ورود لفظ “زمن الدجال” فى أحاديث النبى ﷺ

بقلم الدكتور : احمد عبد الرحيم الباحث فى التاريخ الاسلامى

المقال الثانى من سلسلة “زمن الدجال”

ان المتتبع لأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يقرأ ويسمع هذا الاصطلاح (زمن الدجال) فماذا يقصد منه النبى صلى الله عليه وسلم؟

اولاً وقبل كل شئ لابد ان نتعرض الى جانب من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم التى تناول بالذكر فيها زمن الدجال حتى نعرف ما هو المقصود بزمن الدجال.

 ذكر ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ طَعَامِ الْمُؤْمِنِينَ فِي ‌زَمَنِ ‌الدَّجَّالِ، قَالَ: «طَعَامُ الْمَلَائِكَةِ» قَالُوا: وَمَا طَعَامُ الْمَلَائِكَةِ؟ قَالَ: «طَعَامُهُمْ مَنْطِقُهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، فَمَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ يَوْمَئِذٍ التَّسْبِيحَ وَالتَّقْدِيسَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ الْجُوعَ، فَلَمْ يَخْشَ جُوعًا» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاه (تلخيص الذهبى)

 وروى الحاكم في “المستدرك” عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “طَعامُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِيْ ‌زَمَنِ ‌الدَّجَّالِ طَعامُ الْمَلائِكَةِ: التَّسْبِيْحُ وَالتَّقْدِيْسُ، فَمَنْ كانَ يَوْمَئِذٍ مَنْطِقَهُ التَّسْبِيْحُ وَالتَّقْدِيْسُ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُ الْجُوْعَ” وورد بلفظ اخر فى كتاب كنز العمال فى سنن الاقوال والافعال لابن قاضى خان القادرى الشاذلى الهندى (المتقى الهندى ) المتوفى 975 هـ

ففى هذا الحديث ذكر صراحة لفظ زمن الدجال وهو زمن خروجه وظهوره عياناً من غضبة يغضبها ـ كما ان له زمان اخر يسبقة مباشرة ليس كغيره من الازمان فهو زمن تتصاعد فيه فتنه قبل خروجه وهى الممهد لخروجه.

ووردت أحاديث كثيرة أخرى أشارت الى زمن الدجال صراحة دون أن تذكر لفظاً فان مبانى الالفاظ فيها لا يحتمل الا هذا المعنى وهو خروج الدجال منها :

ـ ما جاء فى الحديث المذكور فى تفسير ابن كثير: “إِنَّ الرَّجُلَ لَيَمُرُّ بِالْقَبْرِ – أى فى زمان الدجال – فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ” لما يرى من الفتن والزلازل والبلابل والامور الهائلة التى هى فتنة لكل مفتون ـ فهنا يفسر ابن كثير ان هذا يحدث فى زمان الدجال.

ـ وجاء فى كتاب الفتن لا بن حماد فيما روى عَنْ ابى الطُّفَيْلِ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: «الْفِتَنُ ثَلَاثٌ، تَسُوقُهُمُ الرَّابِعَةُ ‌إِلَى ‌الدَّجَّالِ الَّتِي تَرْمِي بِالرَّضْفِ، وَالَّتِي تَرْمِي بَالنَّشَفِ، وَالسَّوْدَاءُ الْمُظْلِمَةُ، وَالَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ”.

ـ وجاء فى كتاب المصنف لابن ابى شيبة فيما روى عَنْ عامر بن واثلة قال: قال حذيفة: تكون ثلاث فتن، الرابعة تسوقهم ‌إلى ‌الدجال، التي ترمي (بالنشف)، والتي ترمي (بالرضف)، والمظلمة التي تموج كموج البحر.

ـ وجاء فى كتاب الفتن لا بن حماد فيما روى عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، يَقُولُ: ” فِي الْإِسْلَامِ أَرْبَعُ فِتَنٍ، تُسْلِمُهُمُ الرَّابِعَةُ ‌إِلَى ‌الدَّجَّالِ: الرَّقْطَاءُ، وَالْمُظْلِمَةُ، وَهَنَةٌ وَهَنَةٌ “.

ـ وجاء فى كتاب الفتن لا بن حماد فيما روى عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، وَقَالَ، لَهُ رَجُلٌ: خَرَجَ الدَّجَّالُ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: ” أَمَّا مَا كَانَ فِيكُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَلَا وَاللَّهِ، لَا يَخْرُجُ حَتَّى يَتَمَنَّى قَوْمٌ خُرُوجَهُ، وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يَكُونَ خُرُوجُهُ أَحَبَّ إِلَى أَقْوَامٍ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ، وَلَيَكُونَنَّ فِيكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَرْبَعُ فِتَنٍ: الرَّقْطَاءُ، وَالْمُظْلِمَةُ، وَفُلَانَةُ، وَفُلَانَةُ، وَلَتُسْلِمَنَّكُمُ الرَّابِعَةُ ‌إِلَى ‌الدَّجَّالِ، وَلَيَقْتَتِلَنَّ بِهَذَا الْغَائِطِ فِئَتَانِ، مَا أُبَالِي فِي أَيِّهِمَا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ كِنَانَتِي “.

وستنعرض لتفسير تلك الفتن (الرقطاء والمظلمة والمظلمة السوداء والتى ترمى الرضف ، والتى ترمى بالنشف والهنة) فيما بعد ان شاء الله تعالى.

فالحديثان المذكوران سلفاً وضحت ان هناك فتناً ستكون قبل خروج الدجال منها فتنة ستكون سابقة على خروج الدجال مباشرة ويتصل زمانها بخروج الدجال مباشرة ـ وهى الفتنة الرابعة ـ وكذلك ورد اللفظ ضمناً فى الاثر الوراد فى كتاب اخبار الدولة العباسية فيما رواه أبو أسامة عن زائدة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم: أنّه كان يسمعهم يقولون: يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة، قال ما أحمقكم! إن بعد الاثني عشر ثلاثة منا: السفاح والمنصور والمهديّ يسلّمها ‌إلى ‌الدجال. قال أبو أسامة: وتأويل هذا عندي ولد المهدي يسلّمونها ‌إلى ‌الدجال ـ يعنى ان بنى العباس يلون الخلافة حتى زمن الدجال.

ـ وما جاء فى المعجم الكبير للطبرانى انه روى عن ام سلمة قالت: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرُوا الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ فَقَالُوا: وَلَدُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “لَنْ يَصِلُوا إِلَيْهَا أَبَدًا وَلَكِنَّهَا فِي وَلَدِ عَمِّي صِنْوِ أَبِي حَتَّى يُسْلِمُوهَا ‌إِلَى ‌الدَّجَّالِ” ـ يعنى زمن الدجال.

ـ وروى ذلك الحديث بلفظ آخر فى كتاب الفردوس بمأثور الخطاب لابى شجاع الديلمى الهمذانى عن أم سَلمَة رضى الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لن تزل الْخلَافَة فِي ولد عمي صنو أبي الْعَبَّاس حَتَّى يسلموها ‌إِلَى ‌الدَّجَّال” ـ يعنى زمن الدجال، وكذلك ورد على هذا النحو فى كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر.

ـ وجاء فى كتاب مختصر تاريخ الذهبى عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان إذا سمعهم يقولون: يكون في هذه الأمة اثنا عشر خليفة، قال: “ما أحمقكم! إن بعد الأثنى عشر ثلاثة منا: السفاح، والمنصور، والمهدي يسلمها ‌إلى ‌الدجال”. يعنى الى زمن الدجال.

ـ وجاء فى كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لنور الدين الهيثمى عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ عِنْدِي لَحَدِيثًا، وَلَوْ أَرَدْتُ أَنْ آكُلَ بِهِ الدُّنْيَا أَكَلْتُهَا، وَلَكِنْ لَا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ حَدِيثٍ أَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ، قَالَ أَبِي: قُلْتُ: مَا هُوَ؟ فَقَالَ: لَمَّا خَرَجَ زَيْدٌ أَتَيْتُ خَالَتِي الْغَدَ فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّهُ قَدْ خَرَجَ زَيْدٌ فَقَالَتْ: الْمِسْكِينُ يُقْتَلُ كَمَا قُتِلَ آبَاؤُهُ. فَقُلْتُ لَهَا: إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُ ذَوُو الْحِجَا. فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرُوا الْخِلَافَةَ فَقَالَتْ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرُوا الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ فَقَالُوا: وَلَدُ فَاطِمَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” لَا يَصِلُونَ إِلَيْهَا أَبَدًا وَلَكِنَّهَا فِي وَلَدِ عَمِّي وَصِنْوُ أَبِي حَتَّى يُسَلِّمُوهَا ‌إِلَى ‌الدَّجَّالِ». رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ ـ والمراد حتى يسلموها الى الدجال يعنىالى زمن الدجال.

ـ وجاء فى كتاب جامع الاحاديث للسيوطى الحديث الشريف عن النبى صلى الله وسلم “لن تزال الخلافة فى ولد عمى صنو أبى العباس حتى يسلموا ‌إلى ‌الدجال ” كما جاء كتاب الديلمى عن أم سلمة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *