خطبة بعنوان (وقفات…قبل شهر النفحات!!) لفضيلة الشيخ يسري عبد الرحمن


جمع وترتيب فضيلة الشيخ : يسري عبد الرحمن – أوقاف أسيوط

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..

أما بعد ..

ساعات قليلة ويهل علينا هذا الضيف العزيز الذي طال انتظاره، وتتلهف النفوس شوقا للقياه، لتعيش في رحاب ضيافته الغالية أجمل الأيام وأسعد اللحظات، غير أنه لا يزال هناك الكثير من الغافلين عن هذا الضيف الغالي (شهر رمضان) وعن سمو قدره وعظيم مكانته، فلا يزالون يسرفون على أنفسهم، ويتخبطون في دهاليز العصيان وظلمات الشهوات، مع هؤلاء جميعا أقف هذه الوقفات عسى الله أن ينفع بها ويجعلها تذكرة لمن يخشى.

الوقفة الاولي مع المفطرين عمدا بدون عذر:

– أعلم يا هذا أنك لو راجعت ما في صيام شهر رمضان من فضل لأحببت الصيام و لما تجرأت على أن تفطر ولو لحظة لما للصائم من فضل عظيم، فلا تبخل على نفسك بالتفقه في دينك والتعبد إلى ربك حتى تنجو من عذابه وتدخل جنته مع الصائمين من باب الريان.

– أليس عيب عليك وأنت مسلم وبالغ وعاقل أن ترفض طاعة سيدك الذي خلقك ووهبك كل ما أنت فيه من نعم وغيرك من الأطفال صغار السن يجاهدون حتى يصوموا لله تبارك وتعالى رغم أنهم غير مكلفين ….

– وأنت أنت إذا ما قال لك الطبيب لابد أن تأتي غدا صائما لإجراء تحليل معين أو نحو ذلك ….. ستأتيه رغم أنفك صائما ولا تستطيع مخالفة أمره، فأيهما أحق بالطاعة أيها المسكين.. آلذي خلقك ورزقك أم عبد فقير ضعيف مثلك ما هو إلا سبب سببه الله لشفائك، فاتق الله وانو من الآن أن تصوم شهر رمضان كاملا لتحوز ما فيه من الفضائل وتنجو من عذاب الله.

إلى كل من يفطر عامدا في شهر رمضان بغير بدون عذر شرعي أقول: ألا تعلم يا هذا ما أعده الله من سوء العاقبة لمن يفعل مثلك فعلتك المنكرة هذه … فعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: بينا أنا نائمٌ أتاني رجلان فأخذ بضَبعي فأتيا بي جبلًا وعرًا فقالا اصعَدْ فقلتُ إنِّي لا أُطيقُه فقال إنَّا سنُسهِّلُه لك فصعِدتُ حتَّى إذا كنتُ في سواءِ الجبلِ إذا بأصواتٍ شديدةٍ قلتُ ما هذه الأصواتُ قالوا هذا عُواءُ أهلِ النَّارِ ثمَّ انطلق بي فإذا أنا بقومٍ معلَّقين بعراقيبِهم مشقَّقةٌ أشداقُهم تسيلُ أشداقُهم دمًا قال قلتُ من هولاء قال الَّذين يُفطِرون قبل تَحِلَّةِ صومِهم.. الحديث) أخرجه النسائي

.قوله: بضبعي: أي بعضدي.، قوله: قبل تحلة صومهم: أي يفطرون قبل وقت الإفطار.

الوقفة الثانية مع تارك الصلاة:

يا عبد الله … ها قد استعد الطائعون لاستقبال هذا الشهر المبارك والإكثار فيه من الطاعات لأن أجر الطاعات فيه مضاعف، وأنت لا تزال نائما عن طاعة ربك وخالقك ومولاك وتبارزه بالعصيان … حري بك يا عبد الله أن تعود إلى ربك وتتوب إليه قبل أن تندم في وقت لا ينفع فيه الندم.

 

حكم من يصوم ولا يصلي؟

فلا شك أن الصلاة والصيام ركنان من أعظم أركان الإسلام لا يقوم الدين إلا بهما، وفرضهما من المعلوم من الدين بالضرورة عند المسلم، ولكن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن ضيعها فقد ضيع الدين، وقد اختلف أهل العلم في حكم تاركها مع الإقرار بوجوبها هل يكفر كفرا أكبر مخرجا من الملة، أو يكفر كفرا دون كفر؟

فمن قال بأن تاركها مع الإقرار بوجوبها لا يكفر كفرا أكبر، قال بأن صيامه صحيح مجزئ عنه، والواجب عليه أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى وإلى قضاء ما فاته من الصلوات، فإن الصلاة أولى بالمحافظة عليها من أي شيء آخر، فقدقال انس بن مالك قال ﷺ: أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ ، فإنْ صَلَحَتْ ، صَلَحَ سائِرُ عَمَلِه ، و إنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سائِرُ عَمَلِه. رواه الطبراني وأبو داود، والنسائي.

