
بقلم فضيلة الشيخ : فارس خالد أبوحبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتجدّد مشاعر الشوق والفرح في قلوب المسلمين، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، تتضاعف فيه الحسنات وتفتح فيه أبواب الجنة.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نستقبل هذا الشهر الكريم استقبالًا يليق بجلاله وعظمته؟
أولًا: استقبال رمضان بالفرح والتخطيط الجيد:
إن من علامات الإيمان أن يفرح المسلم بقدوم رمضان، فقد قال النبي ﷺ: “إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين” (متفق عليه). وهذا يدل على عظم فضل الشهر وضرورة استغلاله على الوجه الأمثل.
ولكي يكون استقبال رمضان صحيحًا، لا بد من التخطيط الجيد له، مثل وضع جدول للعبادة، وتحديد أوقات لقراءة القرآن، وصلة الرحم، وتخصيص وقت للأعمال الصالحة والصدقات، فهذا الشهر فرصة ذهبية لا تعوّض.
ثانيًا: التوبة الصادقة وتجديد النية:
يقول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (النور: 31).
فقبل أن يهلّ هلال رمضان، ينبغي للمسلم أن يجدد توبته من الذنوب والمعاصي، ويصلح ما بينه وبين الله، ويحرص على الدخول في الشهر بقلب نقي وروح متلهفة للطاعة.
ثالثًا: تصفية القلوب من الأحقاد والمسامحة:
رمضان شهر الصفاء والمودة، لذا يجب على المسلم أن يتخلص من الشحناء والبغضاء، فقد قال النبي ﷺ: “تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلٌ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِروا هذين حتى يصطلحا” (رواه مسلم). فكيف نرجو قبول أعمالنا ونحن نحمل في قلوبنا ضغينة؟
رابعًا: إعداد النفس للعبادة:
رمضان ليس شهر الكسل والخمول، بل هو شهر الاجتهاد والعبادة. وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يستعدون له قبل قدومه بالأشهر، يكثرون من الصيام في شعبان، ويهيئون قلوبهم لليالي الإيمان والقيام. وقد ورد عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أنه قال: “يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟” قال: “ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم” (النسائي).
خامسًا: الاستعداد الجسدي والذهني:
ينبغي تهيئة الجسد لاستقبال الصيام بالتقليل من المنبهات والمأكولات الدسمة، وتعويد النفس على نظام غذائي متوازن، حتى لا يشعر المسلم بالإرهاق عند دخول رمضان. كما يُفضّل تنظيم النوم من الآن حتى يستطيع المسلم الاستيقاظ للسحور وصلاة الفجر، والاستفادة من ساعات الليل في القيام والذكر.
ختامًا: اجعل رمضان نقطة تحول:
رمضان ليس مجرد ضيف عابر، بل هو فرصة لصناعة التغيير في حياتنا، فليكن هذا العام بداية جديدة، نجدد فيها علاقتنا مع الله، ونتخلص من العادات السيئة، ونحرص على الخروج من الشهر ونحن أقرب إلى الجنة.
نسأل الله أن يبلغنا رمضان ونحن في أحسن حال، وأن يعيننا على صيامه وقيامه، ويجعلنا من عتقائه من النار.