الذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ
23 يناير، 2025
منبر الدعاة

بقلم الدكتور : عثمان عبدالحميد الباز
الذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ :
هل أنت فيهم؟ أم لست منهم؟ ءأنت من الذين ذكرهم وخصّهم ربهم؟
لقد ذكرهم ربهم ،فيالسعدهم!
ما منعك أن تنال السعادةَ معهم ؟
لقد بين بعض علاماتهم وعلامات سعادتهم بنداءهم لربهم ،من سواه ينادون؟ولمن غيره يلجؤون؟ ولمن سواه يذهبون؟
تعلقت به قلوبُهم فلا ينادون سواه .
لقد قالوا ربنا ،وأنت ماذا قلت ؟وهل العبرة بقول اللسان؟
لو انفرد قولها باللسان لكان صاحبها منافق عليم النفاق .
هو ربك؟ نعم ؟ فهل عليه توكلت وإليه أنبت وأخبتّ ؟
هو ربك ؟
فهل جاهدت وحاولت فعل كل ما فيه رضاه ،وترك كل ما يعكر صفوَ العلاقة بينك وبينه ؟
من أنت بالنسبة لربك ؟عبد طائع ،أم آبقٌ قاطع ؟
فاز المنادون فهل فزت معهم ؟أم قيدتك أغلالُ خطاياك ؟
أغلال؟! نعم نعم لا تعجب فللخطايا أغلال أشد من أغلال الحديد وإحكامها على القلوب قاسٍ شديد .
ليت الأغلال على الأيدي فيهون الأمر إنما الأغلال على القلوب فمن يقوم بفكها عن قلبك؟؟ ومن ينهي كدرَ العلاقة بينك وبين ربك ؟
قيدك عن ربك طمعُك،قيدك عن ربك غشُّك،قيدك عن ربك ظلمُك قيدك عن ربك كذا وكذا وكذا وكذا ومن من كذا تعلمها هو يعلمها، ولا تزال كل يوم بذنب جديد يتلوه قيدٌ جديد ،
فتكسو القلبَ الأغلالُ والقيودُ،ويتخطى أثرُها كلَّ الحدود،
تكاد القيودُ تُخفي القلوبَ ،
هل تأملت قول حبيبنا الأكرم صلى الله عليه وسلم ﴿إنَّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نُكتةٌ سوداءُ في قلبِه ، فإن تاب ، ونزع ، واستغفر صقَل منها ، وإن زاد زادت حتَّى يُغلَّفَ بها قلبُه ، فذلك الرَّانُ الَّذي ذكر اللهُ في كتابِه : ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾
إياك أن تنسل من صفوف المنادين الطائعين إلى صفوف العاصين ،الذين ران على قلوبهم ما كانو يكسبون،
شُدّ الرحال إليه وتعلق بتوكلك عليه ،واركب سفينة المهاجرين إلى رب العالمين ،
أعلن بين يديه ضعفك ،وأعلن على طريقه عزمَك وسيرَك ،فاعزم مع العازمين وسر مع السائرين ،
كافح ونافح حتى تصل ،فإن باغتك أجلُك قبل الوصول فحسبك أنك وضعت على الطريق قدمَك وحاولت الوصول إلى ربك ،
عش في شرف المحاولة حتى تحظى بشرف المقابلة ،
لقد قتل الرجلُ مائةَ نفس ،وحاول الوصول إلى منى المأمول ،مات وهو يحاول ،فوصل ،
ومن الذي بلغنا الوصول ؟بلغنا إياه سيدنا الرسول ،صلى الله عليه وسلم.
فلو عشت على نداء قلبك لربك ﴿ربنا﴾ لنلت المأمول ،ولجاءك الجواب ،عبدي وقف بالباب ،يا ملائكتي افتحوا له كل الأبواب ،لقد حاول الوصول من طريق واحد ،فحققوا له كلٌَ المقاصد ،
هنا فقط تقر الأعينُ ،وتُحبرُ الأنفسُ ،وتسعد الأرواحُ بالفلاح ،ويتعانق المنادون في كنف ربهم محضُرون ويصدر الإعلانُ فينصتون﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.
من كتاب عظمة القرآن بين البلاغة والبيان ج٢