الخلل المنهجي في تحديد مفهوم البدعة عند أصحاب الفكر السلفى

بقلم : د . أحمد نبوى
أستاذ الحديث المساعد بجامعة الأزهر

المقال السادس من سلسلة : نقض الفكر السلفى

مسألة البدعة :

ومن أهم أصولهم الخلل المنهجي في تحديد مفهوم البدعة وهو جوهر الأزمة وأساس المشكلة لدى كل التيارات السلفية المعاصرة ومن تأثر بها جيلًا من وراء جيل؛ وقد توهَّموا من حديث (كل بدعة ضلالة) وأشباهِه العمومَ في كل شيء جديد، وتاهُوا وضلُّوا بسبب ذلك، فراحُوا ينكرون أمورًا لم ينكرْها من قبلهم خلفٌ ولا سلفٌ، فقد سبق الصحابة إلى أمورٍ كثيرة لم تسبق في عهده صلى الله عليه وسلم: كجمع القرآن، وزيادة الأذان الأول يوم الجمعة في عهد عثمان، وغير ذلك من الأمور، مما يدل على أن للحديث مقصِدًا خاصًّا بقوله (وكل بدعة ضلالة)، وأن حكم البدع ليس على الإطلاق الذي توهّمه هؤلاء السطحيون.

نقض هذا الأصل:

الذي عليه جماهير علماء الأمة سلفا وخلفا من الحفاظ والمحدثين والفقهاء والأصوليين والمفسرين: تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة، وأنها تجري عليها الأحكام الخمسة، وأن قوله عليه الصلاة والسلام «وكل بدعة ضلالة»: من العام المخصوص. وأن بدعة الضلالة: هي التي تكون في العقائد، أما ما سواها فتجري عليه الأحكام الخمسة.

وإليك طائفةً من جمهور المحدثين شراح البخاري ومسلم وغيرها من كتب السنة ممن قرروا هذا وحرروه والذين هم معنيون أساسًا بفهم الكلام النبوي الحكيم:

1- أخرج الإمام الحافظ البيهقي في كتابه «مناقب الشافعي» (1/469) بسنده عن الإمام الشافعي أنه قال: «المحدثات من الأمور ضربان. أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً. فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا. وهذه محدثة غير مذمومة».

2- الإمام الحافظ أبو سليمان الخطابي (ت388) في كتابه «معالم السنن» (4/301).

3- حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر (ت463)، في كتابه «الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار» (2/53).

4- الإمام الحافظ القاضي عياض المالكي (ت544)، في «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» (1/81).

5- الإمام المحدث اللغوي، ابن الأثير الجزَري (ت606)، في كتابه «النهاية في غريب الحديث والأثر» (1/106).

6- الإمام المحدث، أبو العباس القرطبي (ت656)، في كتابه «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (2/508).

7- سلطان العلماء العز ابن عبد السلام (ت660)، في كتابه «قواعد الأحكام في مصالح الأنام» (2/204).

8- الإمام شيخ الإسلام، محيي الدين النووي (ت676) في كتابه «المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» (6/154).

9- الإمام المحدث الفقيه، ابن الحاج العبدري المالكي (ت737)، كتابه «المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات والتنبيه على بعض البدع والعوائد التي انتحلت وبيان شناعتها وقبحها»؛ وقد ألفه خصيصاً ليحارب به البدع، واعتمد تقسيمها إلى خمسة أقسام.

10- الإمام الكرماني (ت786) في كتابه «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» (9/3).

11- الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي (ت795) في كتابه «جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم» (2/131).

12- الإمام الحافظ الفقيه ابن الملقن (ت804)، في كتابه «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» ى(13/554)، وفي كتابه «المعين على تفهم الأربعين» (ص338).

13- الحافظ ابن الحافظ أبو زُرعة العراقي (ت826)، في «طرح التثريب في شرح التقريب» (3/65).

14- الإمام أبو عبد الله الأُبِّي (ت827) في كتابه «إكمال إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم» (3/23).

15- الإمام الشمس البِرْماوي (ت831) في كتابه «اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح» (6/226).

16- شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852) في «فتح الباري» في مواضع منها قوله: (4/253): «والتحقيق أن البدعة إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة».

17- الإمام العلامة بدر الدين العيني (ت855) في كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (8/396).

18- الإمام الكوراني (ت893)، في كتابه «الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري» (4/331).

19- الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي (ت902) في كتابه «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» (2/61).

20- الإمام الحافظ المتفنن جلال الدين السيوطي (ت911) في كتابه «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» (2/445).

21- الإمام القسطلاني(ت923) في كتابه «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (3/426).

22- شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت926)، في كتابه «منحة الباري بشرح صحيح البخاري» (4/229).

23- الإمام المحدث محمد بن عبد الباقي الزرقاني (ت 1122)، في «شرحه على الموطأ»: (1/418).

24- الإمام الحافظ اللُّغوي، محمد مرتضى الزَّبيدي (ت 1205)، في كتابه «تاج العروس من جواهر القاموس».

25- الإمام المحدث المحقق، محمد عبد الحي اللَّكْنوي (ت1304)، في كتابه: «إقامة الحجة على أن الإكثار في التعبد ليس ببدعة».

26- العلامة المحدث، محمد حبيب الله الشِّنقيطي (ت1363)، في كتابه «فتح المنعم ببيان ما احتيج لبيانه من زاد المسلم» (3/46).

27- العلامة المحقق شَبِّير أحمد العثماني (ت1369) في «فتح الملهم بشرح صحيح مسلم» (5/329- 336).

28- العلامة المحدث المتفنن، عبد الله بن الصديق الغماري (ت1413)، كتابه «إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة»؛ فحرر أقوال العلماء بما لا مزيد عليه.

29- شيخ شيوخنا العلامة الدكتور موسى شاهين لاشين (ت1430)، في كتابه «فتح المنعم شرح صحيح مسلم» (4/98).

30- شيخنا العلامة المحدث الدكتور نور الدين عِتْر (ت1442) في كتابه الماتع النافع «إعلام الأنام شرح بلوغ المرام» (2/121).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *