خطبة بعنوان ( نعمة الأمن واستلهام الدروس من الإسراء والمعراج ) لفضيلة الشيخ ابراهيم مراسى

خطبة الجمعة القادمة 24 بناير 2025م

لوزارة الأوقاف : نعمة الأمن واستلهام الدروس من الإسراء والمعراج ،

بتاريخ 24 رجب 1446 هـ ، الموافق 24 بناير 2025م .

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستَعِينه ونستَغفِره، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، الملك الحقُّ المبين، ربُّ العالمين، وإلهُ الأوَّلين والآخِرين، وقيُّوم السماوات والأرَضين، يقول الحقَّ وهو يهدي السبيل.

وأشهد أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسوله، النبيُّ المُصطَفى، والرسول المُجتَبى، الصادق الأمين، البشير النذير، والسراج الأزهر المنير، أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين؛ فشرَحَ به الصدور، وأنارَ به العقول، فتَح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين وسلم تسليمًا كثيرًا.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

يعرف الأمن في الإسلام على أنه سلامة الإنسان النفسية والجسدية، وشعوره بالاطمئنان السكينة، كما إن الأمن والأمان في الإسلام تعني التكفل بخلق حياة كريمة للفرد داخل مجتمعه، فتحقيق الأمن من المنظر الإسلامي له الأسبقية على غيره، لأن بتحقيقه يتحقق كل شيء، وبدونه لا يتحقق شيء،

(مفهوم الأمن في القرآن الكريم )

مفهوم الأمن في القرآن لغةً يُشير لفظ الأمن في اللّغة إلى عدّة معانٍ، فالأمن نقيض الخوف، يُقال: أَمِن فلانٌ على نفسه؛ أي أصبح آمِناً من مشاعر الخوف والرّهبة، وقد امتنّ الله -سبحانه وتعالى- على قريشٍ بنعمة الأمان من الخوف، فقال -تعالى-: (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، ويُشتقّ من الأمن لفظ الأَمَنة، والأمانة، والإيمان، وقد ورد لفظ الأمنة في كتاب الله -تعالى-: (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ)،[٢] وهو يُشير هنا إلى معنى النُّعاس، أمّا الأمانة فهي ضد الخيانة، والإيمان هو التصديق الجازم.

مواضع ورود لفظ الأمن في القرآن

ورد لفظ الأمن ومشتقّاته في مواضع كثيرةٍ في القرآن الكريم، وقد جاء ذكر الأمن في السور والآيات المدنيّة أكثر من السور والآيات المكيّة، وذلك يشير إلى أن المسلمين في مكّة كانوا بحاجةٍ إلى الأمن على أنفسهم أكثر من حاجتهم إليه بعد أن هاجروا إلى المدينة، ولذلك اقتضت حكمة الله -تعالى- أن يذكر الأمن بحسب حاجة المسلمين إليه، ففي العهد المكيِّ ذُكر الأمن ومشتقّاته في واحدٍ وثلاثين موضعاً؛ موجودةٌ في تسعٍ وعشرين آيةً موزعةً على سبع عشرة سورة، أما في العهد المدنيّ فقد ورد ذكره في سبعة عشر موضعاً؛ موجودٌ في أربع عشرة آيةً موزّعةً على سبع سور.

-وقد جاء لفظ الأمن في القرآن الكريم مُتتالياً في مواضع، ومتفرّقاً في مواضع أخرى؛ أما المواضع التي ورد فيها اللّفظ متتالياً فكانت في سورة الأنعام، قال الله -تعالى-: (وَكَيفَ أَخافُ ما أَشرَكتُم وَلا تَخافونَ أَنَّكُم أَشرَكتُم بِاللَّـهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ عَلَيكُم سُلطانًا فَأَيُّ الفَريقَينِ أَحَقُّ بِالأَمنِ إِن كُنتُم تَعلَمونَ*الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ)،