ومن قال بأنه كافر كفرا أكبر قال: إن عمله قد حبط، ولا ينفعه صيام ولا غيره من الطاعات مع تركه للصلاة ولو أقر بوجوبها

عن أبي هريرة قال : قال ﷺ: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ.) رواه مسلم

فابدأ من الآن واجعل شهر رمضان محطة للتزود بوقود الطاعة وانطلق نحو رضوان الله وجنته ولا يستهوينك الشيطان فيوقعك مرة أخرى في هذه الكبيرة العظيمة بعد أن ينقضي شهر رمضان وأعلم جيدا أن عاقبة تارك الصلاة وخيمة جدا كما جاءت بذلك النصوص الصحيحة كما قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} مريم59 ، وغي واد في جهنم بعيد قعره، شديد حره، تستعيذ منه أودية جهنم، أعاذنا الله وإياكم من جهنم وعذابها.

الوقفة الثالثة مع العاق لوالديه:

ها قد اقترب موسم الطاعات فلا تدخله بالله عليك إلا وقد جعلت والديك راضيين عن إلا فيما يغضب الله تعالى فإنه عن النواس بن سمعان الأنصاري قال ﷺ (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ.) صحيح الجامع

ولا تعد إلى عقوقهما ثانية ولو بكلمة (أف) حتى تنال منهما دعوة صالحة عسى الله أن يكتب لك بها الفلاح في الدنيا والآخرة.

أيها العاق لوالديك أما سمعت قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} -الإسراء23 –

أما سمعت حديث النبي ﷺ عن ابن مسعود قال: “سألتُ النبي ﷺ: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها؛ قلت: ثم أيُّ؟ قال: بر الوالدين؛ قلت: ثم أيُّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله”.البخاري ومسلم

– بل إن الله أوصى الولد ببر الوالدين حتى وإن كانا كافرين فكيف بك وقد وهبك الله والدين مسلمين، وحرم غيرك من أن يكون له والدين ينعم بدفئهما ورعايتهما وحبهما وعطفهما، فاحمد الله واشكره على ما أنت فيه من نعمة، وذلك بأن تكون أبر الناس بوالديه.

الوقفة الرابعة مع المتبرجة

أيتها الجوهرة الغالية …

أن ربك يريد لك العفة والطهارة لذلك فرض عليك الحجاب فقال جل وعلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} -الأحزاب59 –

ونهاك عن التبرج فقال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}الأحزاب33

دينك يريدك أن تكوني كالجوهرة …. فلو أن رجلا عنده جوهر هل سيجعلها في أي مكان مكشوف، ويجعلها عرضة للأيدي العابثة؟ أم سيجعلها في علبة جميلة رائعة تليق بها ثم يضعها في خزانة آمنة حتى تكون نقية محفوظة من الخبث والعبث.

فمن الآن أختاه تستري بحجابك الشرعي ولا تكون سلاحا في يد أعداء الله يقتلونا به كيفما شاءوا وها قد اقترب شهر رمضان فهل ستكونين مندوبة عن الشياطين المصفدة فتقومي بما يعجزوا عنه في هذا الشهر من إفساد الصيام على الصائمين … أم إنك ستكونين كالجوهرة الغالية النفيسة التي تطيع ربها وتكون حربا على أعداء الله وتخرج لنا الجيل الذي ينهض بأمتنا نحو المعالي، رزقنا الله وإياك جنة الفردوس {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} -النساء69 –

واعلمي أن أعداء الله لن يكفوا عن محاربتك بعد أن تصيري عفيفة بحجابك لذلك اعتزي بحجابك

الوقفة الخامسة مع المدخن

أخي المسلم ….

كفاك حرقا لصحتك وزوجتك وأولادك وأموالك وإخوانك المسلمين، أسألك بالله عليك ألم تعلم أن الله تعالي يقول {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} -الأعراف157 –

ويقول أيضا {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} -النساء29 –

وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ« لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللَّهُ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ ». بن ماجة والدارق
طني

وأسألك أيضا

– هل تصنف الدخان من الطيبات؟ أم من الخبائث؟

– هل تسمي الله حينما تبدأ بشرب الدخان؟ أو تحمده حينما تنتهي؟

– هل هناك مأكول أو مشروب حينما تنتهي منه تطأه بحذائك؟

– هل تشرب الدخان في بيت من بيوت الله؟

– هل حققت من الدخان كسب مادي أو صحي أو اجتماعي؟

– ما هو موقفك حينما ترى أحد أبنائك أو إخوانك يدخن؟

أعلم هداك الله ….أن هذه السيجارة غير أنها معصية لله إلا أنها تدمر صحتك وصحة من حولك كذلك …

فيا سبحان الله …..كيف يصر المدخن بعد كل هذا على هذه العادة القبيحة ..

