خطبة بعنوان ( تربية الأولاد) للشيخ يسرى عبدالرحمن
16 ديسمبر، 2024
خطب منبرية

خطبة الجمعة القادمة إن شاء الله:((تربية الأولاد))
جمع وترتيب الشيخ/ يسري عبد الرحمن – أوقاف أسيوط
نعمة الأطفال
– من أهم ما يطمح إليه الإنسان في دنياه، ومن أعز الأمنيات على قلبه، وأجمل الرغبات في نفسه: أن يرزقه الله ذرية طيبة وولداً صالحاً؛ وقد وصف الله عزَّ وجلَّ عباده بأنهم يدعونه أن يهب لهم ذرية نقية صالحة تسعدهم، يقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
فالأطفال نعمة كبرى على الناس؛ تملأ حياتهم بهجة وسروراً، وتزيدها أنساً وحبوراً، وتمنحهم راحة واستقراراً، ويعيشون سعادة وأماناً. وهم زهرة اليوم وثمرة الغد وأمل المستقبل، قال الله تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].
ولقد فهم أصحاب النبي ﷺ عظم المسؤولية واستشعار الأجر فاعتبروا الأولاد أمانة من الأمانات التي يسأل العبد عنها يوم القيامة، ومن أجل عظمة الأمانة والمسؤولية يكون موضوعنا أمانة تربية
الأولاد:
أولا- معني التربية:
لغة: في معجم لسان العرب على أنّها رَبَا يربو أي نما وزاد، كما ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى: (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج: 5]، بمعنى نمت وازدادت إذن التربية أي التنمية
مصدر رَبَّى أي: سَهِرَ عَلَى تَرْبِيَةِ ابْنِهِ تَرْبِيَةً سَلِيمَةً : أَيْ تَهْذِيبُهُ وَتَعْلِيمُهُ وَتَنْشِئَتُهُ
يقال هُوَ سَيِّءُ التَّرْبيَةِ : أَخْلاَقُهُ سَيِّئَةٌ
يَهْتَمُّ بِتَرْبِيَةِ الحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ : أَيْ بِرِعَايَتِهَا وَمُسَاعَدَتِهَا عَلَى النُّمُوِّ وَالانْتِشَاِر
التَّرْبِيَةِ الوَطَنِيَّةِ : دُرُوسٌ تَتَعَلَّقُ بِحُبِّ الوَطَنِ وَمُؤَسَّسَاتِهِ الدُّسْتُورِيَّةِ
التَّرْبِيَةِ البَدَنِيَّةِ : تَمَاريِنُ رِيَاضِيَّةٌ لِلْحِفاَظِ عَلَى نُمُوِّ الجِسْمِ وَتَوْجِيهِ الفَرْدِ نَحْوَ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الرِّيَاضَةِ لِلتَّأَلُّقِ فِيهِ
إصطلاحا:
التربية تعني: ” تغذية الجسم وإمداده بما يُغَذِّيْ فِيْ الإنسان جسماً وعقلاً وروحاً وإحساساً ووجداناً وعاطفة ليشّب قوياً معافى قادراً على مواجهة تكاليف الحياة ومشقاتها.
المفهوم الإسلامي للتربية: هي عملية تنشئة مقصودة تستضيء بنور الشريعة وتهدف إلى تنمية جوانب شخصية الإنسان لتحقيق العبودية لله عز وجل والإعداد للحياة، حتى يستطيع مواجهة الحياة بما فيها ويكون منتجا فاعلا فيها.
ثانيا – فضل تربية الأولاد في الإسلام:
1- إن البيت والأولاد أمانة :
قال تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾[الصافات: 24].وقال تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11].
عن بن عمر قال ﷺ “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ” متفق عليه..
عن أيوب بن موسي أن رسول الله ﷺ قال (ما نَحَلَ والدٌ ولدًا مِن نحْلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ) الترمذي
– عن ابي هريرة عن رسول الله ﷺ: (علِّموا أولادَكُمُ الصلاةَ إذا بلَغُوا سبعًا ، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشْرًا ، وفرِّقُوا بينهم في المضاجِع.البزار
وعن الحاطبي قال: سمعت ابن عمر يقول لرجل: “أدب ابنك فإنك مسؤول عنه ماذا أدبته؟ وماذا علمته؟ وإنه لمسئول عن برك وطواعيته لك” رواه البيهقي.
2- ثواب تربية الأبناء
1- عن ابي هريرة قال ﷺ ” إنَّ اللهَ ليرفعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ فيقولُ يا ربِّ من أينَ لي هذا فيقولُ باستغفارِ ولدِكَ لكَ ”
2-عن أم هانئ فاخته بنت أبي طالب قالت «خطَبَني رسولُ اللهِ ﷺ فقلْتُ ما بي عنْكَ رغبةٌ يا رسولَ اللهِ ولكن لا أُحِبُّ أنْ أتزَوَّجَ وبَنِيَّ صغارٌ فقال ﷺ خيرُ نساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ نساءُ قريشٍ أحْنَاهُ على طفْلٍ في صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ على بَعْلٍ في ذَاتِ يَدِهِ»
*إعتذَرَت لأمريْن:
– خافت أن تنشغل بالنبي ﷺ و تهمل أولادها!!!
– أوأنها تنشغل بأولادها و تهمل أداء حق النبى ﷺ فأعجب بها ﷺ وامتدحها رواه أبو داود.
عن عوف بن مالك. قال ﷺ “أنا وامرأة سَفْعَاءَ الخدين كَهاتَيْنِ يَوْمَ القِيَامَةِ – وأوْمَأ بالْوُسْطَى والسَّبَابَةِ – امْرَأةٌ آمَتْ منْ زَوْجِها ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ وحَبَسَتْ نَفْسَها على يَتاماها حَتَّى ماتُوا أوْ بانوا” ضعيف الجامع
3- أجرٌ لا ينقطع:
عن أبي هريرة قال ﷺ” إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ ، وعلمٍ ينتفعُ به ، وولدٍ صالحٍ يدعو له” رواه مسلم.
لذلك لما علم الصحابة الكرام رضي الله عنهم هذا الثواب والأجر وطبقوه نبغ منهم العلماء وخرج منهم المجاهدون والقادة والعظماء أمثال عبد الله ابن عباس، وعبد الله ابن الزبير، وزيد ابن ثابت، وأسامة ابن زيد، وعبد الله ابن عمر، وعبدالله ابن عمرو ابن العاص، وجابر ابن عبدالله، وقيس ابن سعد ابن عبادة وغيرهم كثير…
فحري بنا أن نقتدي بهم في هذا الشأن خاصة حتي ننال الشرف العظيم في الدنيا والآخرة..
وسائل التربية في الاسلام:
أولا: النية الصالحة:
لما كان إنجاب الولد عبادة يتقرب بها العبد إلي الله عز وجل ويأخذ العبد عليها الثواب كان لا بد للمربي من نية سابقة في تربيته لولده وماذا يريده من الولد،
عن عمر بن الخطاب: قال ﷺ(إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى) رواه البخاري ومسلم.
قصة عن النية الحسنة في الزواج:
رجل وامرأة أنظر ماذا كانت نيتهما في الزواج…
لم يتزوج نجم الدين أيوب (أمير تكريت) لفترة طويلة، فسأله أخوه أسد الدين شيركوه قائلًا: يا أخي لما لا تتزوج ..؟؟! فقال له نجم الدين :- لا أجد من تصلح لي فقال له أسد الدين : ألا أخطب لك ..؟؟ قال : من؟ قال :
– ابنة ملك شاه بنت السلطان محمد بن ملك شاه السلطان السلجوقي، أو ابنة وزير الملك ..