أما المواضع التي جاء فيها لفظ الأمن متفرّقاً فكانت في موضعين؛ وذلك في سورة الأنفال وسورة آل عمران، حيث يتكلّم فيها ربّ العزّة عن نعمة الأَمَنة التي أنزلها على عباده في معركتَي بدرٍ وأُحد، قال -سبحانه وتعالى-: (إِذ يُغَشّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ وَلِيَربِطَ عَلى قُلوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ)، وفي الآية الأخرى يقول -تعالى-: (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ)، والأَمَنة لفظٌ له معنى مقاربٌ لِلَفظ الأمْن، إلا أنّه خاصٌّ بحالة حضور الخوف؛ كقتال الأعداء في ساحة المعركة، أمّا لفظ الأمْن فله معنى أشمل، حيث يتعلّق بالأمن في جميع جوانب حياة الإنسان.

المعاني التي ورد فيها لفظ الأمن في القرآن جاء لفظ الأمن في القرآن الكريم على ثلاثة معانٍ، وهي:

 الأمانة؛ ونقيضها الخيانة: أما مواضع هذا اللفظ في القرآن الكريم فقد جاء في قوله -تعالى-: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا)،

 ففي هذه الآية يبيّن الله -جلّ وعلا- أمانة طائفةٍ من أهل الكتاب، حيث يؤدّون الأمانات مهما عظُمَت، وفي الآية الأخرى يقول -تعالى-: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ). الأمن؛ نقيض الخوف والرّهبة: وقد جاء ذلك المعنى في عدّة مواضع في القرآن الكريم، منها قوله -تعالى-: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ)، فالأمن من عذاب جهنّم وفق هذه الآية يتحقّق لمن آمن بربّه -عزّ وجلّ- ولم يشرك به شيئاً، وفي الآية الأخرى يذكر الله -تعالى- نعمة الأَمنة التي أنزلها على عباده وهم يُقاتلون الأعداء في المعركة، حيث أبدل الله حالهم من بعد الخوف أَمَناً وسلاماً؛ فغشِيَهم النُّعاس، وحلّت بهم السَّكينة.

المأوى والمكان الآمن: وقد جاء ذلك المعنى في قوله -تعالى-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا)، فقد جعل الله -تعالى- الكعبة مكاناً آمناً؛ أي مكاناً يأمن فيه الناس على أنفسهم وأموالهم، وجاء ذلك المعنى أيضاً في قوله -تعالى-: (وَإِن أَحَدٌ مِنَ المُشرِكينَ استَجارَكَ فَأَجِرهُ حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعلَمونَ)، ومَأْمَنه أي؛ المأوى الآمن؛ كداره، أو دار قومه.

والنّاظر في معاني الألفاظ الثلاثة يدرك أن هناك قاسماً مشتركاً بينها جميعاً؛ فالإيمان وهو التصديق يؤدّي إلى طمأنينة النفس، ويمنحها السّلام والسَّكينة، ويحقّق لها الأمان، أما الأمانة فتَتضمَّن تصديقاً واطمئناناً لمن ارتضاه الإنسان أميناً على نفسه وماله، وكذلك الأمن؛ حيث يتضمّن معنى التصديق لمن يأتمنه الإنسان على نفسه، فيؤمِّنه على كلّ ما يملك. ثمرة تحقّق الإيمان والأمانة بيّن الله -عزّوجلّ- نتائج تحقّق الإيمان في القلوب، وآثار تخلّق النفوس بالأمانة والعمل الصالح؛ حيث يحقّق ذلك الأمن للمسلم، وذلك بأن يُمكِّن الله -سبحانه- للمسلمين دينهم، ويستخلفهم في الأرض، ويظهر ذلك جلياً في قوله -سبحانه وتعالى-: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، فالسَّلم والتمكين في الأرض لا يتحقّقان بمجرّد الأماني والأحلام، وإنما بتوفّر شروطٍ معيّنة؛ وهي الإيمان أولاً، ثمّ العمل الصالح

ثانياً، ومن مظاهر العمل الصالح في المجتمع؛ الأمانة التي تبعث على الطمأنينة والأمن، فلا يخاف أحدٌ على ماله ونفسه وأهله، فيتحقّق السّلام للمجتمع المسلم قلباً وقالباً، وتحلّ نعمة الله على عباده المؤمنين بصدق إيمانهم، وحسن أعمالهم، وفي المقابل نرى أن العمل السيّء من الأسباب الدافعة للنّعم، الموجبة للخسران والنقم، قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم: (وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَريَةً كانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتيها رِزقُها رَغَدًا مِن كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللَّـهِ فَأَذاقَهَا اللَّـهُ لِباسَ الجوعِ وَالخَوفِ بِما كانوا يَصنَعونَ)،

فقد ضرب الله في هذه الآية الكريمة مثلاً لقرية نزع الله عنها نعمة الأمن والأمان بسبب عدم أخذها بالأسباب الموجبة لتلك النعم؛ وهي الإيمان والعمل الصالح حيث كفرت تلك القرية بنعم الله وجحدتها؛ فكانت عاقبة أمرها خسراناً. أنواع الأمن في القرآن الأمن النفسي ذكر الله -عز وجل- أحد الأسباب التي تؤدّي إلى حلول الطمأنينة والأمن في النّفس، ومن ذلك الإيمان وذكر الله -تعالى-، قال -سبحانه-: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ)، فطمأنينة النفس وسكينتها بذكر الله علامةٌ على صدق الإيمان، وقوّة اليقين، فالمسلم الصادق كما ذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره لا يزول خوفه، ولا يهدأ قلبه، ولا تسكن جوارحه إلا بذكر الله -تعالى- والإيمان به.

ومن الأمثلة على الأمن النفسي في القرآن الكريم نصيحة النبيّ يعقوب لابنه يوسف -عليهما السلام- حينما رأى رؤياه، قال -تعالى- مبيّناً ذلك في كتابه الكريم على لسان يعقوب -عليه السلام-: (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ)، فقد أشار يعقوب -عليه السلام- إلى ابنه أن يُخفي عن إخوته ما رآه في منامِه حتى لا يكيدوا له الأذى والشر، فالشيطان يتعاهد بني آدم بالوسوسة، وقد يُزيّن لإخوة يوسف أن يضمروا له الحسد والحقد في أنفسهم، وفي الآية الأخرى يقول -تعالى- على لسان يعقوب -عليه السلام-: (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدخُلوا مِن بابٍ واحِدٍ وَادخُلوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغني عَنكُم مِنَ اللَّـهِ مِن شَيءٍ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَعَلَيهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ)، ففي هذه الآية الكريمة ينصح يعقوب -عليه السلام- أبناءه أن يدخلوا من أبوابٍ متفرّقة لا من بابٍ واحدٍ؛ لأنّ ذلك أدعى لدفع شرور نفوس الناس وأعينهم، فقد يُغري دخولهم على هيئةٍ واحدةٍ أعين الجنود والسُّلطان ويلفتهم،

وقد تطالهم أعين الناس بالحسد فيتأذّوا بذلك، فكان من دواعي الحكمة وبواعث التدبير والفطنة أن يُدلي لهم أباهم بنصيحته، وبما يدفع عنهم أي شرورٍ محتملة، وبما يحقّق لهم الأمن على أنفسهم.

الأمن السياسي إن من مظاهر الأمن الذي يتحقّق للمجتمع المسلم؛ الأمن السياسي، ومن الأمثلة على ذلك في القرآن الكريم قصّة أهل الكهف حينما بعثوا أحدهم إلى المدينة ليَبتاع لهم رزقاً، قال -تعالى- مبيّنا ذلك في كتابه الكريم: (فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا)، فقد بعث أصحاب الكهف أحدهم إلى السوق داعين إيّاه إلى التلطّف؛ أي التأنّي والتجمّل في قوله، وسرعة إنجاز مهمّته حتى لا تتنبّه إليه الناس فيؤدّي ذلك للسؤال عن حاله، والاستعلام عن مقامه، فتكون النتيجة معرفة أمره وأمر أصحابه، وبما يؤدي إلى ما لا تحمد عُقباه من المآلات، فينكشف أمر القوم وتنتهي دعوتهم.[٢٥] الأمن الاقتصادي يتحقّق الأمن الاقتصادي في المجتمع الإسلاميّ عندما يأمن الناس على أموالهم وأنفسهم، فالتّجّار يُقبلون ويتطلّعون دائماً للاستثمار في البلد التي تتحقّق فيها أسباب الأمن والطمأنينة، فتزدهر التجارة، وينشط الاقتصاد، ويزيد الإنتاج، فتقوى الأمة ويشتدّ عودها، وفي المقابل ترى التجّار يهربون من البلد إذا لم يتحقّق فيها الأمان، لأنّهم لا يأمنون فيه على أنفسهم وأموالهم، ومن النِّعم التي امتنّ الله بها على أهل مكة؛ نعمة الحرم الآمن، قال تعالى: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)، كما امتنّ الله -تعالى- على أهل مكّة في مواضع أخرى من كتابه بنعمةِ الإطعام والشبع، وهو ما يحقق أمانهم المادي، كما أنعم عليهم بالأمان من الخوف، وهو ما يحقّق أمانهم النّفسي والمعنوي. الأمن الاجتماعي إنّ من أنواع الأمن الذي يتحقّق للمجتمع المسلم؛ الأمن الإجتماعي،

ومن الأمثلة عليه في كتاب الله -تعالى-؛ قصّة أصحاب الجنَّتين، قال الله -عزّ وجلّ-: (وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ وَحَفَفناهُما بِنَخلٍ وَجَعَلنا بَينَهُما زَرعًا * كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَت أُكُلَها وَلَم تَظلِم مِنهُ شَيئًا وَفَجَّرنا خِلالَهُما نَهَرًا)، فقد أنعم الله على الرّجلين بنعمة المال والأمن، فقابل أحدُهما تلك النعمة بالجُحود والكُفران، وتَكبّر على ربّه، ولم يشكر نعمة الله عليه، وظنّ أن تلك النعمة إنما هي نتيجة عمله واجتهاده، فأبدل الله -تعالى- حاله، ونزَع عنه نعمته، فباء بالخسران، وعوقب بالحرمان، وكان مثلاً لمن غرّته دُنياه، وتسلّط عليه هواه، فغرّته ثروته، وأعمته نزوته، فنَسي شكر ربّه الذي أنعم عليه وأعطاه. ونرى في المقابل نموذجاً آخر يتمثّل في شخصية صاحب إحدى الجنّتين؛ حيث قابل نعمة ربّه بالشّكر والعرفان، وأدرك أنّ ماله ما هو إلا نعمةٌ من ربّه يتوجّب حفظها بشكرِ المُنعم، وأداء ما يتوجّب في ذلك المال من حقوق معلومة للفقراء والمساكين، فيسود الأمن والأمان في المجتمع، ويحفظ الله -تعالى- عليه نعمته، وممّا يُحقّق الأمن الاجتماعي أيضاً؛ مُقاومة الشّائعات التي تُهدّد أمن المجتمع واستقراره، فالأصل في الشريعة الإسلامية لمن سمع خبراً أن يتثبّت منه قبل نشره أو تداوله، يقول -تعالى- في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)

(وسائل المحافظة على الأمن في السنة النبوية:)

لم تقتصر الشريعة على المقاصد الخمسة العليا التي من شأنها تحقيق الأمن وتوفير الأمان في المجتمع لكافَّة أفراده بصرف النظر عن الدِّين أو اللَّون أو العرق، وإنما زيادةً في الحرص على تحقيق الأمن جاءت السنة النبوية بِعِدَّة وسائل؛ لتحقيق مقصد المحافظة على الأمن،

ومن أهم هذه الوسائل:

