خطبة بعنوان ( تحويل القبلة دروس وعبر ) لفضيلة الشيخ إبراهيم مراسى بركات
12 فبراير، 2025
خطب منبرية

جمع وترتيب فضيلة الشيخ : إبراهيم مراسى بركات
14/ فبراير / ٢٠٢5م -/ 15/شعبان/1446هـ
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ مَثِيلَ لَهُ وَلاَ ضِدَّ وَلاَ نِدَّ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ الْكَريِمِ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزَّلْزَلَة/ 7-8].
إِخْوَةَ الإيِمَانِ، إِنَّ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ التَّرْغِيبَ بِقَلِيلِ الْخَيْرِ وَكَثِيرِهِ وَالتَّحْذِيرَ مِنْ قَلِيلِ الشَّرِّ وَكَثِيرِهِ، فَحَرِيٌّ بِنَا وَنَحْنُ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ الَّذِي فِيهِ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ أَنْ نُقْبِلَ عَلَى الْخَيْرَاتِ وَالطَّاعَاتِ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا” رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كان يستقبل بيت المقدس ، وبقي على ذلك ستة – أو سبعة – عشر شهراً ، كما ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب – رضي الله عنهما – قال صلّى النبي صلى الله لعيه وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت … الحديث .
ثم بعد ذلك أمره الله تعالى باستقبال الكعبة ( البيت الحرام ) وذلك في قوله تعالى : ( فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره … ) سورة البقرة 144 .
وأما السؤال عن حكمة ذلك فقبل الإجابة عليه لا بدّ من تذكّر ما يلي :
أولاً : أننا نحن المسلمين إذا أتانا الأمر من الله وجب علينا قبوله والتسليم له – وإن لم تظهر لنا حكمته – كما قال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم … ) الأحزاب 36 .
ثانياً : أن الله سبحانه وتعالى لا يحكم بحكم إلا لحكمة عظيمة – وإن لم نعلمها – كما قال تعالى : (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم ) الممتحنة 10 ، وغيرها من الآيات .
ثالثاً : أنّ الله سبحانه وتعالى لا ينسخ حكماً إلا إلى ما هو أفضل منه أو مثله ، كما قال تبارك وتعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ) . سورة البقرة 106 .
إذا تبين ذلك فإن في تحويل القبلة حِكَما منها :
1- امتحان المؤمن الصادق واختباره ، فالمؤمن الصادق يقبل حكم الله جل وعلا ، بخلاف غيره ، وقد نبّه الله على ذلك بقوله : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله …) البقرة 143 .
2- أن هذه الأمة هي خير الأمم ، كما قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس … ) آل عمران 110 ، وقال تعالى في ثنايا آيات القبلة : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً … ) البقرة 143 . والوسط : العدول الخيار . فالله عز وجل اختار لهذه الأمة الخير في كل شيء والأفضل في كلّ حكم وأمر ومن ذلك القبلة فاختار لهم قبلة إبراهيم عليه السلام .
وقد روى الإمام أحمد في مسنده ( 6/134-135 ) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أهل الكتاب : ( إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة ، التي هدانا الله لها وضلوا عنها ، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام آمين )
لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ هِيَ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ وَأَكْثَرُ مَا يَبْلُغُ الْمَرْءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَنْ يَقُومَ لَيْلَهَا وَيَصُومَ نَهَارَهَا وَيَتَّقِي اللهَ فِيهَا، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: “ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا وَهِيَ مُدْبِرَةٌ وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ وَهِيَ مُقْبِلَةٌ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا الْيَوْمَ الْعَمَلُ وَلاَ حِسَابَ وَغَدًا الْحِسَابُ وَلاَ عَمَلَ”. فَالدُّنْيَا سَائِرَةٌ إِلَى الاِنْقِطَاعِ، إِلَى الزَّوَالِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ الدُّنْيَا كَالشَّمْسِ إِذَا تَدَلَّتْ نَحْوَ الْغُرُوبِ، مَعْنَاهُ مَا مَضَى أَكْثَرُ مِمَّا بَقِيَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، فَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَاتَّقُوا رَبَّكُمْ، فَقَدْ قَالَ رَبُّنَا: ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [ءَال عِمْرَان/ 15].
وَيَقُولُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾ [ءَال عِمْرَان/ 17].
فَاصْبِرْ أَخِي الْمُسْلِمَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَاصْبِرْ عَلَى اجْتِنَابِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَأَنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللهِ، فِي سَبِيلِ نَشْرِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ، وَتَزَوَّدْ مِنْ دُنْيَاكَ لآِخِرَتِكَ بِالتَّقْوَى.
إِذَا الْعِشْرُونَ مِنْ شَعْبَانَ وَلَّتْ فَوَاصِلْ شُرْبَ لَيْلِكَ بِالنَّهَارِ
وَلاَ تَشْرَبْ بِأَقْدَاحٍ صِغَـارٍ فَقَدْ ضَاقَ الزَّمَانُ عَنِ الصِّغَارِ
وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْمَوْتَ ءَاتٍ قَرِيبٌ فَعَلَيْكَ أَنْ تَتَزَوَّدَ لآِخِرَتِكَ مِنَ هَذِهِ الدُّنْيَا بِجِدٍّ زَائِدٍ وَفِي ذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أَيْ لاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ لآخِرَتِكَ مِنْ دُنْيَاكَ، فَمَنْ تَزَوَّدَ لآِخِرَتِهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَهُوَ الْمُتَزَوِّدُ وَمَنْ فَاتَهُ التَّزَوُّدُ لِلآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَقَدْ فَاتَهُ التَّزَوُّدُ.
لَكِسْرَةٌ مِنْ يَبِيسِ الْخُبْزِ تُشْبِعُنِي وَشُرْبَةٌ مِنْ قِرَاحِ الْمَاءِ تُرْوِينِي
وَقِطْعَةٌ مِنْ خَشِينِ الثَّوْبِ تَسْتُرُنِي حَيًّا وَإِنْ مِتُّ تَكْفِينِي لِتَكْفِينِي
إِخْوَةَ الإيِمَانِ، يُسْتَحَبُّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ قِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ يس خَاصَّةً وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُعْتَقَدَ أَنَّهَا هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَقُولُ اللهُ عَنْهَا: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [سُورَةَ الدُّخَان/ 4]. وَإِنْ كَانَ شَاعَ عِنْدَ بَعْضِ الْعَوَامِّ أَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ. وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ. وَمَعْنَى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ أَنَّ اللهَ يُطْلِعُ مَلاَئِكَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى تَفَاصِيلِ مَا يَحْدُثُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ مِنْ مَوْتٍ وَحَيَاةٍ وَوِلاَدَةٍ وَأَرْزَاقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
أَحْبَابَنَا الْكِرَام: لاَ بُدَّ لِي أَنْ أُنَبِّهَكُمْ مِنْ دُعَاءٍ اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى تَرْدَادِهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَقُولُونَ فِيهِ: “اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي …” فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلاَ يَجُوزُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ مَشِيئَةَ اللهِ تَتَغَيَّرُ، فَلاَ تَتَغَيَّرُ مَشِيئَةُ اللهِ بِدَعْوَةِ دَاعٍ أَوْ صَدَقَةِ مُتَصَدِّقٍ أَوْ نَذْرِ نَاذِرٍ.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاَثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً” وَفِي رِوَايَةٍ: “قَالَ لِي يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ” فَسُبْحَانَ اللهِ الَّذِي يُغَيِّرُ وَلاَ يَتَغَيَّرُ.
اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى الْقِيَامِ وَالصِّيَامِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ.