فيقول له نجم الدين :- إنهم لا يصلحون لي ..! فيتعجب منه أخاه فيقول له :- ومن يصلح لك ؟؟! فيرد عليه نجم الدين :
– إنما أريد زوجة صالحة تأخذ بيدي إلى الجنة، وأنجب منها ولداً تُحسن تربيته حتى يشب ويكون فارسًا ويعيد للمسلمين بيت المقدس ..! (هذا كان حلمه)
أسد الدين لم يعجبه كلام أخيه فقال له: – ومن أين لك بهذه ؟؟!فرد عليه نجم الدين :
من أخلص لله النية رزقه الله ..
وفي يوم من الأيام كان، نجم الدين يجلس إلى شيخ من الشيوخ في مسجد بتكريت يتحدث معه،
فجاءت فتاه تنادي على الشيخ من وراء الستار .. فاستأذن الشيخ من نجم الدين ليكلم الفتاة، فيسمع نجم الدين الشيخ وهو يقول لها:
– لماذا رددت الفتى الذي أرسلته إلى بيتكم ليخطبك؟؟!!
فقالت له الفتاة :- أيها الشيخ ونعم الفتى هو من الجمال والمكانة، ولكنه لايصلح لي
فقال لها الشيخ :- ومن تريدين ؟؟ فقالت له : – سيدي الشيخ، أريد فتىً يأخذ بيدي إلى الجنة، وأنجب منه ولدًا صالحاً يصبح فارسًا يعيد للمسلمين بيت المقدس ..!
الله أكبر نفس الكلمات التي قالها نجم الدين لأخيه ..!!؟
نجم الدين رفض بنت السلطان وبنت الوزير بما لهم من المكانة والجمال
وكذلك الفتاة رفضت الفتى الذي له من المكانة والجمال والمال، كل هذا من أجل ماذا ؟؟!
كلاهما يريد من يأخذ بيديه إلى الجنة، وينجبان فارسًا يعيد للمسلمين بيت المقدس ..!!
فقام نجم الدين و نادى على الشيخ: – أيها الشيخ أريد أن أتزوج من هذه الفتاة ..
فقال له الشيخ :- إنها من فقراء الحي .. فقال نجم الدين :
– هذه من أريدها ..وتزوج نجم الدين أيوب من هذه الفتاة (ست الملك خاتون) .. فأنجبت لنجم الدين ولدًا أصبح فارسًا أعاد للمسلمين بيت المقدس ألا وهو (صلاح الدين الأيوبي)
هذا هو تراثنا، .. وهذا هو الذي يجب أن يدرس لأبنائنا ..
ثانيا: حسن اختيار الأم:
على المسلم أن يختار لأبنائه الأم المسلمة التي تعرف حق ربها، وحق زوجها، وحق ولدها، والأم التي تعرف رسالتها في الحياة، الأم التي تعرف موقعها في هذه المحن، الأم التي تغار على دينها، وعلى سنة نبيها ﷺ
كان أبو الأسود الدؤلي يقول لأبنائه لقد أحسنت إليكم في حياتكم وقبل أن تولدوا فقالوا عرفنا إحسانك في حياتنا فكيف إحسانك قبل أن نولد فقال اخترت لكم أما صالحة.
وكذلك حسن اختيار الزوج المناسب ليكون أباً يشعر بمسئولياته، ويقوم بواجباته تجاه زوجته وأولاده،
ثالثا: حسن اختيار الاسم:
لعل من أهم حقوق الطفل نفسياً وفكرياً أن تكون له شخصيته وهويته، وبالتالي يحمل اسماً يعتز به، ولا يكون موضع هزء وسخرية، ولا موضع تهكم واحتقار، بل يكون اسماً ذا معنى محمود، أو صفة طيبة يرتاح لها القلب وتطمئن لها النفس، أو اسماً يبعث على الأمل والفأل الحسن، أو اسماً يدل على الشجاعة والنشاط والهمة..
سمرة بن جندب قال ﷺ: ” كلُّ غلامٍ مرتَهَنٌ بعقيقتِهِ تذبحُ عنْهُ يومَ السَّابعِ ويُحلَقُ رأسُهُ ويُسمَّى “أبوداود.
قال رسول الله ﷺ ” تسمَّوا بأسماءِ الأنبياءِ وأحبُّ الأسماءِ إلى اللهِ عبدُ اللهِ وعبدُ الرحمنِ وأصدقُها حارثٌ وهمامٌ وأقبحُها حربٌ ومُرةٌ “رواه أبوداود
رابعا: الصبر والدعاء:
إن موضوع التربية وتغيير السلوك من أصعب الأعمال التي يقوم بها الإنسان لذلك يحتاج إلي صبر واستعانة بالله عز وجل، فقال تعالى ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ طه: 132
ما إن نزلت هذه الآية إلا وقد وقف النبي ﷺ على خيمة ابنته فاطمة وزوجها على رضي الله عنهما ينادى “الصلاة الصلاة ” في كل صلاة.
خامسا: الرفق واللين:
بالقسوة والتخويف نربي شخصا ضعيفا،
ولقد ذم النبي ﷺ القاسي على أهله عن أبي أمامة الباهلي: قال ﷺ : شرُّ الناسِ الضيِّقُ علَى أَهلِهِ. قالوا : وكيف يكونُ ضيِّقًا عَلَى أهلِهِ ؟ قال : الرجُلُ إذا دخل بيتَهُ خشَعَتِ امرأتُهُ، وَهَرَبَ وَلَدُهُ، وفرَّ عبدُهُ، فإذا خرج ضَحِكَتْ امرَأَتُهُ واستأنسَ أهلُ بيتِهِ.
و قال عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ؛ قَالَ: غَضِبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِهِ، فَهَجَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَوْلَادُنَا ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، وَنَحْنُ لَهُمْ سَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَأَرْضٌ ذَلِيلَةٌ، إِنْ غَضِبُوا؛ فَأَرْضِهِمْ، وَإِنْ سَأَلُوا؛ فَأَعْطِهِمْ، وَلَا تَكُنْ عَلَيْهِمْ قُفْلًا؛ فَيَمَلُّوا حَيَاتَكَ وَيَتَمَنُّوا مَوْتَكَ.
سادسا – إياك والتدليل:
والتدليل يعني تلبية كافة طلبات الابن مهما كانت صعوبتها في أي وقت كان، وهذا يعني:
– إضعاف جانب تحمل المسئولية في الابن لأن جميع طلباته مجابة
– تحكم الابن في أبويه وخضوعهما له
-تمكن مشاعر “التكبر ” و”الغرور ” لدي الابن، وتكراره لعبارة: “أبي لا يرفض لي طلبا “، “أمي لا تقول لي “لا” أبدا”.
– تمرد الابن علي سلطة والديه وعدم احترامه لوالديه أو تنفيذه لأوامرهما.
– تحول الابن المدلل إلي شخص غير قادر علي التكيف الاجتماعي، لأنه دائما يتوقع من أصحابه وأقرانه أن يستجيبوا لغروره وطلباته. فإياك إياك والتدليل ولا تنس قول الشاعر:
سابعا: إتباع منهج النبي ﷺ في التأديب.
كما يلي:
1- معالجة الخطأ بالتوجيه المباشر:
-” ادْنُ يا بُنَيَّ فسَمِّ اللهَ ، و كُلْ بيمينِك ، و كُلْ مِمَّا يليكَ “الترمذي
2- معالجة الخطأ بالإشارة
3- معالجة الخطأ بالعتاب
4- معالجة الخطأ بالتعريض
5 – معالجة الخطأ بالتوبيخ
6- معالجة الخطأ بالزجر
7- معالجة الخطأ بالقدوة العملية:
8- معالجة الخطأ بالمحاولة والتكرار:
9- معالجة الخطأ بالتخويف:
10- معالجة الخطأ بشد الأذن
11 – معالجة الخطأ بالضرب:
عن عمرو بن شعيب أن رسول ﷺ قال: ( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ”ابو داود.
