كيف تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر؟!
9 أكتوبر، 2024
منبر الدعاة

بقلم الشيخ / احمد عزت حسن
باحث فى الشريعة الإسلامية
إن من فاقرة الفواقر أن يتعلل البعض بالتكاسل عن الصلاة للسلوك الخاطئ لبعض المصلين، ويقولون هؤلاء يصلون ولا ينتهون عن المنكر، ولو كان فى الصلاة خير لأثرّت فيهم!!!
ونريد أن نرد على هؤلاء ببيان أثر الصلاة -الحقة- على الفرد والمجتمع وكيف تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر ويكون فيها فائدة للجميع، وأن الصلاة تؤثر فى المصلى وتغير من سلوكه، حقيقة لا خيال، فكيف تكون صلاتنا حياة؟
إن الصلاة ما هى إلا حركات وسكنات الجسد من قيام وركوع وسجود، هذه الحركات هى الصورة الظاهرة للصلاة ليست هى التى تنهى عن الفحشاء والمنكر وتؤثر فى صاحبها وتعدل سلوكه، وتجعله يحيا بالصلاة ويشعر معها بسعادة الروح ولذة الطاعة فيترقب وقت دخولها ويقبل عليها بشغف وسرور كما يقبل الظمان على الماء، تلك السعادة التى كان يحياها سيد الخلق وحبيب الحق ﷺ، فكان يقوم من الليل حتى تتفتر وتتورم قدماه دونما شعور من تعبٍ أو ألم، لماذا؟
لأنه كان فى حياةٍ روحيةٍ، هذه الحياة هى حياة القلب
القلب الذى هو موضع نظر الله
أين قلبك أثناء الصلاة يا أخى؟!
ما شعورك أثناء الصلاة؟ وما سلوكك بعدها؟
إن الإجابة هى التى تحدد قدر الصلاة فى قلبك، ومدى تأثيرها على سلوكك،
فالكثير منا لا يحيا صلاتة على هذه الصورة ، يؤديها فى تباطؤ كأنما يتخلص من عبءٍ ثقيل يلقيه عن عاتقه مع أن الصلاة هى تلك الفريضة التى تغطى أركان الإسلام كلها، وتشتمل على معالم أركانه كلها،
وهى الأساس الذى تُبنى عليه قبول جميع الأعمال والطاعات
إن الصلاة التى فيها كل ذلك والتى يتحقق من خلالها العبودية الحقّة لله وإلاخلاص والتذلل لله، هى الصلاة الخاشعة التامة الركوع والسجود، وهذه الحركات ليست هى التى تنهى الفحشاء والمنكر ولكن معناها هو الذى ينهى، فتعالوا أخوتاه لنعيش بالصلاة ونرى كيف تغير سلوكنا؟ وأول شروط صحة الصلاة هو
■ الطهارة من بدن وثوب ومكان؛ إذ لا يليق نقف بين يدى الله فى مكانٍ غير نظيف أو به نجاسة ولا ببدن غير طاهر حسيًا أو معنويًا أو غير مستور العورة
فإذا كان الناس يحرصون على نظافتهم عند مقابلة ذوى المكانة فأولى بالمسلم أن يفعل ذلك عند مقابلة الله
* فعند الوضوء يفكر جيدًا فيما يقوم به من أعمال الوضوء
إذ كيف كانت هذه الأعضاء في الأصل من ماء مهين ثم الله هو الذى طوّرها حتى اكتمال الصورة الإنسانية فى ذلك الهيكل المعجز، فإذا أبصر الإنسان فى الوضوء هذه الحقائق، فيكون قد تطهر ظاهرا فى أعضائه وباطنا فى فكره وقلبه
* والمسلم الذى يداوم على الطهارة فى الجسد والثوب والمكان يكتسب ذوقًا رفيعًا ومشاعر ساميةً واشمئزازًا من النجاسات والقاذورات بخلاف الذى لا يعتادها فإنه يهبط فى ذوقه وأحاسيسه وأيضا أخلاقه
* ومع اشتراط النظافة لكل صلاة فإنها تجعله فى معظم أوقاته -إن لم تكن كلها- طاهرًا طيب الرائحة مألوفًا
ومع ذلك طهارة الباطن ألزم للوقوف أمام الله الذى لا تخفى عليه خافيه فالقلب هو موضع نظر الله،
** الوضوء علامتك التى يتعرف عليك بها النبى ﷺ يوم القيامة لترد الحوض
* وهو أيضًا علامة الذين سيشفع لهم؛ لأن النار تأكل الإنسان إلا آثار الوضوء.
تصور نفسك وأنت واقف بين يدى الله تؤدى الصلاة ولسان حالك يقول لربك يارب لقد نهيتنى ورسولك عن الغيبة و…. ولكن أنا لازلتُ متلبسا بها مخالفا لأمرك
لقد أمر الله بالطاهرتين “وثيابك فطهر والرجز فاهجر” قال العلماء والمعنى المبالغة في طهارة الظاهر -الثوب- والباطن -الرجز- فلو تأملنا في أعمال الوضوء
إن تطهير هذه الجوارح من الآثام يجب أن تطهيرها بالماء وأن ينال منا الإهتمام الأكبر، فإذا جنّبت هذه الجوارح الكبائر فمن رحمة الله أن يجعله تطهيرا من الصغائر ففى مسلم عن أبى هريرة قال النبى ﷺ: “إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه… رجليه ..حتى يخرج نقيا من الذنوب”
** وفرصة أخرى للمغفرة “من توضأ.. فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء”
فكأن الوضوء توبة من الذنوب وغسل لها ومسح لحياة مضت واستئناف لحياةٍ جديدة وعهد جديد نحو حياة الطهر والعفاف
* أيضا يتذكر أثناء الغسل موقف القيامة
فمن آخذٌ كتابه بيمينه وآخذٌ بشماله ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه،…