1- مراعاة حقوق الجيران، وتوفير الأمن لهم؛ وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ). قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قال: (الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ . فالنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على تحقيق نعمة الأمن والأمان بين الجيران، والأمر يصبح شنيعًا جدًا إذا أصبح الجار لا يأمن على نفسِه، ودينِه، وعرضِه، ومالِه من جاره. قال ابن بطال – رحمه الله: (هذا الحديث شديد في الحض على ترك أذى الجار، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم أكَّد ذلك بِقَسَمِه ثلاثَ مرات أنه: “لاَ يُؤْمِنُ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ”، ومعناه: أنه لا يؤمن الإيمان الكامل، ولا يبلغ أعلى درجاته مَنْ كان بهذه الصفة، فينبغي لكلِّ مؤمنٍ أنْ يحذر أذى جاره، ويرغب أن يكون في أعلى درجات الإيمان، وينتهي عمَّا نهاه الله ورسوله عنه، ويرغب فيما رَضِيَاه وحَضَّا العبادَ عليه)

2- مراعاة حقوق الناس وعدم الاعتداء عليهم وعلى
وأموالهم؛ وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) و(المعنى: إنَّ هذا هو المسلم الكامل ، كما تقول العرب: المال الإبل: أي: هي أفضل الأموال. والشِّعر زُهير، والجُود حاتم. والمراد: إنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده فهو الذي قام بحقوق الإسلام؛ لأنَّه عمل بمقتضى ما قال) . وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) . وفي رواية: (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ)

3- التحذير من ترويع الناس، لاعِبًا أو جادًّا؛ ومما جاء في ذلك؛ عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: حدَّثنا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَامَ رَجُلٌ منهم، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إلى حَبْلٍ معه، فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لاَعِبًا أو جَادًّا، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ؛ فَلْيَرُدَّهَا)[18]. وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ؛ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ)[19]. قال النووي – رحمه الله: (فيه تأكيد حُرمة المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه، وتخويفه، والتَّعَرُّض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه وسلم: “وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ” مُبالغةٌ في إيضاح عموم النهي في كلِّ أحدٍ؛ سواء مَنْ يُتَّهم فيه، ومَنْ لا يُتَّهم، وسواء كان هذا هزلًا ولَعِبًا أم لا؛ لأنَّ ترويعَ المسلم حرام بكلِّ حال، ولأنَّه قد يسبقه السِّلاح، كما صرح به في الرواية الأخرى) . ونصُّها: (لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَحَدُكُمْ، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ

4- التحذير من إيذاء مشاعر الناس بالسب والازدراء، والتحقير؛ وفيه أحاديث كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ[24]، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) قال النووي – رحمه الله: (سَبُّ المسلم بغير حقٍّ حرامٌ بإجماع الأمة، وفاعِلُه فاسق؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمَّا قتاله بغير حق فلا يكفر به عند أهل الحق كفرًا يخرج به من الملة؛ كما قدمناه في مواضع كثيرة، إلاَّ إذا استحلَّه.

5- تغليظ حرمة الدماء والأعراض والأموال في الإسلام؛ وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ) . وقوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ؛ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) و(المعنى: أنه في أيِّ ذنبٍ وقع، كان له في الدِّين والشَّرع مخرجٌ إلاَّ القتل، فإنَّ أمره صعب) . ولذا قال عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ – رضي الله عنهما -: (إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ[33] الأُمُورِ التي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فيها؛ سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ)

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا)[35]. وهو (محمولٌ على التعذيب بغير حقٍّ، فلا يدخل فيه التعذيب بحقِّ؛ كالقصاص، والحدود، والتَّعزير، ونحو ذلك)[36]. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ من قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ)[38]؛ وذلك لِعِظَمِ القتل عند الله تعالى وشِدَّته. قال النووي – رحمه الله: (فيه تغليظ أمرِ الدماء، وأنها أوَّل ما يُقضى فيه بين الناس يوم القيامة؛ وهذا لِعِظَمِ أمرها، وكثيرِ خطرِها، وليس هذا الحديث مخالفًا للحديث المشهور في السنن: (أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلاَتُهُ)[39]؛ لأنَّ هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى، وأما حديث الباب فهو فيما بين العبادِ)[40].

6-مُعاقبة المعتدين على أمن الناس وأبدانهم وأموالهم وأعراضهم؛ فكل مَن تعدَّى على أموال الناس وأبدانهم وأعراضهم وتسبب في زعزعة الأمن؛ يُعاقب بعقوبات رادعة، ومنها:

أ- قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قُتِلَ له قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ)[46]. وجه الدلالة: (وَلِيُّ المقتول بالخيارين؛ إنْ شاء قتل القاتل، وإنْ شاء أخذ فداءَه، وهي الدِّية)[47]. فهذا (حضُّ وندبٌ لأولياء القتيل أنْ ينظروا خَيْرَ نَظرٍ: فإنْ كان القصاص خيرًا من أخذ الدِّية؛ اقتصوا ولم يقبلوا الدِّية، وإنْ كان أخذُ الدِّية أقربَ إلى الألفة، وقطع الضغائن بين المسلمين؛ فُعِلَتْ من غير جَبرِ القاتل على أخذِها منه)[48].

ب- وقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ)[49]. وجه الدلالة: أن المسلمين تتساوى دماؤهم في القصاص والديات، لا فرق بين عبد وحر، وذكر وأنثى، ووضيع وشريف؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سوَّى بينهم في الدِّماء، فوجب أن يكون حكمُهم فيما دون الدماء سواء

نماذج الأمن والأمان في ظل الإسلام

تقاضي علي رضي الله عنه مع اليهودي على الدرع

نعم أيها الأحبة! لقد حقق منهج الله في الأرض الأمن والأمان والسعة والرخاء، والطمأنينة القلبية والسعادة النفسية وانشراح الصدور، لا أقول هذا رجماً بالغيب، ولكنه واقع، ولكنه تاريخ مفتوحة صفحاته لكل من أراد أن يقرأ وأن يتعرف على الحقائق، أقول بملء فمي: لقد حقق منهج الله في الأرض الأمن والأمان، نعم لقد تحقق الأمن والأمان، لا أقول للمسلمين الذين نفذوا منهج الله فحسب، بل للمسلمين ولليهود والنصارى الذين عاشوا تحت ظلال منهج الله في أي بقعة من أرض الله جل وعلا. إن ذلكم اليهودي -وكلكم يعلم القصة، وغيرها كثير وكثير- اليهودي الذي سرق درع علي ، وعلي حينئذ كان خليفة المسلمين وأميراً للمؤمنين، ولما رأى علي درعه عند اليهودي قال: هذا درعي، لا أتركك. فقال اليهودي: بل هو درعي. أتدرون ماذا حدث؟ مَثَلَ علي أمير المؤمنين وخليفة المسلمين مع اليهودي أمام قاضي المسلمين، وقفا في ساحة القضاء أمام شريح رحمه الله رحمة واسعة الذي ضرب بعدله المثل، ولما دخل علي مع اليهودي أمام شريح ، فنادى شريح على علي قائلاً: يا أبا الحسن ! فغضب علي، فظن شريح سوءًا، قال: ما الذي أغضبك، فقال علي -الذي غضب للعدل والحق- قال: يا شريح! أما وقد كنيتني -أي: ناديت عليَّ بكنيتي وقلت: يا أبا الحسن – فلقد كان من واجبك أن تكني اليهودي هو الآخر، أي: فإما أن تكنيني أنا وخصمي أو تدع. ما هذا الخلق وما هذا الدين العظيم؟! ومَثَلَ علي واليهودي أمام شريح ، فنظر شريح إلى علي وقال: يا علي ما قضيتك؟ قال: الدرع درعي ولم أبع ولم أهب، أي: لم أهب له هذا الدرع ولم أبعه، فنظر شريح إلى اليهودي قال: ما تقول في كلام علي؟! فقال اليهودي: الدرع درعي وليس أمير المؤمنين عندي بكاذب! خبث ودهاء معهودان: الدرع درعي وليس أمير المؤمنين عندي بكاذب، فنظر شريح إلى علي وقال: هل عندك من بينة؟ يقول هذا، لـعلي وهو أمير المؤمنين، هل عندك من بينة؟ فالبينة على من ادعى واليمين على من أنكر، قاعدة شرعية عظيمة أول من وضعها أستاذ البشرية ومعلم الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم. قال شريح لـعلي : هل عندك من بينة؟ قال: لا، وكان شريح رائعاً بقدر ما كان أمير المؤمنين عظيماً، وقضى شريح بالدرع لليهودي. وأخذ اليهودي الدرع وخرج، ومضى غير قليل، ثم عاد مرة أخرى ليقف أمام علي وأمام القاضي وهو يقول: ما هذا! أمير المؤمنين يقف معي خصماً أمام قاض من قضاة المسلمين ويحكم القاضي بالدرع لي! والله ليست هذه أخلاق بشر، إنما هي أخلاق أنبياء، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وقال اليهودي: يا أمير المؤمنين! الدرع درعك ولقد سقطت منك فأخذتها، فنظر إليه علي مبتسماً وقال: أما وقد شرح الله صدرك للإسلام فالدرع مني هدية لك! هذا الأمن والأمان