سابعا: العدل بين الأولاد:
لا يميز بين الأبناء ولا يفضل الذكور علي الإناث وكذلك لا يجوز تمييز أحدهم في العطاء والوصية ولا يجوز حرمان أحد من حقه في الميراث فهذا حق فرضه الله تعالى، فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال«مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللَّهُ، قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ»” البيهقي.
عن النعمان بن بشير تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي ببَعْضِ مَالِهِ، فَقالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللهِ ﷺ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إلى النبيِّ ﷺ لِيُشْهِدَهُ علَى صَدَقَتِي، فَقالَ له رَسولُ اللهِ ﷺ: أَفَعَلْتَ هذا بوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قالَ: لَا، قالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلكَ الصَّدَقَةَ.” مسلم
ثامنا: مصاحبته وفن صناعة الحوار:
لابد أن يصنع الآباء حوارا هادفا بين أبنائهم ومن المهم أن يتعلم الآباء فن الإنصات واحترام عقول الصغار ولا يسفهوا من أفكارهم حتى لا يقيموا جدارا بينهم وبين أبنائهم حتى يكون الآباء هم المرجع الوحيد لأبنائهم عند حدوث أي مشكلة حتي لا يضطر الولد أو البنت اللجوء إلي الصديق أو الشارع.
ونحذر ما يسمي في البيوت بالخرس العائلي كل فرد مشغول بحالة ولا أحد يتكلم مع الآخر بسبب الوسائل الحديثة الأب مع التليفزيون، والأم مع الفيس بوك، والأولاد إما مع المحمول، وإما الأصحاب
الخطبة الثانية
خطورة إهمال التربية:
قال ابن القيم رحمه الله :
“فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى : فقد أساء إليه غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء ، وإهمالهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ؛ فأضاعوهم صغاراً .. إلى أن قال رحمه الله : وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء” “تحفة المودود بأحكام المولود”
ولهذا الإهمال نتائج خطيرة منها:
– إتاحة الفرصة لرفقاء السوء أن يصطادوا الأبناء المٌهمَلين من قبل آبائهم.
– سرعة انجذاب الأولاد لداعي الفساد ومنها شيوخ الجريمة في المجتمع،
– ربما انحرف الولد لمستنقع المخدرات
– ألفاظ الشوارع القبيحة الفجة يرددها في المنزل وتصبح متداولة في المنزل ،
أَيَسُرُّ الأب أو الأسرة بأن يكون أبنهم عياذاً بالله بذيء الأخلاق واللسان؟.
ثم هل نتوقع من طفل تربى في أحضان الشوارع أن يذكر والديه بدعوة بعد الممات؟.أ
قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].
– هذا طريق السلامة، إنما يقي العبد نفسه وأهله عذاب الله بالالتزام بالتقوى، والاستقامة على أمر الله، وترك محارم الله، وأن يقوم على أولاده، وأهل بيته وأقاربه، وخدمه الذين له سيطرة عليهم، وغير ذلك حتى يوصيهم بتقوى الله، حتى يأمرهم بتقوى الله، فعليك أيها المؤمن أن تقوم على نفسك وأن تجاهدها لله.
وهكذا أهل بيتك من زوجة وولد، من ذكر وأنثى، وأخوات وغيرهم ممن في بيتك من أهلك، تقوم عليهم، وتوجههم إلى الخير، وتلزمهم بأمر الله، وتكفهم عن محارم الله، وبهذا تقيهم عذاب الله، وهذه النار وقودها الناس والحجارة، فاحذر أن تكون من هؤلاء الناس أنت وأهلك.
أسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم الذرية، وأن يحفظ أولادنا من كل مكروه وسوء، وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.