أخي ما هي إلى ساعات وتصوم إن شاء الله عن الحلال من الطعام والشراب والجماع، فبالله عليك صم أيضا مدي حياتك عن ما حرم الله من تدخينك للسيجارة وغير ذلك، واجعل من شهر رمضان مدرسة تربوية تربي فيها نفسك على ترك هذا الداء القبيح.

 

اعتمد على الله تعالى، واصدق في نيتك، وابتعد عن أماكن التدخين، وأكثر من شرب الماء والعصير، واستعمل السواك أو امضغ العلك -اللبان- إذا ما أحسست برغبة في التدخين، اذهب إلى الطبيب إن احتاج الأمر لذلك ..

شفاك الله وعافاك، وجعلنا وإياكم من أهل طاعته.

لوقفة السادسة مع مدمن سماع الموسيقى و الغناء

أخي الحبيب …

لوثت أذنيك الكريمتين بالاستماع إلى ما يغضب الله، ويقسو قلبك، ويشغلك عن ذكر الله، وقد فعلت هذا إما قتلا للفراغ والوقت، أو حبا في سماع الموسيقى والأغاني، وفي هذا شر عظيم عليك ..

أما تعلم أن وقتك هو حياتك وستسأل عنه أمام الله، لما إذا تضيعه فيما يضر ويغضب الله تبارك وتعالى، ثم بعد ذلك تهجر كلامه.

أخي أما علمت أنا الغناء حرام … أم أنك انسقت وراء كل يحلون اللهو والغناء بأدلة واهيات … أخي أعلم أنك مسلم تحب الله ورسوله لذلك أقول لك هل تستطيع أن تستمع إلى الموسيقى والغناء في المساجد؟ لماذا؟ لأن الموسيقى والغناء حرام.

والدليل على أنه حرام

1- من القرآن قوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ” (سورة لقمان: 6)

– ابن عباس : هو الغناء،

 

– مجاهد: اللهو الطبل (تفسير الطبري)

– الحسن البصري : “نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير” (تفسير ابن كثير).

– ابن القيم : “ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء

قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ “، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء – يرددها ثلاث مرات -، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء.

2- ومن السنة أيضا:-

عن أبي مالك الأشعري قال ﷺ: ” ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ ولَينزلنَّ أقوامٌ إلى جنبِ عَلَمٍ يروحُ عليهم بسارحةٍ لهم تأتيهم الحاجةُ -يَعْنِي الفقِيرَ- فيقولون ارجعْ إلينا غدًا فيُبَيِّتُهم اللهُ ويضعُ العِلمَ ويَمسخُ آخرين قِردةً وخنازيرَ إلى يومِ القيامةِ ” (رواه البخاري وقد أقر بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم منهم الإمام ابن حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير.

ويكفي هذا في بيان أن الغناء حرام قطعا …

 

لذا أخي الكريم أقول لك وقبل أن يدخل علينا شهر الكريم وأنت لا تزال منخرطا في لهوك وعبثك هذا .. أقول شهر رمضان هو شهر الطاعات ومنها قراءة القرآن، وأنت على يقين تام بأن القرآن هو خير كلام، فانشغل بخير الكلام عن خبيث الكلام، هدانا الله وإياكم إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد.

الوقفة السابعة مع من يطلق بصره إلى ما حرم الله

 

أخي المسلم …

وهبك الله نعما كثيرة جدا، وأنت مهما شكرت ربك على هذه النعم فلن تحصى شكر نعمة واحدة منها، فكيف بك وأنت تستخدم هذه النعم فيما لا يرضى ربك، ومن أجل نعم الله على العبد نعمة البصر، فقد أعطاك الله هذه النعمة وحرم غيرك منها أفيكون شكرك له عليها هو أن تعصاه بها

يا عبد الله ….

