ادخلوا رمضان إن شاء الله طاهرين
25 فبراير، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن
الباحث فى الشريعة الإسلامية
تهفو النفوس إذا ما شُحِنت إلى أيام الطاعة والخير، وليالي العطاء الرباني، وتنتظرها انتظار الظمآن إلى الري والسائر في قيظ الصحراء إلى الظل الظليل والماء النمير، وكلما كانت الأيام والليالي في سمو روحانياتها كانت النفوس المطمئنة المؤمنة في سمو يقظتها.
وفي هذه الأيام المباركات نستقبل شهر رمضان الذي خصّه الله بالقبول والعفو والرضا، وهذه ثلاث مقامات يسعد الفرد بواحدةٍ منها فكيف إذا اجتمعت الثلاث معًا؟
ويتحقق القبول حينما يخلصُ العبدَ العبادة لله ويتحقق الصدق في أدائها وعدم الرياء والنفاق ومراقبة الله التي تُوصِل إلى التقوى التي هي الغاية من الصوم “لعلكم تتقون”
وهي -أيضًا- سبب القبول: “إنما يتقبلُ الله من المتقين”.
ويتحقق العفو حينما تتوب إلى الله من كل ذنب، في هذا الشهر الفضيل وتلتزم أوامره ونجتنب نواهيه، وعندها يتجلى الله علينا بالرضا.
وشهر رمضان ليس كبقية الشهور فهو يحمل العديد من المزايا
فقد جعله الله الوعاء الزمني لنزول القرآن فقال جل شأنه: “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس”
ويفِدُ بعبادة قديمة قويمة كتبها الله على السابقين من الأمم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة: ١٨٣
وطلب من عباده صيامه عند شهوده: “فمن شهِد منكم الشهر فليصمه” البقرة
وها هو رمضان وقد فاحت رائحة مقدمه، وقُدّر لنا أن نشهد أيامه ولياليه بعد أن نسينا كثيرًا.
قُدّر لنا أن نشهد أيامه الغراء ونصوم نهاره ونقوم ليله إيمانًا واحتسابًا لوجه الله الكريم، جاء وليس كأي مجىء أو مقدم، بل ويصاحبه تغيرات كونية في أول لياليه يتحدث عنها النبي ﷺفيقول: “رمضانُ شهرٌ مُباركٌ تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجنةِو تُغَلَّقُ أبوابُ السَّعيرِ وتُصَفَّدُ فيها لشياطينُ، ويُنادِي مُنادٍ كلَّ ليلةٍ: ياباغِيَ الخيرِ هَلُمَّ -أقبل-،وياباغِيَ الشَّرِّ أقصِرْ”
كل فضائله تتكرر يوميًا
وتشمل الصائم ظاهرًا وباطنًا وقاعدًا وقائمًا يقظانًا ونائمًا، فرمضان زمانٌ وليس مكانًا
زمانٌ يغطي كل من فيه ويحويه دون استثناء، ولذا فإن فضائله ملتصقة بكل صائم التصاق الإنسان بعمره، وهذه الفضائل تتكرر كل يومٍ من أيام الشهر الفضيل كالعتق من النيران والدعوة المجابة، بالإضافة إلى الفضائل التي تخص بعض أوقاته كالعشر وليلة القدر. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺأنهقال: “إذاكانَ أوَّلُ ليلةٍ من رمضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ مردَةُ الجنِّ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفتِحَت أبوابُ الجنَّةِ فلَم يُغلَقْ منها بابٌ وَنادى مُنادٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبل ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر، وللَّهِ عتقاءُ منَ النّارِ”. البخاري. وفي رواية “وذلك كل ليلة”إن رمضان ميدان سباق لا يُحتمل فيه التعثر فضلًا عن السقوط والانكباب على الوجه، إنما هو الانطلاق إثر الانطلاق؛فرمضان قصير لا يحتمل التقصير وقدومه عبور لا يقبل الكسل أو الفتور. فإذا انتهزته فزتَ أما إذا تكاسلت تخلّفتَ، وكلما تكاسلت تذكر قوله تعالى: “أياماً معدودات”
فهو بين الشهور كيوسفَ بين أخوته فلا تقتلوه، ولا تلقوه في الجب، ولا تبيعوه بثمن بخس، بل أكرموا مثواه، فعسى أن ينفعنا، أو نتخذه شفيعاً يوم الحساب.
فرصة للتغيير وبدْأ صفحة جديدة مع الله. فكيف أحقق هذا التغيير في نفسي تحقيقًا؟ وكيف أُنشأ تقوى الله في قلبي إنشاءً لأصطنع حياةً جديدةً؟