الطمع مفسدة ومهلكة للمرء

بقلم الكاتب والداعية الاسلامى
الاستاذ الدكتور : رمضان البيه

عزيزي القارى لازال الحديث عن آفة الطمع فما من شيء  أفسد لدين المرء من الطمع في شهوات الدنيا من مال أو منصب أو جاه ، ذلك أن العبد إذا استرسل مع الأمنيات استعبدته ورحم الله القائل : العبد حرٌ ما قنع ..والحر عبدٌ ما طمع .. ومن قال :أطعت مطامع فاستعبدتني . ولو أني قنعت لكنت حرًا ..

والقائل : الطمع فقرٌ، واليأس غنى، وإن أحدكم إذا يئس من شيء إستغنى عنه.

هذا ولخطورة الطمع ولكونه مهلك لصاحبه حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه أشد التحذير فقال: “أهل النار خمسة: من جملتهم الخائن الذي لا يخفى له طمع، وإن دق إلا خانه ” ..

وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستعيذ بالله تعالى في دعاءه من الطمع فكان يقول ” اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع “..

هذا والطمع يمحق البركة ويشعر النفس بحالة الفقر الدائم، فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: “سألت رسول الله فأعطاني، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم قال: “يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه ، كالذي يأكل ولا يشبع ” ..

وكان السلف الصالح يرون أن الطمع يُذهب بركة العلم، فقد اجتمع كعب وعبد الله بن سلام، فقال كعب : يا بن سلام: مَن أرباب العلم ؟  قال: الذين يعملون به ، قال: فما أذهب العلمَ عن قلوب العلماء بعد أن علموه ؟ ، قال : الطمع، وشَرَه النفس، وطلب الحوائج إلى الناس..

 ورحم الله القائل :
 ولم أقض حق العلم إن كان كلما


بدا طــمعُ، صيَّرته لي ســـلمًا ..

وما كل بــرق لاح لي يسـتفـزني.
ولا كل من لاقيت أرضاه منعمًا ،

إذا قيل هــذا منهـل قلت قد أرى .
ولكـن نفس الحر تحتمل الظما
أنهنها عـن بعض مـا لا يشـينها.
مخــافة أقوال العــدا فيم أو لـمَ

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي .
لأخْدِمَ مَن لاقيتُ ولكن لأُخَدما .

أأشقى به غرسًا وأجنيه ذِلة ؟ .
إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما ولو أن أهـل صانوه صانهـم .

ولو عظموه في النفوس لعظِّما .
ولكن أهانوه فهـان ودنســوا محيـاه بالأطمــاع
حتى تجهما ومن كان ذا طمع مسيطر على قلبه
فإن الذل قرينه؛ لأنه يبذل عرضه في سبيل تحقيق
ما هوته نفسه وطمع فيه قلبه؛

وفي هذا المعنى يقول أبو العتاهية رحمه الله تعالى ” يا سَلْمُ بنَ عمرو .أذلَّ الحرص أعناق الرجال ” .

وقال بعضهم : الحرص يُنقص قدر الإنسان، ولا يزيد في رزقه.

وقالوا : العبيد ثلاثةٌ: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع .

ولو لم يكن في الطمع إلا تضيع العمر الشريف الذي يمكن أن يشتري به صاحبه الدرجات العلى والنعيم المقيم، في طلب رزق قد تكفل الله به لكفى بذلك زجرًا، فكيف وفي الطمع التعب الدائم وتحقير النفس وإذلالها، ونقص الثقة بالله عز وجل مع شعور صاحبه بفقر دائم وما فتح عبد بابَ مسألةٍ، إلا فتح الله عليه باب فقر”.

نسأل الله أن يقينا شر الطمع وإن يعافينا منه وإن يجعلنا من أهل القنع والرضا ..

اترك تعليقاً