يقول ربك جل وعلا {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} -النور30 –

وكذلك فإن الأمر ليس قاصرا على الرجال فحسب بل إن نفس الأمر في الآية التالية للنساء أيضا {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} -النور31 –

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والجلوسَ بالطرقاتِ . قالوا: يا رسولَ اللهِ ، ما بُدٌّ لنا من مجالسِنا نتحدثُ فيها، فقال ﷺ: إن أبيتم فأعطوا الطريقَ حقَّه . قالوا: وما حقُّ الطريقِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى, وردُّ السلامِ ، والأمرُ بالمعروفِ ، والنهي عن المنكرِ”متفق عليه

وإطلاق النظر هو زنى العينين كما في الأثر (كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة: فالعينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع واللسان يزني وزناه المنطق واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)

وأعلم أخي أن إطلاق النظر إلى ما حرم الله النظر إليه من النساء مثلا ومنه مشاهد الأفلام والمسلسلات والمسرحيات وأغاني الفيديو كليب ونحوها، والتي يتحرى القائمون على الإعلام الإكثار من بثها وانتقاءها لتكون أكثر جاذبية في رمضان لتشغل الناس عن طاعة الله وعبادته، وإن تخللوها بمسلسلات يزعمون أنها دينية ….

– له عواقب اطلاق النظر منها:

– أنه باب من أبوب الزنا ومن أخطر وسائله وذرائعه الموصلة إليه،

– أن النظر المحرم في بيوت المسلمين يبيح فقأ عين الناظر،

– أنه يورث الغفلة وإتباع الهوى وانفراط الأمر، – وهي من أعظمها

– أنه من أسباب فساد القلب، تعلق القلب بالصور ودوام حسرته وعذابه.

فاحفظ أخي الغالي بصرك من هذا الخبث واعلم انك إن تركت ذلك لله عوضك خيرا منه، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.

 

الوقفة الثامنة مع صاحب اللسان الغث

أخي العزيز ….

نعلم جميعا أن اللسان من نعم الله على العبد، والتي لابد للعبد أن يداوم على شكرها بأن يستخدمها في طاعة الله وألا يستخدمها في معصيته، ولكن هيهات …

كثير من الناس يستخدمون هذه النعمة أسوأ استخدام، ويغفلون عن أنهم سيحاسبون عن كل ما ينطقون به حيث قال جل وعلا {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} -ق18 –

قال بن عباس رضي الله عنهما: [يكتب كل ما تكلموا به من خير وشر، حتى إنه ليكتب قولك: أكلت، شربت، ذهبت .. جئت رأيت .. حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره]

عن بلال بن الحارث المزني ، قال ﷺ قال: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ.) البخاري

وفي حديث معاذ الطويل قال ﷺ: كف عليك هذا، قال: قلت: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! -بعض الناس قد يجهل أنه سيؤاخذ بكل كلمة تكلمها كانت خيراً أو شراً- فقال ﷺ: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!) والحديث أخرجه الترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح.

لذلك كانت جزاء أن من حفظ لسانه الجنة …..

فانظر أخي الحبيب في أمر نفسك ودرب لسانك على أن ينطق بكل ما يرضي الله تبارك وتعالى وبخاصة في شهر رمضان المبارك فكما قال ﷺ: (قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.). البخاري

فاحفظ لسانك من كل سوء، حفظك الله ورعاك، وهدنا وإياك لما في الخير.

 

الخطبة الثانية

الوقفة التاسعة مع كل عاص مها كان ذنبه

أخي الحبيب …..

كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم وإلى الخيرات أسبق، ما هي إلا ساعات أو إن شئت فقل لحظات ونستقبل هذا الضيف الغالي – شهر رمضان المبارك – فلابد أن نحسن استقبال، وذلك بالتخلي عن المعاصي والتحلي بالطاعات، فلنبادر إلى الله بالتوبة جميعا { } – وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ النور31 –

بل إن آخر نداء في القرآن لعباد الله المؤمنين يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} -التحريم 8

 

ولا تيأس أبدا فباب التوبة مفتوح على مصراعيه

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} -الزمر53 –

 

وأعلم أن التوبة تنفيذ لأمر الله تبارك وتعالى وأنها سبب لتكفير السيئات وسبب لدخول الجنة، وسبب لفلاح العبد في الدنيا والآخرة كما في الآيات السابقة، وأن {اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222

 

فلا تتأخر في توبتك واعلم (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يبسُطُ يدَه باللَّيلِ ليتوبَ مسيءُ النَّهارِ ، ويبسُطُ يدَه – يعني بالنَّهارِ – ليتوبَ مسيءُ اللَّيلِ ، حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مغربِها) مسلم

 

وانه الله جل وعلا يفرح بتوبتك …

فلا تردد وابدأ من الآن ولا تتأخر ولو ثانية فأنت لا تدري متى تموت ولا أين تموت …

فبادر بالتوبة غفر الله لنا ولكم ولجميع المسلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *