وبالوالدين إحسانا
16 يناير، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الدكتور : رزق ندا
أمام وخطيب بوزارة الأوقاف
إنّ برّ الوالدين من الأمور البديهيّة التي دعا إليها الإسلام بشكل خاص ، وأقرّته جميع الشرائع الأخلاقية السامية ، فلا أحد يستحق الإحسان والبرّ والعطف أكثر من أم وأب سهروا على راحة ابنائهم ، وحرموا نفسيهما من ملذات الدنيا ليمنحوهم حياة كريمة تليق بهم ، ولا أحد يحب الخير للأبناء أكثر منهما ،
فالوالدين هما أكثر من يقدم ويعطي ، وأكثر من يفرد يديه بالدعاء للأبناء ، دون أن ينتظرا من هذا أي مقابل ، لأنهما يفعلانه بداعي الحب العميق ، والتضحية التي لا حدود لها .
وتتنوع صور الإحسان إلى الوالدين بأشكال كثيرة ،
فالإحسان إليهما لا يقتصر في حياتهما ، بل يمتدّ إلى ما بعد وفاتهما ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ حقوق الوالدين لا يمكن الوفاء بها أبداً مهما عمل الأبناء من أجلهم ، ويجب أن يكون الإحسان إليهما دائماً ومستمراً ، ومن صور الإحسان هذه ، طاعتهما بالمعروف ، وتلبية احتياجاتهما ، وإنفاذ عهدهما بين الناس ، والإنفاق عليهما ، وإدخال السرور إلى قلبيهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلّا بهما ، والدعاء لهما في حياتهما وبعد موتهما ، والتصدق عنهما .
ولقد وردت الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي حثت على الإحسان إلى الوالدين ، ومن ذلك قوله تعالى :” وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) سورة الإسراء
وما صحّ عن أبي هريرة حيث قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ).
فالأم والأب هما أولى الناس بصحبة أبنائهم ، وهما أكثر من يستحق الخير منهم ،
وقد خصص الله سبحانه وتعالى باباً من أبواب الجنة الثمانية وسماه باب برّ الوالدينن يمرّ به من يبرّ والديه ويحسن إليهما ، لذلك فإنّ طاعة الوالدين طريق إلى الجنة ، وسبب للفوز برضى الله سبحانه وتعالى ، والنجاة من النار .
إنّ الابن الذي يبرّ والديه ويحسن إليهما في الدنيا ، سيبرّه أبناؤه أيضاً ، لأنّ الجزاء من جنس العمل ، ومن يطع والديه سيكون قدوة حسنة لأبنائه ليفعلوا مثل فعله ، والعكس كذلك ، فمن يكن عاقاً لوالديه ، سيعقّه أبناؤه وسيتخلون عنه ، لذلك يجب على كل شخص أن يُحسن لأمه وأبيه ، وأن يرحمهما ، وأن يكون ولداً صالحاً جالباً للخير والسرور لهما ، وأن يزيل الهم والغم من قلبيهما ، ويطلب رضاهما في كلّ وقت .
اللهم اجعلنا من البارين بوالدينا فى حياتهما وبعد مماتهما … اللهم آمين .