مدعى السلفية وادخالهم الفروع في الأصول
8 يناير، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

بقلم : د . أحمد نبوى
أستاذ الحديث المساعد بجامعة الأزهر
المقال الرابع من سلسلة : نقض الفكر السلفى
ومن أصولهم أنهم (أدخلوا الفروع في الأصول)، مما انبني عليه بروز فكر التكفير ؛ كجعل التوسل بالصالحين من الأصول مع كونها مسألةً فقهية فرعية.. وقولهم إنه بدعة محرمة وذريعة للشرك، بل إن بعضهم يعده شركا؛ حتى قال أبو بكر الجزائري: “والاستشفاع بأموات المسلمين من أولياء وصالحين… ضلال عقلي وخطأ فكري وفساد ديني يبرأ منه الإسلام وأهله، وهذه أقل أحواله، وإلا فهو شرك في عبادة الله، وفاعله من المشركين بالله تعالى، والعياذ بالله تعالى من الشرك والمشركين”. عقيدة المؤمن ص 93.
نقض هذا الأصل:
1- التوسل هو قول القائل: اللهم إني أسألك بحق النبي أو بجاهه، أو بحق فلان من الصالحين أو بجاهه ونحو ذلك.
2- التوسل مسألة فقهية فروعية، وليس مسألة صوفية ولا عقدية.
3- القول المعتمد في المذاهب الفقهية الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن التوسل بالأنبياء والصالحين أحياء وامواتا جائز ومشروع (راجع بالتفصيل أقوال المذاهب الأربعة في الموسوعة الفقهية الكويتية ج14 ص156 وما بعدها)
4- الأدلة منها: حديث عثمان بن حُنيف في توسل الأعمى، وهو حديث صحيح متفق على صحته بين المحدثين، وهو عام لا يوجد أي دليل على تخصيصه بحياة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وقد ثبت وقوع التوسل في عهد سيدنا عمر بن الخطاب حينما ذهب بلال بن الحارث المزني إلى قبره عليه الصلاة والسلام، والقصة صحيحة ثابتة صححها الحافظ ابن حجر وغيره، وليست ضعيفة كما زعم الألباني!.
5- لا يوجد عالم من السلف أو الخلف حرم التوسل قبل ابن تيمية، وحتى ابن تيمية نفسه نقل عنه تلميذه ابن كثير في البداية والنهاية أنه تراجع عن قوله في تحريم التوسل.
6- ورغم كل هذا نقول من أراد أن يتوسل فليتوسل ومن لم يرد فلا حرج ولا إثم ولا أي شيء عليه، لأنه في النهاية أمر جائز ومشروع فليس فرضا ولا سنة.
7- ولكن يبقى الأمر المهم جدا وهو الذي من أجله نتحدث أصلا.. وهو أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تبديع أو تضليل – فضلا عن الحكم بالشرك على – من يتوسل بالأنبياء والصالحين، ولْيعلم (هذا المبدّع أو المضلّل أو المكفّر) أنه على خطر عظيم لسَيره بسيرة الخوارج الأولين؛ من حيث الاعتداءُ على العقائد وإكْفار الموحدين!!!.
8- فليس الهدف من كل كلامنا السابق والذي سيأتي هو إثارةَ الخلاف والفُرقةِ ولا الدروشةَ ولا غيرها مما يتوهمه بعضُ السطحيين، وليس غرضُنا هو حملَ الناس على هذا الرأي، رغم أنه رأي المذاهب الأربعة وجمهور العلماء سلفًا وخلفا.. وإنما غرضنا هو غلق أبواب فتنة التبديع والتضليل والتكفير والتي رفع لواءها المنتسبون والمتأثرون بالتيارات السلفية المعاصرة، وحماية الأجيال القادمة من الوقوع في براثن التطرف التي وقعت فيها بعضُ الأجيال الماضية.