًا ثراءه إلى عندياته: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) [القصص: 78]..

إن كلِمة “أنا” تبدأُ بزَهوِ النفس ينتفِخُ شيئًا فشيئًا، حتى يُصبِحَ ورَمًا عقليًّا وخُلُقيًّا، لا يُحسِنُ صاحبُه بسببه نُطقًا إلا بكلِمة “أنا”. ولا يُباشِرُ بسببه تعامُلاً إلا بعد أن يقول: “وماذا لي أنا؟!”، ليتشبَّه برَكبِ أصحاب “الأنا” من أمثال إبليس وفِرعون والنمرود وقارون وغيرهم ..

و زهو النفس يعني حب الذَّات الذي يُعمِي ويُصِم ليجعلَ المُصابَ به لا ينظرُ إلا من زاويةٍ واحدةٍ ضيِّقةٍ داكِنة، لا يرى فيها إلا نفسَه ومصلحتَه، ضارِبًا بهما ما للمسلمين من مصالِح عُرضَ الحائِط ..

وفي السنة النبوية المطهرة ما يؤكد ذم هذا الخلق الأناني البغيض ؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: أتيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في دَينٍ كان على أبي، فدققتُ البابَ. فقال: “مَن ذا؟!”. فقلتُ: أنا، فقال: “أنا، أنا!”، كأنه كرِهَها. رواه البخاري ومسلم..

فيا إخوة الإسلام إن كلمة الأنا تخفي تحتها أمراضًا وأدواءً، من العُجب والاستعلاء، والأنانية والكبرياء. إنها كلمة تحمل في طياتها لغة الغرور، ونزعة التزاهي، ولهجة النكران، ومنطق الجحود. إنها الكلمة التي استخدمها إبليس في المحاججة والمعاندة واستخدمها كل من اقتدى به على مدار التاريخ القديم والحديث..
أما هدي النبي ﷺ فقد أرشدَ أمته إلى كل ما تسمُو به النفسُ والروح ، ويتحقَّقُ به صالِحُ الأمة والمُجتمع ..

وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يدلُّ إلا إلى الخير، ولا يُحذِّرُ إلا من الشرِّ، فقد قال -صلوات الله وسلامه عليه-: “سَتَكُونُ أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، فَما تَأْمُرُنا؟ قالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي علَيْكُم، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ”.. أخرجه الإمام البخاري..

العنصر الثاني : أسباب تضخم الذات:

أولًا: الجهل بالله -عز وجل-:
بداية نزول الكارثة بالعبد هو أن ينسب لنفسه نجاحاته، وتوفيقه فيما يقوم به من أعمال، وينسى أن الله -عز وجل- هو الذي أعانه على ذلك. فالجهل بالله من أهم الأسباب المؤهلة لإعجاب المرء بنفسه، فلو أيقن كل منا بأن الله -عز وجل- هو الذي يمده بأسباب النجاح والتوفيق والفلاح ما دخل العُجب إلى نفسه، وكيف يعجب بشيء ليس له دخل في وجوده؟…

فالله جل جلاله هو الذي سهل لعباده طريق الطاعة ، وحبب إليهم الإيمان وكره لهم المعاصي والفسوق والعصيان نعمة منه وفضل ..

قال جل جلاله:” وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ ” الحجرات/٧.

فكل صلاة نصليها، وصيام نصومه، وذكر نذكره، ودعاء ندعوه، ونفقه ننفقها، إلى آخر أنواع البر والطاعة والصلاح كل ذلك تتم بفضل وإعانة من الله -عز وجل-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) [الأنبياء: 73].

فالله -سبحانه وتعالى- هو مصدر كل خير نفعله.. يمدنا بأسبابه لحظة بلحظة، ولو شاء لمنعنا إياها، ألم يقل لرسوله وحبيبه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَئِنْ شئنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) [الإسراء: 86، 87]. فلولا فضل الله ما صلينا ولا صمنا ولا تصدقنا ولا أسلمنا ولا آمنا. وفي الحديث القدسي: ” يا عِبَادِي، إنَّما هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فمَن وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ.”.. انفرد به الإمام مسلم..

وأهل الجنة يعلمون أن السبب الحقيقي في دخولهم الجنة هداية الله وتوفيقه لهم ..
قال جل شأنه:”وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ” الأعراف/٤٣.

ثانياً: الجهل بحقيقة النفس البشرية ، وعدم تزكيتها :

عجيبة هذه النفوس التي نحملها بين جوانحنا، نفسٌ لوّامة.. ونفسٌ مطمئنة.. ونفسٌ أمارة بالسوء، ثلاثة نفوس في جسد مسكين تتصارع وتتقاتل؛ وكل واحدة تريد رفع رايتها على أخواتها ولكن هيهات! قدر الله نافذ، وسيبقى الصراع إلى أن نموت، (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) حتى يوسف عليه السلام عانى منها، ولكن النفس الأمارة بالسوء لا تصمد طويلا (لا أقسم بالنفس اللوامة) قال مجاهد: هي التي تندم على ما فات وتلوم عليه، و مسك الختام للمؤمن سيكون رحمة الله التي وسعت كل شيء (يا أيها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك) إنها دعوة للعودة، والنجاة من بحار السوء، والخلوص من فيافي الشك واللوم، والعودة إلى وطن الاطمئنان واليقين..

النفس تماما كالمهرج الذي يمشي على حبل، قد يفقد توازنه في أية لحظة فيهوي حيث الهلاك؛ تعتري النفس أمراض وأسقام، ومعالجتها تحتاج إلى سنين وربما ينقضي العمر ولمّا عالجت نفسك، هي سنة الله في الكون، خلقنا لنعيش هذا الصراع الأبدي ونحاول أن نتغلب فيها على ثوران النفس أحيانا وعلى خمولها أحيانا أخر، بعض هذه الأمراض نجدها متجذرة في نفوسنا؛ أحيانا نعلم أنها أمراض وأحيانا تخدعنا نفوسنا فتنطلي علينا الكذبة، هي محاولة لكشف بعض اللغز، ومعالجة بعض الأوهام

ومن أمراض النفس البشرية التي تحتاج إلى وقفة وتذكير، ومعالجة وتصوير: مرض الأنا، وما أدراك ما مرض الأنا، إنه مرض انتفاخ الذات، وتضخيم النفس والذات ، وتمجيد الروح والسمات ..

لقد خلق الله -عز وجل- الإنسان ضعيفاً لا يملك مقومات ذاتية للبقاء أو الصلاح قال تعالى: ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) [ الأعراف: 188 ]. فنحن جميعًا نستمد قوتنا من الله -عز وجل- لحظة بلحظة، وآنا بآن، حتى الأنبياء والمرسلين. نعم أعطانا الله -عز وجل- أسبابًا ومواهب وإمكانات كالذكاء، أو اللباقة، أو البلاغة، ولكن كل ذلك مقرون بالمدد الإلهي والعون الرباني..

وعندما يوكل العبد لنفسه للقيام بأي مهمة دون إعانة من الله -عز وجل- ولو لطرفة عين، فإنه يوكل للضعف والضياع؛ لذلك كان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: “وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلي وهن وعورة وذنب وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.” أخرجه البيهقي وسنده حسن..

ومن دعاء الصالحين: اللهم لا تكلنا إلا إليك ، ولا تفضحنا بين خلقك ولا يوم العرض عليك”..

ثالثا: عدم تزكية النفس البشرية..
إن النفس البشرية تخفي تحتها أمراضًا داخلية، من آفات ودسائس، وشرور وخبائث؛ ولذا كان من الخير والفلاح للعبد أن يعالج هذه الأدواء، ومن الشـر والخيبـة أن يتركها تعشش على قلبه حتى تفسده وتهلكه.

وفي محكم التنزيل يقول سبحانه عن هذه النفس: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس: 9، 10]، ونبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما كان يدعو ربه ويبتهل بقوله: “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها “..

وتزكية النفس وتهذيبها هي إحدى الحقائق الأساسية التي يقوم عليها بنيان الإنسان، وإذا ما نسيها سينخدع في الأسباب التي حباه الله إياها، سيظن أنه ذكي بطبعه، بليغ ينطق بأسلس العبارات دون تكلف، لديه القدرة على التأثير في الناس، قوي بما لديه من عضلات، خبير بما يعرف من معلومات، وهذه الإمكانات ما قيمتها بدون المدد الإلهي المتواصل؟! ألم يقل سبحانه وتعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران: 159]، وقال: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) [الإسراء: 74]. لكن هذه الإمكانات ليس لها أي قيمة بدون القوة الفاعلة من الله -عز وجل..

ومن أسباب تضخم الذات: عدم الانتباه لهذا الأمر منذ البداية، وبالتالي عدم أخذ الحذر من هذا الداء، وتركه يتسلل إلى النفس ويتمكن منها. فطالب العلم إن لم يكن هذا الموضوع من أوائل ما يتعلمه، ويتربى عليه فسيكون العلم نفسه بابًا واسعًا يتسلل إليه العُجب من خلاله، وكذلك الداعية قد يقع فريسة لذلك وكذلك المدرس، والكاتب، والخطيب، وكل من يقوم بعمل إيجابي ينال استحسان الناس. كل هؤلاء ومن شاكلهم إن لم يهتموا بتحصين أنفسهم وتزكيتها منذ البداية، فسيجد هذا الداء مادة جيدة يدخل من خلالها إلى نفوسهم، ويتكاثر فيها، لتكبر الذات وتتضخم. قال الغزالي: “فالعبد إن لم يشتغل أولًا بتهذيب نفسه، وتزكية قلبه بأنواع المجاهدات، بقي خبيث الجوهر، فإذا خاض في العلم – أي علم كان – صادف العلم من قلبه منزلًا خبيثًا فلم يطب ثمره، ولم يظهر في الخير أثره، فالعلم تحفظه الرجال، فتحوله على قدر هممها وأهوائها، فيزيد المتكبر كبرًا والمتواضع تواضعًا”..

يقول سفيان بن عيينة (من عرف نفسه استراح)..

صدق الإمام ولكن كيف نعرف أننا عرفنا أنفسنا بحق؟!..

العنصر الثالث : علامات تضخم الذات

إن من أعظم الكوارث التي تحبط الأعمال، وتضيع الآجال، وتقطع أعناق الرجال، كارثة تضخم الذات، وارتفاع منسوب (الأنا) في القلب والنفس، بحيث تتحول الذات إلى صنم مقدس، وإله متبع، ومعبود مطاع. وتضخم الذات هو خليط من إعجاب المرء بنفسه، ورضاه عنها ورؤيتها بعين التعظيم، وأخطر ما فيها أنها قد تصل بالعبد إلى دائرة الشرك الخفي من حيث لا يدري..

ومن سمات هذه الكارثة أن لديها القدرة على التسلل بخبث إلى النفوس: نفوس العلماء، والعباد، والدعاة، والخطباء، والكتاب، وأصحاب المواهب والنجاحات، فهو يعرف طريقه جيدًا إلى كل نفس، ولا يكاد يتركها إلا بعد أن يضخها، ويعظم قدرها في عين صاحبها..

فعندما يرضى الشخص عن نفسه ويعجب بها ويستعظمها، فإن هذا من شأنه أن ينعكس على خواطره وأفكاره وتصوراته، وسلوكه مع الآخرين، وعلامات تضخم الذات كثيرة منها :

١-رفض النصيحة: فمن مظاهر تضخم الذات وتقديسها: عدم قدرة صاحبها على قبول النقد في الشيء الذي يرى نفسه فيه، وكذلك عدم القدرة على الاستماع أو التلقي من الآخرين، أو قبول النصح منهم، وبخاصة في الأمور التي يشعر فيها بتميزه ونبوغه. فترى المعجب ينتفخ صدره عندما يطرق المدح مسامعه، وفي الوقت إذا وجه له أحد نصحاً أو نقداً، ينقلب على الفور إلى النقيض، فيضيق صدره، ويغضب ويتوتر، ويبادر بالسوء من القول والفعل..

٢-البحث عن دائرة الضوء: فالمقدس لذاته والمعجب بنفسه نجده دائماً يبحث عن مواطن الشهرة، ونقاط تسليط الأضواء، محباً لجذب الانتباه، والبحث عن الوجاهة والمناصب والمراكز الهامة والقيادية، فالمعجب يري لنفسه مواهب وقدرات، لابد أن تستغل وتوظف في المكان اللائق بها، والرغبة في التصدر للأعمال التي فيها مسئولية وظهور، والشعور بالأحقية والأفضلية في ذلك..

كلما كتب أحدهم خاطرة أو قدم بحثا ظل ينتظر أيامًا وشهورا يتتبع صدى هذا المقال، وذلك البحث، يتمنى مدحا من هنا وثناء من هناك وحفاوة ممن حوله، كيف لا وهو الكاتب الكبير، والأديب الذي سارت بقصائده الركبان! يدعي كثيرًا أنه يحب النقد وجلد الذات من الآخرين، ولكن عند أول رد فيه امتعاضٌ أو تنقصٌ أو نقد ينتفض، يقولها في نفسه فيتجرع مرارة الهزيمة النفسية ولايرتاح إلا إذا رد عليه، مهلا يا صديقي ليس كل أمرٍ يجب أن ننتهي فيه عند نهاية واحدة، وليس الجميع مجاملا لك، الدنيا تتسع لأكثر من ذلك فليكن قلبك كذلك، لماذا ترد والردّ يجرُّ ردًّا آخر، وهو يجرُّ ردا ثالث؟ وهكذا نتحول إلى مصنع تدوير نأخذ ردا من هنا لنضع هناك ونأخذ من هناك لنضع هنا! مجرد التغاضي عن الرد الأول كان كفيلا بعدم الانسياق لكل هذا أليس كذلك؟..

قال سفيان الثوري -رحمه الله-: “فإن لم تكن معجبا بنفسك فإياك أن تحب محمدة الناس، ومحمدتهم أن تحب أن يكرموك بعملك، ويروا لك به شرفاً ومنزلة في صدورهم”..

٣-كثرة الحديث عن النفس: فتجد المبتلى بهذه الكارثة يُكثر من الحديث عن نفسه ويزكيها، وخاصة إذا أحس بتميزه في جانب ما. الأب يتفاخر بأولاده وبطريقة تربيته لهم وكيف أن السبب الرئيسي وربما الوحيد لنجابة أبنائه هي مواهبه الشخصية وقيادته الحكيمة. والموظف يتباهى بانضباطه في عمله وعدم تأخره ولو يومًا واحدًا عن موعد الحضور وأنه النموذج المثالي للموظف المنضبط الأمين. والطالب يتحدث عن كفاءته في المذاكرة، وقدرته على الفهم وحل المسائل الصعبة. والداعية يُكثر من الحديث عن نفسه، وإنجازاته، ومدى التفاف الناس حوله، وتأثرهم به

٤-الاستبداد بالرأي وازدراء الآخرين، وانتقاصهم ، وتسفيه آراءهم على اعتبار أنها خرجت من غير مؤهلين، مع كثرة النقد للآخرين، خاصة الدعاة ورفقاء الدرب، وإظهار عيوبهم، وإذاعتها وإظهار الضجر منها، والمبالغة في تضخيم هذه الأخطاء، وإظهارها بمظهر المتسبب في تعويق أو فشل العمل..

ومن هنا فمن أهم علامات تضخم الذات وتقديس النفس الاستبداد بالرأي والإعجاب به ، وانتقاص الآخرين، ورؤية النفس دائمًا أعلى وأفضل منهم، وبخاصة في الجزئية المتضخمة عنده سواء كانت في حسب أو نسب أو مال، أو ذكاء، أو ألقاب، فتراه يأنف من التعامل أو التواد مع من هم أقل منه في المستوى، فإن كان من أصحاب الألقاب صعبت عليه مصاحبة مساعديه ومن هم أقل منه رتبة، وإن كان من أصحاب الأموال صعب عليه الجلوس مع الفقراء، وإن كان من أصحاب الجاه عزَّت عليه مصاحبة المساكين.

ولقد كان الصحابة يخشون من هذه الآفة، فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يخاف أن يكون لديه بقية من كبر واستعظام النفس؛ لكونه عربيًا، وأنه أفضل من سلمان الأعجمي فأراد أن يمحوها ويتأكد من خلو نفسه منها بطلبه من سلمان أن يتزوج ابنته. فقد أخرج ابن المبارك في الزهد أن عمر بن الخطاب قال لسلمان: يا سلمان ما أعلم من أمر الجاهلية شيئًا إلا وضعه الله عنا بالإسلام، إلا أنا لا ننكح إليكم ولا ننكحكم، فهلم فلنزوجك ابنة الخطاب..

٥-رفض فكرة العمل الجماعي والمؤسسي: إذا كان دوره في هذا العمل بعيداً عن الرئاسة والقيادة والتوجيه، فالمعجب بنفسه يتولد عنده شعور دائم بالأولوية المطلقة والأحقية الدائمة في التصدر والرئاسة، وقد يدفعه هذا الشعور المرضي لرفض المسئوليات الصغيرة، أو بعض الأعمال الإدارية التي قد يراها أقل من مكانته ومنزلته..

العنصر الرابع : الأنا متى تمدح ومتى تذم ؟

أو كيف تكون نور ونار ؟..

ليس كل من قال: أنا، فهو بالضرورة قد وقع في داء الأنانية أو الغرور، ليس كل من قال: أنا، فهو متعالٍ على الغير متكبر، كلا، قد قال خير البشر -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين: “أنَا النبيُّ لا كَذِبْ، أنَا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ، ثُمَّ صَفَّ أصْحَابَهُ.”، وقال: “أنا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يَومَ القِيامَةِ، وأَوَّلُ مَن يَنْشَقُّ عنْه القَبْرُ، وأَوَّلُ شافِعٍ وأَوَّلُ مُشَفَّعٍ” أخرجه الإمام مسلم..

فقد يتحدث المرء عن نفسه لحاجة، لا كبرًا ولا مفاخرة، وإنما من باب الاقتداء به، أو للتحدث بنعمة الله عليه: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)..الضحى /١١..

ومن بديع ما جاء في السنة النبوية المطهرة قول النبي ﷺ لأصحابه ذات يوم :”مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنْكُمُ اليومَ مِسْكِينًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ”.. أخرجه الإمام مسلم..

وأجاب بـ«أنا» لِلتَّعيِينِ في الإخبارِ لا للاعتِدادِ بنَفْسِه كما يُذكَرُ في مَقامِ المُفاخَرَةِ، ثُمَّ أَردَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم هذا السُّؤالَ بأسئلةٍ أُخرَى استِكمالًا لتَوضيحِ أسبابِ دُخولِ الجنَّة (الدرر السنية)..

فإن الإسلام -عباد الله- لا يذُمُّ شيئًا إلا ويمدحُ ضِدَّه، فإذا ما ذُمَّت كلمةُ “أنا” في مواطِنِها التي لا تليقُ بها، فإن ثمَّة مواطِن تُمدَحُ فيها كلمةُ “أنا”..

وانا في مواطن المدح عكس الرياء على نحو ما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:”ما ناظرت أحدًا إلا ودعوت الله أن يجري الحق على لسانه “..

فإن كلمة “أنا” في مقام الإصلاح بينها وبين كلمة “أنا” في مقام الإفساد والكِبر والغُرور كما بين الثَّرى والثُّريَّا؛ فحسنٌ قولُ من قال: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) [النمل: 40] استجابةً لأمر نبيٍّ من الأنبياء…

وحسنٌ قولُ من قال: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) [يوسف: 45] سعيًا منه في تفسير مُعضِلةٍ أحلَّت بهم..

وحسنٌ قولُ من قال: (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) [النمل: 39] استِحضارًا للأمانة والمصلحة العامَّة؛ لأن شيئًا من تلكُم الأمور لم يكُن لمصلحةٍ شخصيَّة تُقدَّم فيها مصلحةُ النفسِ على المصلَحةِ الأعمِّ.

وهذا هو ما يُسمَّى بالإيثار الذي امتدَحَه الله بقولِه: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [الحشر: 9]، فربما تنازلَ المرءُ عن مصلحَته لتحقيقِ المصلحة الأعمِّ، وتلك خصلةٌ لا يُوفَّقُ لها إلا من رحِمَ الله وأسبغَ عليه نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً، وذلك فضلُ الله يُؤتيه من يشاءُ، والله ذو الفضلِ العظيمِ..

ففي صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للحسن بن عليٍّ -رضي الله تعالى عنهما-: “إن ابنِي هذا سيِّدٌ، ولعلَّ الله أن يُصلِحَ به بين فِئتَين من المُسلمين عظيمَتَين”.

وقد وقع ذلك بإيثارِ الحسن بن عليٍّ الخلافةَ ليجعلَها لمُعاوية كاتِبِ وحيِ النبي -صلى الله عليه وسلم ورضِي الله عنهم أجمعين-.
وهنا يتجلَّى الإيثارُ، وكبت حُظوظ النفس ومصلَحَتها حينما تُعارِضُ مصلحةَ المُسلمين العامَّة، فتُحقَنُ بها الدماءُ، وتُجمعُ بها الكلمةُ..

وقد ذكر أهلُ السِّيَر على وجهِ الاستِحسان قصةَ عبد الله بن حُذافَةَ السَّهميِّ حينما وقعَ أسيرًا هو وبعضُ الصحابة في قبضة قيصر الرُّوم، فسامَه سُوءَ العذابِ، إلى أن قال له قيصر: هل لك أن تُقبِّلَ رأسي فأُخلِّيَ عنك؟! فقال عبدُ الله: وعن جميع أسرَى المُسلمين؟! قال قيصر: وعن جميعهم. فقال عبدُ الله بن حُذافَة في نفسِه: عدُوٌّ من أعداء الله أُقبِّلُ رأسَه ليُخلِّيَ عن أسرَى المُسلمين، لا ضيرَ في ذلك. فقبَّلَه، فأطلقَ له الأسرى. فلما علِمَ الفاروقُ -رضي الله تعالى عنه- بذلك قبَّل رأسَ عبد الله بن حُذافة -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-..