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ. أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيْ نَفْسِيَ وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. ذَكَرْنَا فِي الْخُطْبَةِ الأُولَى أَنَّ مَشِيئَةَ اللهِ لاَ تَتَغَيَّرُ، لِذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ وَالْحَذَرُ مِنْهُ دُعَاءٌ اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى تَرْدَادِهِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَقُولُونَ فِيهِ: “اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي …” فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ يُغَيِّرُ مَشِيئَتَهُ بِدَعْوَةِ دَاعٍ، وَمَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فَقَدْ فَسَدَتْ عَقِيدَتُهُ وَخَرَجَ مِنْ دِينِ اللهِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى. إِنَّ مَشِيئَةَ اللهِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لاَ يَطْرَأُ عَلَيْهَا تَغَيُّرٌ وَلاَ تَحَوُّلٌ كَذَلِكَ كُلُّ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَغَيَّرُ وَلاَ تَتَحَوَّلُ. فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ حَتَّى الدَّعَاءُ يَحْتَاجُ إِلَى الْعِلْمِ وَذَلِكَ لأَِنَّ عِلْمَ الدِّينِ سِلاَحٌ يَدَافِعُ بِهِ الْمُؤْمِنُ الشَّيْطَانَ وَيُدَافِعُ بِهِ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَيُدَافِعُ بِهِ هَوَاهُ، وَيُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ مَا يَنْفَعُهُ فِي الآخِرَةِ وَمَا يَضُرُّهُ وَبَيْنَ الْعَمَلِ الْمَرْضِيِّ للهِ وَبَيْنَ الْعَمَلِ الَّذِي يَسْخَطُ اللهُ عَلَى فَاعِلِهِ فَمَنْ أَرَادَ الدُّعَاءَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ فِي غَيْرِهَا فَلْيَسْأَلْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ عَنْ دُعَاءٍ أَلْفَاظُهُ مُوَافِقَةٌ لِشَرْعِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِخْوَةَ الإيِمَانِ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ وَأَكْثَرُ مَا يَبْلُغُ الْمَرْءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَنْ يَقُومَ لَيْلَهَا وَيَصُومَ نَهَارَهَا وَيَتَّقِي اللهَ فِيهَا. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْقِيَامَ فِي لَيْلِهَا وَالصِّيَامَ فِي نَهَارِهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ، قَالَ : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ))
ما يفعله النبي و أصحابه استعداداً لشهر رمضان :
شيء آخر ، عن أنس رضي الله عنه قال :
(( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظروا إلى هلال شعبان أكبوا على المصاحف يقرؤونها ، وأخرج الأغنياء زكاة أموالهم ليتقوى بها الضعيف والمسكين على صيام رمضان ، ودعى الولاة أهل السجن فمن كان عليه حد أقاموه عليه وإلا فخلوا سبيله ، وانطلق التجار فقضوا ما عليهم ، وقضوا ما لهم ، حتى إذا نظروا هلال رمضان اغتسلوا واعتكفوا)) [ كتاب الغنية عن أنس ]
أي كأنني بهذا الشهر الكريم شهر شعبان جعله أصحاب النبي وجعله السلف الصالح استعداداً وتهيئةً لهذا الشهر الكريم من أجل أن تأخذ النفس استعدادها الأوفى للبدء بموسم من أطهر المواسم ، ومن أجلّ المواسم . حتى أن بعض العلماء كان يقرأ في هذه الليلة سورة ياسين على نية إطالة العمر في طاعة الله ، ويقرؤها ثانيةً على نية أن يحميه الله من بلاء الدنيا ، ويقرؤها ثالثاً على نية أن يغنيه الله عز وجل عن حاجة الناس ، هكذا فعل بعض العلماء ، ليس هذا من العبادة ولكن النبي عليه الصلاة والسلام كان يؤثر هذا الدعاء الشريف :
(( اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي)) وهكذا نستطيع أن نقول إن شعبان ورمضان أخوان كريمان ، وشهران مباركان ، حبيبان إلى المؤمنين والمؤمنات ، تستروح فيهما القلوب بشاثر الرحمة التي لايعلم مقدار قدرها إلا الله القائل في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )، ورسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علم الأمة بقوله : ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا. ومن فضائل شهر شعبان نزول ايه الصلاة على النبى صل الله عليه وسلم وقال الإمام القسطلانى نقلا عن بعض العلماء بأن شهر شعبان شهر الصلاة عليه r لأن آية الصلاة ـ يعني )إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما( ـ نزلت فى شعبان قصه عن فضل الصلاة على رسول الله صل الله عليه وسلم روي عن رجل انه وقع في كرب شديد وثقُل عليه الدَّين حتى بلغ دينه خمسمائة دينار وعجز عن أدائها..، وكثر المطالبون بديونهم؛ فذهب إلى تاجر واستدان منه هذا المبلغ واشترط عليه سدادها في موعد محدد اتفقا عليه ,ثم ذهب ودفع الديون لأصحابها..
