صلة المشايخ بأهل الفن!
23 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم: خادم الجناب النبوي الشريف
د/ محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف
عهدنا مشايخ الأزهر العظام لا صلة لهم بأهل الفن، إلا أن يأتوا إليهم سائلين أو مستفتين أو تائبين، وقد كان لصالحي شيوخ الأزهر دور عظيم في توبة كثير منهم، وعدم عودتهم إلى الفن مرة أخرى!
ومما يُذكر أن الإمام الأكبر العارف بالله الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود؛ كان أحد أسباب توبة الفنان حسين صدقي، وهو الذي صلى عليه صلاة الجنازة بوصيته، كما كان صدقي أيضا على صلة بالإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، وهو الذي وجَّهه الوجهة الصحيحة في فنه!
وكان لشيخنا الإمام محمد متولي الشعراوي – على وجه الخصوص – دور عظيم في ذلك!
وهو سبب توبة الفنانة شادية رحمها الله، واحتجابها في بيتها، حتى توفاها الله!
وقد كنت أرى بعض الفنانات عنده وهن في غاية الاحتشام، حين كنت أذهب لزيارته، في بيته الجديد في حي الهرم!
ولقد رأيت عنده مرة الفنانة مديحة كامل – رحمها الله – فلم أعرفها، حتى عرَّفني إياها الحرس الخاص بالشيخ!
ولهذا فإن أكثر أهل الفن يكرهونه، ولم يستطع بعضهم إخفاء ذلك حتى صرح قائلا: “لا يمكن تقديم عمل فني عن الشعراوي؛ لأنه كان له موقف سلبي من الفن”، في إشارة إلى أنه كان سببا في توبة كثير من أهل الفن، فأفسد عليهم أمرهم، بزعمه!
ونجح الشيخ الغزالي – رحمه الله – في اجتذاب الأستاذ محمد عبد القدوس، ابن الكاتب المشهور إحسان عبد القدوس؛ إلى طريق الدعوة، بل زوَّجه ابنته!
ولم نعرف أن أحدا من هؤلاء المشايخ الصالحين كان يغشى مجالس الفن والفنانين، أو يذهب إلى أعراسهم، ليكتب لهم عقد زواجهم، وتُلتقط لهم الصور التذكارية، ليبدو الشيخ فيها مبتسما، إلى جوار الفنانة العارية!
بل كان الشيخ الشعراوي والشيخ جاد الحق – رحمهما الله تعالى – لا يسجلان مع مذيعة متبرجة إلا إذا غطَّتْ شعرها، هيبة لهما واحتراما!
ولم يكن المشايخ يخجلون من التصريح بما يعتقدونه من أحكام الغناء والتمثيل، وقد سمعت الدكتور محمد المسير – رحمه الله – وهو يفتي بحرمة المال الحاصل من التمثيل المشتمل على تبرج النساء واختلاطهن بالرجال، والمذيع يراجعه ليغير رأيه وهو مُصِرٌّ عليه!
أما اليوم فترى بعض المشايخ يسارعون في هوى أهل الفن، ليصنعوا منهم نجوما، فيجتمع نجوم الفن ونجوم الدين على صعيد واحد، ويقدمون لهم ما يشاؤون من نظريات فلسفية، لا علاقة لها بالأحكام الشرعية، لتبرير الأعمال الفنية!
وصار من الطبيعي أن ترى الشيخ يسجل مع مذيعة متبرجة، وهو لا يقدر أن ينصحها، كما يبرق ويرعد في خُطبه ومحاضراته، داعيا الناس إلى الفضيلة!
وصار من الطبيعي أيضا أن ترى بعض كبار المشايخ وهم يغشون النوادي وصالات الأفراح لكتابة عقد زواج فنانة أو مطربة، ثم تُلتقط له صورة أو صور تذكارية وهو يبتسم في وسط النساء الكاسيات العاريات، مع أن من شرط إجابة الدعوة إلى الأفراح عدم اشتمالها على منكر شرعي، كالتبرج واختلاط النساء بالرجال والرقص والغناء وشرب الخمر، فإن اشتملت على منكر حرمت إجابة الدعوة!
وربما تفلسف بعضهم بأنه يفعل ذلك لعله أن يكون سببا في هدايتهم، والحقيقة أننا ما رأينا فنانة تابت لأن الشيخ جاملها في حفل عرس، بل ربما اتخذت من ذلك ذريعة للاستمرار في فنها الهابط؛ لأن معنى حضور الشيخ عندها أنه راضٍ عن فنها!
بل ربما وصل الأمر إلى أن يتزوج بعض الدعاة من فنانة، دون أن يخشى لومة لائم، وبدلا من أن يجرَّها إلى التدين؛ جرَّتْه هي إلى التفنن!
والحق أن هؤلاء الفنانين والفنانات على دراية تامة بأحوال الشيوخ، ويستطيعون التمييز بين من هو على استعداد لتقديم التنازلات، فيخالطونه، وبين من يتمسك بمبادئه، فيعرضون عنه!