وختاماً: إن للأثرة والأنانية عواقب وخيمة، وآثار مدمرة ، ونتائجه سيئة في الدنيا والآخرة، من ابتلي به قاده إلى كل سوء، ومنعه من كل خير، فبتتضخم الذات داخل الإنسان فإن نفسه تتعاظم وتكبر شيئًا فشيئًا، ومِن ثَمَّ يزداد إعجابه بها وتقديسه لها وتضخمه لذاته، وينعكس ذلك على تعاملاته مع الآخرين، فتراه يكثر من نصح غيره ونقده، ولا يقبل نصيحة من أحد. وصاحب الشخصية الأنانية المتضخمة يحب أن يخدمه الناس ويكره أن يخدم أحدًا. لا يمل من الحديث عن نفسه، وإنجازاته، وماضيه، ولو كرر ذلك مئات المرات، وفي نفس الوقت تراه يقطع غيره ولا يسمح له بالحديث عن نفسه كما يفعل هو. لا يعطي الآخرين حقوقهم من التقدير، ويضيق صدره إذا ما أثنى على أحد غيره يفرح بسماع عيوب الناس وبخاصة إذا ما كانوا أقرانه. يبتعد عن كل ما ينقصه أو يظهره بمظهر الجاهل أو المحتاج إلى المعرفة..

يحب التصدر في كل مجلس، يفرح إذا أحبه الناس ويحاول كسب رضاهم بكل وسيلة، المكالمات التي يتلقاها، والرسائل التي تصله، والاهتمام الذي يريد أن يحظى به، يتمعر وجهه إذا صرفت الأنظار إلى غيره، وتنقبض نفسه إذا أحس أن أحدا لم يستقبله بحرارة؛ إنها سطوة الأنا.. وحب الذات.. والتعالي على الناس، سمة النفس اللازمة والصراع المحتوم الذي نخوضه.
إن على الإنسان أن يدفع والآثرة والأنانية والكبر

عن نفسه بأن يعرف أصله ونشأته. وفقره وحاجته، ويعرف ربه وعظمته ومقامه بين يديه، يكفيه أن ينظر في أصل وجوده من العدم، من تراب ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. فقد صار شيئاً مذكوراً. بعد أن كان جماداً لا يسمع ولا يبصر ولا يحس ولا يتحرك فقد ابتدأ بموته قبل حياته، وبضعفه قبل قوته، وبفقره قبل غناه، ثم يموت ويصير تراباً يعذب أو ينعم في قبره ثم يبعث ويحاسب ويجازى بعمل..

وآخيرا من روائع القصص القرآني ما يبين خطورة الأنانية وحب الذات : قصّة ابني آدم مثلاً مروّعاً للحسد والأنانيـة، وروح الانتقام من الآخرين لنجاح أعمالهم ومشاريعهم التي يقومون بها، حتى ولو كانت عبادة! فمِن خلال الحوار الذي دار بينهما تتجسّد نفسية الحسود الحاقد على الآخرين، الذي لا يطيق رؤية غيره، وقد أدّى عملاً ناجحاً، أو حقق موقعاً اجتماعياً متفوّقاً عليه..

لذلك حرص القرآن على أن يتلو هذه الحادثة المعبّرة عن أسوأ وضع هدّام على مسامع البشرية عبر أجيالها المتعاقبة منذ ذلك الحين ولا يزال إلى الآن على مرائ ومسمع من العالم ؛ لتكون عبرة وعظة وموعظة لأولي الألباب، قال تعالى في كتابه الكريم، مخاطباً نبيّه الكريم:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [المائدة:27-30]..

هـكذا ينتهي مشهد الصراع بين أخَـوَين عاشا طيلة حياتهما مترافقين، نهاية مُروِّعة، لا لشيء إلاّ لأنّ أحدهما تُقُبِّل عمله، ونجح في فعله، ولم يتقبّل من الآخر، ولم ينجح في عمله؛ لسوء فعله وسريرته!.
نسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا، وأن يطَهِّرها من الأثرة والأنانية

وأن يهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، وأن ينصر المسلمين المستضعفين على أحفاد القردة والخنازير وأن يحفظ بلدنا مصر وسائر بلاد المسلمين..

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط  أدناه

ana nor wanar mohamed gad

 

اترك تعليقاً