ومرت الأيام والليالي والحال يزداد سوءًا فوق سوء؛ حتى بلغ الأجل محلَّه، وجاء موعد سداد الدَّين والرجل لا يملك درهمًا ولا دينارًا بل ازداد دينه فوق ذلك الدَّين.. وجاء التاجر صاحب المال يطلب ماله؛ فلم يجد عنده ما يسدد به دينه؛ فذهب وشكاه للقاضي، فحكم القاضي على الرجل بالسجن حتى يسدد الدين..!
فقال الرجل للقاضي : سيدي، أمهلني إلى يوم الغد حتى أخبر زوجتي وأؤمِّن عيالي حتى لا ينشغلوا عليَّ..!
فقال القاضي للرجل : وما الضمان أنك سترجع غدًا؟
قال الرجل : ضماني، هو رسول الله فإن لم أرجع؛ فاشهد عليَّ في الدنيا والآخرة أني لستُ من أمَّة محمد ..! وكان القاضي صالحًا؛ فقدَّر هذا الضمان وقَبِلَ وترك الرجل يذهب إلى أهله…!
فلما رجع الرجل إلى بيته وأخبر زوجته بالخبر ,فما كان من هذه الزوجة الصالحة إلا أن قالت لزوجها بما أن رسول الله هو ضمانك عند القاضي فتعال نصلي على رسول الله لعل الله يفرِّج عنَّا ببركته..! وجلس الرجل وزوجته يصلون على رسول الله حتى غلبهما النوم، وإذا بالرجل يرى النبي في منامه ويقول له : إذا كان الصباح فاذهب إلى الوالي وأقرأه مني السلام وقل له : رسول يطلب إليك، أن تسدِّدَ عني الدَّين؛ فإن سألك عن علامة صدقك؛ فقل له : هناك علامتان؟
الأولى أن الوالي يصلي عليَّ في كل ليلة ألف مرة لا يقطعها أبدًا؛ والعلامة الثانية، هي أنه أخطأ في عدها ليلة البارحة؛ فبشِّره أنها قد وصلت كاملةً..!
فلما استيقظ الرجل؛ أسرع الى والي المدينة، فدخل عليه وسلَّم عليه، ثم قال له : الرسول يقرؤك السلام ويطلب إليك أن تسدِّد دَّيني، فقال: وكم دينك ؟
قال خمسمائة دينار..!
ثم تساءل الوالي : وما علامة صدقك على ما تقول؟
فقال الرجل هناك علامتان: الأولى، أنك تصلِّي على رسول الله كل ليلة ألف مرة، فقال الوالي : صدقت..! ثم بكى الوالي، فقال الرجل: وأما العلامة الثانية أنك أخطأت بعدِّها ليلة البارحة، ويبشرك رسول الله أنها قد وصلت كاملةً..!
فقال الوالي صدقت..! وازداد بكاؤه؛ فأمر له بخمسمائة دينار من بيت المال، ثم أمر له بألفين وخمسمائة دينار من ماله الخاص وقال هذه إكرامًا لك ولسلام رسول الله ..!
فخرج الرجل مسرعًا؛ ليدرك القاضي؛ ليسدَّد دينه ويبرَّ بوعده للقاضي.. فلمَّا دخل على القاضي وجد القاضي ينتظره وبيده كيس فيه مال؛ فإذا بالقاضي يقول له: أنا سأسدِّد الدَّين عنك وهذه خمسمائة دينار مني إليك؛ لأنني رأيت رسول الله ببركتك وبسببك وقال لي: إن أديت عن هذا الرجل؛ أدينا عنك يوم القيامة..!
وإذا بالتاجر صاحب المال يدخل ويقول للقاضي : يا سيدي لقد عفوت عنه وسامحته بالدَّين وهذه خمسمائة دينار هديةً مني إليه؛ لأني رأيت رسول الله ببركته وبسببه وقال لي: إن عفوت عنه؛ عفونا عنك يوم القيامة؛ فخرج الرجل من عند القاضي والفرحة لا تسعه وأسرع إلى زوجته وأخبرها بما كان من أمره , حيث كان يطلب من يسدِّد عنه خمسمائة دينار وها هو يعود إلى بيته ويحمل معه أربعة آلاف دينار…! وكل هذا إنما حدث ببركة وفضل الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..!
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه؛ عدد خلقك؛ ورضا نفسك؛ وزنة عرشك؛ ومداد كلماتك ..!
قصة توبة مالك بن دينار كانت في ليلة النصف من شعبان:
فقد كان شرطيًّا وكان منهمكًا على شرب الخمر، ثم ولدت له بنتًا، وكان يحبها فماتت، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فرأى ليلة نصف شعبان أنه خرج من قبره وحية عظيمة تتبعه كلما أسرع أسرعت، فمر بشيخ ضعيف، فسأله أن ينقذه منها، فقال: أنا عاجز مر وأسرع لعلك تنجو منها، فأسرع وهي خلفه حتى مر على طبقات النار، وهي تفور وكاد أن يهوي فيها، وإذا بصوت يقول: لست من أهلي فمر، حتى أشرف على جبل به طاقات وستور، وإذا بصوت يقول: أدركوا هذا اليائس قبل أن يدركه عدوه، فأشرف عليه أطفال فيهم بنته التي ماتت، فنزلت إليه وضربت بيدها اليمنى إلى الحية، فولت هاربة وجلست في حجره قائلة: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16] فقال لها: أتقرؤون القرآن؟ قالت: نحن أعرف به منكم، ثم سألها: ما مقامهم هنا؟ فأخبرته: أنهم أسكنوا هنا إلى يوم القيامة ينتظرون آباءهم يقدمون عليهم، ثم سأل عن تلك الحية؟ فقالت: عملك السوء، وعن الشيخ؟ فقالت: عملك الصالح أضعفته حتى لم تكن له طاقة بعملك السوء، فتب إلى الله ولا تكن من الهالكين، ثم ارتفعت عنه واستيقظ، قال مالك: فانتبهت فزعًا، وأصبحت فأرقت المسكر وكسرت الآنية وتبت إلى الله – عز وجل – وهذا كان سبب توبتي
اللهم احفظ مصر وأهلها وسائر بلاد المسلمين .
حفظ الله مصر وشعبها وقائدها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله ورعاه». اللهم احفظ مصر واجعلها في امانك واحسانك
اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا
ومن كل ضيق مخرجا
ومن كل بلاء عافيه
اللهم انت ملاذنا وانت عياذنا
وعليك اتكالنا اللهم احفظ مصر من كل سوء ومكروه وفتنه
يا كريم يا كريم يا رحيم
اللهم احفظ امننا ووحدتنا واستقرارنا
اللهم اكشف الغمه
اللهم اكشف الغمه
اللهم اكشف الغمه
اللهم اجعل مصر آمنه مطمئنه ساكنة مستقره
محفوظة مصونه