قصاص القبطي من ابن الأكرمين

ذاك يهودي، وهذا نصراني قبطي سبق ابن عمرو بن العاص في مصر، وغضب ابن والي مصر كيف يسبقه القبطي؟! وجاء بعصا وضرب هذا القبطي في رأسه وقال: خذها وأنا ابن الأكرمين! وما كان من هذا القبطي الذي عرف عظمة الإسلام إلا أن يسابق الريح إلى واحة العدل، إلى المدينة المنورة زادها الله تشريفاً وتعظيماً وتكريماً، إلى أمير المؤمنين، إلى فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويرفع له الشكوى. فما كان من عمر إلا أن يرسل فوراً بأن يأتي ابن عمرو وأبوه عمرو ؛ لأن ابنه ما تجرأ على فعلته إلا لوجود أبيه. ويأتي عمرو بن العاص والي مصر مع ولده، فيقفان أمام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، ويقف القبطي ويدفع عمر العصا للقبطي ويقول له: اضرب ابن الأكرمين! هذا إسلامنا، هذا هو العدل في ديننا، هذه عظمة دين محمد صلى الله عليه وسلم! ويأخذ القبطي العصا ويضرب رأس ولد عمرو ، ويقول عمر قولته الخالدة التي لا تكتب بماء الذهب فحسب، وإنما تكتب بماء من النور: يا عمرو ! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً! لله ما أورعه وما أتقاه وما أنقاه، ولله ما أعظم إسلامنا! يا عمرو! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟! ذاك يهودي وهذا قبطي! ويوم أن فتح أبو عبيدة بن الجراح بلاد الشام وفرض عليهم الجزية شريطة أن يدافع عنهم وأن يحميهم من شر الروم على أيدي هرقل ، ويوم أن سمع أبو عبيدة رضي الله عنه بأن هرقل قد جهز له جيشاً جراراً، خاف ألا يستطيع أن يدافع عن هؤلاء الذين أخذ منهم الجزية، فرد عليهم الجزية مرة أخرى وقال: لقد سمعتم بـهرقل وأنه قد جهز لنا جيشاً، ونخشى ألا نتمكن من الدفاع عنكم فخذوا جزيتكم، وإن نصرنا الله عليهم عاودنا الحماية والدفاع عنكم مرة أخرى. أي دين هذا! هذا منهج الله يحقق الأمن والأمان في أرض الله،حفظ الله مصر وشعبها وقائدها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله ورعاه». اللهم احفظ مصر واجعلها في امانك واحسانك

اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا

ومن كل ضيق مخرجا

ومن كل بلاء عافيه

اللهم انت ملاذنا وانت عياذنا

وعليك اتكالنا اللهم احفظ مصر من كل سوء ومكروه وفتنه

يا كريم يا كريم يا رحيم

اللهم احفظ امننا ووحدتنا واستقرارنا

اللهم اكشف الغمه

اللهم اكشف الغمه

اللهم اكشف الغمه

اللهم اجعل مصر آمنه مطمئنه ساكنة مستقره

محفوظة مصونه

اترك تعليقاً